|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كان الذهبي الفم قد استخدم "المنهج الحرفي" الإنطاكي في التفسير، كما أعلن عن وضوح الكتب المقدسة، فإن هذا لا يعني سطحيته في فهمه للكتاب المقدس أو تفسيره إياه... فدراسة الكتاب -في رأيه- تحتاج إلى مهارة خاصة واستعداد روحي معين يلتزم بها المعلم والعلماني حتى يقدر كل منهما أن يدخل إلى "المعنى الحقيقي" للنص، ويتعرف عليه، ويعيش به. في هذا يقول(57): "إن كان أحد يعمل في منجم بغير خبرة في هذا الفن، فإنه يخلط بين الأشياء (المعدن النفيس والتراب) بغير هدف، ولا يستخرج ذهبًا، بل يضيع عمله هباءً، بل ويكون مهلكًا. هكذا الذين لا يفهمون الكتاب المقدس، ولا يطلبون خصوصياته وقوانينه، بل يسيرون في كل نقطة من محتوياته بإهمال، بطريقة واحدة (في غير حكمة)، يمزجون الذهب مع التراب، ولا يكتشفون الكنز المخفي داخله... يليق بنا أن نصل إلى المعاني الحقيقية خلال التنقيب والتنقية!" يقول أيضًا(58): "من يريد أن يتعلم الأعمال العسكرية يلزمه أن يعرف قوانينها، ومن أراد الإبحار أو التجارة أو أي شيء آخر يلزمه أن يتعلم أسس الفن. أما في هذا الأمر (دراسة الكتاب المقدس) فلا يريدون أن يفعلوا شيئًا من هذا، إنه "علم" يحتاج إلى اهتمام يقظ...". لقد كان يحث شعبه على الدوام أن يتفهموا الكتاب لا في رخاوة أو إهمال ولا في سطحية وإنما بالبحث والتنقيب المستمرين... فهو كنز مخفي لا يجده غير الباحثين عنه باجتهاد. له في ذلك قول جميل(59): "الله لا يريدنا أن نصغي إلى كلمات الكتب المقدسة وعباراتها بإهمال بل في انتباه شديد. لهذا السبب كثيرًا ما يصدر الطوباوي داود مزاميره بالعنوان "للفهم(60)" كما يقول(61): اكشف عن عينيَّ فأرى عجائب من شريعتك. ومن بعده يعلن لنا ابنه أنه يلزمنا أن "نطلب الحكمة كالفضة، ونتاجر بها أكثر من الذهب(62)"، وينصح الرب اليهود قائلًا "فتشوا الكتب..." ولكي يحثنا على البحث دعاها "الكنز المخفي(63)". قيلت هذه الكلمات لنا لكي لا نطلب كلمات الكتب المقدسة بإهمال أو بطريقة عشوائية، بل بدقة عظيمة. فإن من يصغي إليها دون أن يطلب المعنى الحقيقي... بل المعنى الحرفي، يسقط في أمور لا تليق بالله، أما إذا عرف المعنى الخفي فسيتحرر من كل عدم لياقة". |
|