الناردين الخالص
ما دام الملك في مجلِسِه أَفاحَ نارديني رائحته
( نش 1: 12 )
تقول العروس: «مادامَ الملك في مَجلسهِ أفاح نارديني رائحته». والناردين الذي تُشير إليه المحبوبة هنا هو زيت عطري يُستخلص من نبات نادر، ينمو على سفوح جبال همالايا في الهند. ونظرًا لندرته واستيراده من بعيد، كان ثمنه مرتفعًا. وهو يحدِّثنا عن ذاك المجيد المرتفع الذي تنازل من أعلى قمة ووصل إلى مساكين الأرض. لقد جاءنا المسيح من بعيد، من حضن الآب، ونبت في بيئة حارة، تكثر فيها التجارب، ولكن تحمَّل الكل بصبر، وتصاعدت منه الروائح التي سرَّت قلب الله (انظر على سبيل المثال متى12: 14- 21).
تقول المحبوبة هنا إنه عندما يجلس الملك إلى المائدة، فإنها لديها ناردين، تفيح رائحته في هذه الجلسة. فإن لم تَفح رائحة الناردين في مثل هذه المناسبة، فمتى تفيح؟؟
والطيب هو ”اسم المسيح“. تقول العروس: «اسمُكَ دُهنٌ مُهراقٌ» (ع3). وعليه فيكون سكب الطيب ونشر عبيره في المكان يُشير إلى السجود الذي يعني أننا نقدم المسيح، الدهن المُهراق، للآب. وما أجمل أننا ننشغل بمجد المسيح، وأن يمتلئ القلب به ويفيض. فالسجود هو فيض قلب شبع بالمسيح وامتلأ به. فإذا فاض هذا القلب، فبمَن يفيض؟ وعن أي شخص يتكلم؟ الإجابة: «فاض قلبي بكلامٍ صالحٍ، متكلمٌ أنا بإنشائي للملك. لساني قلمُ كاتبٍ ماهرٍ. أنت أبرع جمالاً من بني البشر» ( مز 45: 1 ، 2).
وهناك فارق بين الشكر والسجود. الشكر يكون على شيء أخذته من الرب، وهذا جميل، لكن أجمل منه المشغولية به هو نفسه؛ أي بشخص المسيح. عندما أتى الرب لزيارة إبراهيم ليعطيه الوعد بإسحاق قال له: «إني أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابنٌ» ( تك 18: 10 ). وإن كان سرور إبراهيم بالابن عظيمًا، فقد كان سروره بالرب الذي سيرجع إليه أعظم. ونحن متأكدون من ذلك لأن الرب عندما امتحن إبراهيم بأن يقدم ابنه له، لم يتأخر ولم يتباطئ، بل بكَّر صباحًا ليقدمه كما أمره الرب. وهكذا، فعند الأتقياء شخص الرب أفضل من عطاياه.