|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"لأن الناموس بموسى أعطي. أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا." بعد أن قدًّم يوحنا الإنجيلي المسيح في الآيات السابقة على أنه الكلمة الأزلي والحياة الذي صار نورًا للناس وأنه الخالق الآتي للعالم فترفضه خاصته، وهو كان مملوءًا نعمة وحقًا وفيه نحن نمتلئ. يقول الآن أنه هو يسوع المسيح= ويسوع تعني مخلص، والمسيح أي المسيا المنتظر بحسب الأنبياء. لأن الناموس بموسى أعطى، أما النعمة..= الناموس كان مؤدبنا إلى المسيح، هو يشير للخطية ويخيف من عواقبها، لكنه لا يعطي قوة. أما النعمة أي القوة التي تعين على الخلاص فهذه قد كانت بالمسيح. الناموس لم يكن يستطيع سوى أن يحرم ويمنع ويعاقب، والإنسان تحت الناموس كان يمتنع عن الخطية خوفًا لا حبًا، كان الإنسان قد فسد من الداخل، وأما النعمة فهي تجعل المؤمن خليقة جديدة لها قوة مستمدة من المسيح الذي يحيا فينا. هنا يضع يوحنا الناموس في مقابل النعمة. لأن الناموس يدين والنعمة تعين وهذا لا يستطيعه الناموس. الناموس شَخَّص وحكم على الإنسان بالموت، شخص الخطية وأجرة الخطية موت. والحق= عكس الحق هو الباطل. والباطل أي العدم كظاهرة السراب. وسليمان الحكيم قال عن العالم بكل ما فيه باطل الأباطيل. فمن يجري وراء لذات العالم يكون كمن يجري وراء سراب، هو لن يجني شيئًا. لذلك قال أرمياء بلسان الله "تركوني أنا ينبوع المياه الحية لينقروا لأنفسهم أبارًا أبارًا مشققة لا تضبط ماء" (أر13:2). وبنفس المعنى يقول معلمنا يوحنا "لا تحبوا العالم.. والعالم يمضي" (1يو15:2-17). فمن هو أعمى سيظل يجري وراء العالم ظانًا أن فيه شبع، لكنه لا يدري أنه يجري وراء سراب باطل. وأما من فتح المسيح عينيه وحرره من حب هذا العالم، مثل هذا سيطلب الحق أي المسيح. أليس المسيح هو الحياة، والحياة كانت نور الناس. فبالمسيح ندرك بطلان هذا العالم، بل ندرك المجد المعد لنا في السماء. ففي المسيح وحده شبع الإنسان "تعرفون الحق والحق يحرركم" (يو32:8) فمعرفة المسيح ستشبع النفس والروح فلا تعود النفس تجري وراء أوهام باطلة، والروح القدس يعطي استنارة فنختار المسيح المشبع دون العالم الباطل. ولنعرف صدق ذلك، لنرى أن أعلى نسب انتحار وأعلى نسب تردد على الأطباء النفسانيون هي في أغنى دول العالم حيث كل شيء متاح. حقًا كل المطالب المادية متاحة ولكن بلا شبع حقيقي، فهم ظنوا الإنسان جسدًا فقط بلا روح. والروح لا تشبع سوى في الله خالقها. والمسيح ما جاء لينقض الناموس (مت17:5)، بل ليكمله (مت38:5-39) والناموس كان ناقصًا لسببين: 1- كان اليهود غير قادرين على ما هو أكثر(مر2:10-9). 2- الناموس كان أداة تأديب وليس قوة تغيير، لأن الناس كانت تمتنع عن الخطية خوفًا من عقوبات الناموس. أما النعمة فجاءت ليتكمل الإنسان، لذلك قال المسيح على الصليب "قد أكمل" وفي ظل النعمة يمتنع الإنسان عن الخطية بإرادته الحرة حبًا في المسيح. وهذا الحب كان بالروح القدس عطية العهد الجديد. |
|