|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عطايا الله البايا شنودة الثالث أقصى ما كانت تطلب القديسة أليصابات، أن يكون لها ابن. ولعلها نسيت هذه الطلبة بعد أن شاخت، بل أن زوجها زكريا الكاهن استصعب هذا الأمر حينما بشره به الملاك ولم يصدقه (لو 1: 18) كأن أوان طلبه قد فات. ولكن الرب وهب زكريا وأليصابات، أعظم من ولدته النساء. وهبهما هذا الأمر العظيم دون أن يطلباه. وهبهما الملاك الذي يهيئ الطريق قدامه (مر 1: 2). وهبهما إنسانًا يكون عظيمًا أمام الرب، ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس، ويتقدم أمام الله بروح إيليا وقوته (لو 1: 15-17). وهبهما إنسانًا قال عنه المسيح إنه "أعظم من نبي" وأنه "لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان" (متى 11: 9-11). كل هذا ما كانت تطلبه أليصابات، ولا طلبه زكريا.. أنه عظم كرم الله الذي يعطي بسخاء فوق ما نطلب.. مهما طلبنا ستكون طلباتنا أقل بكثير من مستوى جود الله وكرمه، الذي يعطي بسخاء. كل ما تطلبه العاقر أن يكون لها ولد. ولكن الرب يقول لها في سفر إشعياء النبي: "أوسعي مكان خيمتك، ولتبسط شقق مساكنك.. لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار. ويرث نسلك أممًا، ويعمر مدنًا خربة" (إش 54: 1-3). كل هذا يعطيه لها دون أن تطلب. ألعل هذا يشير إلى كنيسة الأمم العاقر التي لم تطلبه؟! وألعل هذا يشير إلى أية أقلية ضئيلة، أو إلي أية نفس خالية من الفضائل، عاقرًا من جهة عمل الروح فيها..! ومثال أخر تلك الخاطئة المدوسة بدمها في سفر حزقيال. لعل كل ما كانت تطلبه أن يغسلها الرب فتطهر، مجرد أن تتوب ويقبل توبتها أما الرب الحنون الكريم في عطاياه فيقول لها: "حليتك بالحلي.. ووضعت تاج جمال على رأسك.. وجملت جدًا جدًا فصلحت لمملكة. وخرج لك أسم في الأمم لجمالك، لأنه كان كاملًا ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد الرب" (حز 16: 11-14). إنها درس في الرجاء. التي لم تنتظر شيئًا، نالت كل شيء.. إن الله لا يستح من بنوتنا له، إن وجد نفوسنا مطروحة على الحقل، مدوسة بدمها، عارية ومكروهة (حز 16: 5، 6). بل إنه يغسلنا ويطهرنا، وينزع عنا عارنا، فنصير له، ويطرح علينا بهاءه.. ويضع تاج جمال على رؤوسنا.. حقًا ما أعظم الرجاء بالرب. إن الله لا يعطي بمكيال، بل يسكب سكبًا، بسخاء، إنه يفتح لنا كوي السماء، ويفيض علينا بركه لا توسع (ملا 3: 10)،حتى نقول له: كفانا كفانا.. كل هذا دون أن نطلب.. إنه لا يغسل الخاطئ فقط، بل يجعله أبيض من الثلج.. لم يسمح فقط بقبول الابن الضال، بل أغدق عليه من كرمه وحنوه، حتى جعل خاتمًا في إصبعه، وألبسوه الحلة الأولى، وذبحوا له العجل المسمن، وأقاموا فرحًا برجوعه (لو 15: 22، 23). أكان هذا الابن يطلب شيئًا من هذا كله، وهو الذي فكر أن يقول لأبيه "اجعلني كأحد أجرائك" (لو 15: 19). ولكن أباه أعطاه كل هذا دون أن يطلب، وفي وقت كان يستحي فيه أن يطلب شيئًا.. إن الله لا يعطي من أجل طلباتنا أو استحقاقنا.. إنما يعطي من أجل جوده وكرمه، وزمن أجل احتياجاتنا. طبعه هكذا كريم وحنون وطيب. وطبعه هذا يغرس في قلوبنا الرجاء مهما كان حالنا، ومهما كنا غير مستحقين لشيء. وقصص الكتاب لا تنتهي في هذا المجال، إنما نحن نذكر منها مجرد مثال أو بعضًا من مثال.. يوسف الصديق كل ما كان يطلبه أن يخرج من السجن.. ولكن الله جعله الوزير الأول في مصر والثاني في المملكة.. أكان يوسف الصديق يطلب هذا أو يحلم به، كلا بلا شك. ولكن الله الحنون يعطي دائمًا دون أن نطلب. وقصة يوسف تبعث الرجاء في كل قلب.. هذا الذي ساءت حالته إلى أبعد حد وبيع كعبد، وألقي في السجن، وطالت به المدة في سجنه، ولاحقته تهمة هو بريء منها.. ومع ذلك أصلح له الله كل أموره، وأعطاه ما لم يخطر له على بال.. ويظهر كرم الله وعطاياه في مواعيده العجيبة. هذا الذي قال: "ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر" (متى 28: 20) "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم" (متى 18: 20). إنه يعطينا هذه الوعود المعزية كلها دون أن نطلب. وتظهر محبة الله لنا أيضًا في دعوته الإلهية. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
عطايا الله كافية |
عطايا الله الجزيلة |
من جعل نفسه مسؤولا من الله نال بسخاء كل عطايا الله |
عطايا الله |
عطايا الله |