|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وعُدّوا طولَ أناةِ ربِّنَا وَسيلَةً لِخلاصِكُم (2بط 15:3) يُوحَنَّا الْمَعمدان كَانَ يُخاطِبُ الجُموعَ، قَائِلًا: ﴿أَثْمِروا ثَمرًا يَدُلُّ عَلَى تَوبَتِكم... فَكُلُّ شَجرَةٍ لا تُثمِرُ ثَمرًا طَيِّبًا، تُقطَعُ وتُلقَى في النَّار﴾ (متّى 8:3، 10). وكُنَّا قَدْ تَحَدّثنَا في إنجيلِ الأحدِ الْمَاضي، (مَثلِ الابْنَين)، عَنْ ضَرورةِ التَّوبَةِ مِفتَاحًا لِنَجَاةِ كُلِّ خَاطِئ. والّذي يحدُثُ في إنجيلِ هَذَا الأحَد، أَنَّ الكَرَّامينَ أَصَرُّوا عَلَى شَرِّهِم، وتَمرَّدوا عَلَى رَبِّ الكَرم، وأثْمَروا عِصيانًا، فَكَانَ الهَلاكُ نَصيبَهم! فَالتَّائِبُ بِتَوبَتِهِ يَنْجُو ويحيَا، والخاطِئُ بِخطيئتِهِ يَهلكُ ويَفنَى! دَعونا نَعودُ مُجدَّدًا لِقَولِ الرّبِّ عَلَى لِسانِ أَشعيا: ﴿أَيُّ شَيءٍ يُصنَعُ لِلكَرْمِ، ولَم أَصنَعْه لِكَرْمي؟﴾ (أش 4:5). اللهُ يا أَحِبَّة، يُوفِّرُ لَنَا أَسبَابَ الخَلاصِ ويَمنَحُنَا سُبُلَ النِّعمَة. أَعطَانا الإنجيلَ شَريعَة، جَعلَ الكَنيسةَ مُعلِّمَة، وَضَعَ الأسرارَ قَنَواتِ نِعمَة. فَلِماذَا لا نُحسِنُ استِخدَامَها كَمَا يَجِب؟! على سبيلِ الْمثال، أَينَ أَنت مِنْ سرِّ الاعترافِ والْمُصَالَحة؟ أَينَ أَنتَ مِن سرِّ القُربانِ الأقدسِ والْمُنَاوَلَة؟ اللهُ أَعَدَّ كَرمَهُ خَيرَ إِعْدَاد، ووَفّرَ لَنَا كُلَّ السُّبُلِ الّتي تُسَاعِدُنَا عَلَى الإثمارِ ثمارًا طَيّبَة. فَإنْ كَانَ أَحدٌ يُثمِرُ ثمارًا دَنيئَةً، فالخَلَلُ فيه. وإنْ كَانَ رَبُّ الكَرمِ صَبورًا، فَلِكي يُصلِحَ كلٌّ مِنَّا مَا فيهِ مِنْ خَلَل. كَمَا يَقولُ القدّيسُ بطرس في رسالتِهِ الثّانية: ﴿وعُدّوا طُولَ أَناةِ ربِّنَا وَسيلَةً لِخلاصِكُم﴾ (2بط 15:3). وإنْ كانَ صَبرُ اللهِ لا يَنفَذْ، لأنّهُ طَبيعَةٌ في اللهِ أَزَليّة، فَأعلَمْ، أَيُّها الإنسانُ الفَاني، أنَّ وَقتَكَ هوَ الّذي يَنفَذْ وينتَهي. حِينَها يَنَالُ كُلٌّ الجَزاءَ الّذي يَستَحِق. فَإمَّا أَنْ تَنَالَ الْمَلكوتَ الْمُعَدَّ لَك مُنذُ إِنْشَاءِ العَالم (متّى 34:25)، وإمَّا أَنْ يُنتَزَعَ الْمَلكوتُ مِنك، وتحرمَ هَذا الْميراثَ والثَّواب، ويكون مصيرُك مَصيرَ الكرّامينَ القَتَلَة! وكَمَا أنَّ الشَّجَرَةَ الطّيبَةَ تُعرَفُ مِن ثمارِها الَتي يُنتَفَعُ بِهَا، فَكَذلِكَ الْمُؤمِنُ الصَّالِحُ يُعرَفُ مِنْ ثَمارِه الحَسَنَة! وفي هَذا الشّأنِ يُخاطِبُنا الرّبُّ قائِلًا: ﴿مِنْ ثِمارِهِم تَعرِفونَهُم. كُلُّ شَجَرَةٍ طَيّبةٍ تُثمِرُ ثِمارًا طَيّبة، والشَّجَرَةُ الخبِيثَة تُثمِرُ ثِمارًا خَبيثَة﴾ (متّى 16:7-17). فَمِنَ الشَّجَرِ خُذوا الدَّرسَ والعِبرَة! فَكَمَا أَنَّ الثِّمارَ تحتاجُ وَقتًا حَتّى تَنضُجَ، ويُحكَمَ عَلَى مَدَى صَلاحِهَا، فَكَذلِكَ هُوَ الإنسَان! لا يُعرَفُ صَلاحُ جَوهَرِه، وحُسْنِ إيمانِهِ وتَقوَاه، إلّا عِندَما يُعطي ثِمارَه! فَلا تَخدَعَنَّكَ كَثرَةُ الأوراقِ ونُضرَتُها، قَبلَ أن تَذوقَ الثِّمَار! قَالَ الرّبُّ مُخاطِبًا نَبيَّهُ صَموئيل: ﴿إنَّ الإنسانَ إنّما يَنظُرُ إلى الظَّواهِر، وأَمَّا الرّبُّ فإنَّهُ يَنظُرُ إلى القَلب﴾ (1صمو 7:16). خِلافُ ذَلك، لَهُ نَتيجَةٌ مَأساويِّة: ﴿كُلُّ غُصنٍ فِيَّ لا يُثمِر يَفصِلُهُ﴾ (يو 2:15). وعَلَيه، الْمَسيحُ لا يَبحَثُ عَنْ أَعدَاد، بِقَدرِ مَا يَطلُبُ فَعَالِيّةً وجُودَة. فَمَا الفَائِدةُ مِنْ وُجودِ مَا يَقرُبُ مِنْ مِليارَين ونِصفِ الْمَليارِ مَسيحيِّ في العالَم، إنْ كَانَ كَثيرٌ مِنهُم لا يُثمِرُ ثمرًا يَدلُّ عَلَى انتِمَائِهم لِلْمَسيح؟! فَ: ﴿مَنْ لا يَثبُت فِيَّ، يُلقَ كالغُصنِ إلى الخارجِ فَيَيبَس، فَيجمَعونَ الأغصان، ويُلقونَها في النّارِ فَتَشتَعِل﴾ (يو 6:15). |
|