|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وَيْلٌ لِيّ لأَنِّي صِرْتُ كَجَنَى الصَّيْفِ، كَخُصَاصَةِ الْقِطَافِ. لاَ عُنْقُودَ لِلأَكْلِ، وَلاَ بَاكُورَةَ تِينَةٍ اشْتَهَتْهَا نَفْسِي. [1] صورة مؤلمة عن مدى الجفاف الذي حلَّ بالمملكة بسبب الشر. هذا يتناسب مع عصر آحاز أشر ملوك يهوذا أو بداية عصر حزقيا قبل حركة الإصلاح. ويرى البعض أنه يتنبأ عما ستؤول إليه المملكة في أيام منسى. تبدو يهوذا وأورشليم كبستان بعد القطاف، منظر الأوراق جميل للغاية، لكنه لا يجد الإنسان عنقودًا واحدًا ولا تينة يأكلها. بقوله: "ويل ليّ" يحسب أن ما حلّ بالمملكة كلها إنما كما لو حلّ به وحده، إذ ينسب كل مرارة يعيش فيها الشعب إنما يذوقها هو. هذه هي مشاعر رجال الله الصادقة، فنسمع أنات إرميا النبي: "أحشائي! أحشائي! توجعني جدران قلبي. يئن فيَّ قلبي!" (إر 4: 16). "من مُفرج عني الحزن؟ قلبي يئن فيّ... من أجل سحق نبت شعبي انسحقت. حزنت، أخذتني دهشة" (إر 8: 18، 21). * من المتكلِّم حين يقول النبي: "ويل ليّ يا نفسي، فقد صرت كمن يجمع قشًّا في الحصاد؟" فهل يجمع النبي قشًّا حرفيًّا، أو حتى يُريد أن يجمع؟ هل لدى النبي حقل؟ على أي الأحوال، الوحيد الذي بحق يجمع ممَّا يزرعه كمحصولٍ، ليس النبي بل الرب المخلِّص يسوع المسيح. وحيث توجد أخطاء كثيرة بين الأمم الوثنيَّة بل وأيضًا بين الذين يُظن أنَّهم من الكنيسة، لهذا يحزن النبي وينوح على خطايانا حين يقول: "ويل ليّ، إذ صرت كمن يجمع قشًّا" (مي 7: 1). ليت كل واحدٍ يفحص بدقَّة نفسه. هل هو سنبلة قمح؟ هل يكتشف ابن الله فيه شيئًا ليلتقطه أو يحصده؟ هل نجد بعضًا منَّا تحملهم الرياح؟ حتى وإن كنا لا نزال قلَّة قليلة في أنفسنا، حبَّتين أو ثلاثة حبوب، فإن خطايانا كثيرة ضدَّنا. إذ يتطلع إلى الكنائس أو ما تُدعى بالكنائس مملوءة بالخطاة يقول: "ويل ليّ فقد جئت كمن يجمع عشبًا في وقت الحصاد، وكمن يجمع خصاصة (لقاط) العنب وقت صنع الخمر. يأتي (الرب) يطلب ثمرًا من الكرمة، فإن كل واحدٍ منَّا قد زُرع ككرمة في أرض خصبة (إش 5: 1)، أو ككرمةٍ نُقلت من مصر (مز 80: 8)، لكنها زرعت لكي تحمل ثمرًا (إر 2: 21). إنه يأتي ليلتقط، فيجد خصاصة عنب، وعناقيد قليلة؛ إنها ليست مزدهرة ولا مثمرة. من هو من بيننا يحمل عناقيد الفضيلة؟ العلامة أوريجينوس * يُغرْبل الأشرار مثل قشٍ خفيفٍ، أما الأبرار فيخلصون مثل حنطة ثقيلة. لهذا فلتنتبه إلى الرب وهو يقول لبطرس: "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغرْبلكم كالحنطة، ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (لو 22: 31-32). الذين يُغربَلون كالقش يفنون، أما الذي لا يفنى، هذا الذي يشبه البذرة التي تسقط وتنبت، فإنها تزيد وتأتي بثمر كثير (لو 8: 8). هكذا يقول النبي: "ويلي، فقد صرت كمن يجمع الجُذامة (بواقي الحصاد) في الحصاد". هكذا يشبَّه الشر بالجُذامة، الذي يُحرق سريعًا، مع التراب. لهذا قال أيوب: "يكونون كالقش، يحملهم الريح" (أي 21: 18). وفي الحال أضاف سطرًا مختصرًا قائلًا: "مثل التراب تحمله الريح بعيدًا". حقًا، لكي يعرف أن الشريِّر يتفتَّت سريعًا ويتبدَّد كالتراب، تجد هذا واردًا في المزمور الأول: "كالتراب الذي يحمله الريح عن وجه الأرض" . القديس أمبروسيوس |
|