|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يوسف: نال يوسف "رجل الأحلام"، الابن البكر لراحيل مدحًا أكثر من كل إخوته، فقد كان أمينًا في علاقته مع الله ومحبًا للجميع كابن أو كأخ أو كعبد أو كأجير أو كسجين أو كقائد في القصر... لذا دعاه أبوه "غصن شجرة مثمرة"، وقد كرر العبارة مرتين إشارة إلى أن الثمرة هي ثمرة الحب، لأن رقم 2 كما يقول القديس أغسطينوس: [يشير إلى الحب، إذ يجعل الاثنين واحدًا. كان يوسف غصنًا يثمر حبًا سماويًا مرتفعًا إلى فوق لا يعوقه حائط الظروف المحيطة أو الأحداث]، إذ يقول: "يوسف غصن شجرة مثمرة، غصن شجرة مثمرة على ماء، أغصان قد ارتفعت فوق حائط، فمررته ورمته واضطهدته أرباب السهام، ولكن ثبتت بمتانة قوسه وتشددت سواعد يديه" [ 22-34]. يوسف يمثل النفس البشرية الأمينة للرب التي لا تتوقف عن تقديم الحب الروحي بالرغم من كثرة المقاومات وشدة الحرب الروحية. فالنفس تكون في الرب غصنًا مثمرًا مرتبطة بالأصل كقول السيد: "أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذي يثبت فيَّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير، لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5). إنه الغصن الذي يرتبط بعين ماء الروح القدس فيهبه حياة وثمارًا، ويتكاثر فيصير أشبه ب "أغصان قد ارتفعت فوق حائط" الزمان منطلقة نحو السماء. خلال هذا الثبوت في المسيح والتمتع بعمل الروح القدس تواجه النفس من إبليس وجنوده "أرباب السهام" حربًا مريرة تكشف عن نصرته وتزكيته. يرى القديس هيبوليتس أن الحديث هنا ينطبق بالأكثر على السيد المسيح الذي حسده إخوته وقام ضده "أرباب السهام" أي "قادة الشعب" بمشورتهم المرة، لكن أقواسهم انكسرت وانهارت سواعد أيديهم معلنًا النصرة على الصليب ضد القوات الشريرة. أما تشبيه السيد المسيح بغصن فقد تكرر كثيرًا خاصة في سفر زكريا (3: 8). لقد عزل أبناء يعقوب أخاهم يوسف عنهم وباعوه كبعد يعيش بعيدًا عنهم في مذلة، فإذا به يره يعقوب "نذير أخوته" [26]، أي المكرس لله عن أخوته... تمتع ببركات علوية وخيرات أرضية فائقة، إذ باركه أبوه هكذا: "من يديّ عزيز يعقوب، من هناك من الراعي صخر إسرائيل، من إله أبيك الذي يعينك ومن القادر على كل شيء الذي يباركك تأتي بركات السماء من فوق وبركات الغمر الرابض تحت، بركات الثديين والرحم، بركات أبيك فاقت على بركات أبويّ. إلى منية الآكام الدهرية تكون على رأس يوسف وعلى قمة نذير إخوته" [24-26]. يطلب يعقوب لابنه يوسف كل بركة ممكنة، فيسأل عنه الله "عزيز يعقوب" أي إلهه المحبوب لديه، الراعي والصخر المعين له، يطلب من القدير أن يبارك ببركات السماء وخيرات الأرض وكثرة النسل (بركات الثديين والرحم)، لينال أكثر مما نال إسحق من إبراهيم ويعقوب من أبيه إسحق (بركات أبيك "لك" فاقت على بركات أبويّ)، سائلًا أن تكون البركة إلى منية الآكام إلى أقصى حدود التلال العالية التي لا يفنيها الدهر. هكذا أحب يعقوب ابنه يوسف أكثر من نفسه طالبًا من إلهه أن يهبه أكثر مما ناله هو من بركة والده وأن تعم البركة نفسه (بركات السماء) وجسده (بركات الغمر الرابض تحت) وكل طاقاته ومواهبه (بركات الثديين والرحم) ليكون مباركًا أبديًا ونذيرًا عن إخوته يشفع عنهم. |
|