الصليب والفداء في إنجيل مرقس
إن القوة الجبارة التي استطاع بها مار مرقس أن يصور المسيح للأمم كابن لله في ملء سلطانه وفي محبة الناس له، لم تجعله علي أية الحالات يستحي من الصليب. بل علي العكس خصص نصف إنجيله تقريبًا لهذا الغرض. ورحلة المسيح إلي أورشليم وصلبه وقيامته كانت بالنسبة إليه معادلة لباقي خدمة المسيح كلها. إن الفداء هو أساس الإيمان بالمسيح. وقد صوره مارمرقس في كل مراحله. بل إن ظل الصليب ينعكس علي إنجيل مار مرقس من أول الإصحاح الثالث (3: 6). وما قصة صراع الرب مع قادة اليهود سوي خطوات في طريق الصليب.
وقد شرح مار مرقس كيف سار المسيح في طريق الصليب بكل شجاعة وهيبة، فسار بنفسه إلي أورشليم حيث يتآمر عليه أعداءه، وذهابه بنفسه إلي بستان جثسيماني وهو يعلم أنهم سيقبضون عليه هناك.
علي أن مار مرقس لم يصور المسيح للرومان ضعيفًا في أيدي اليهود، أو أن قصته انتهت بموته، بل انه قام وظهر لكثيرين. وانه سيأتي "بمجد أبيه مع الملائكة القديسين" (8: 38) جالسًا عن يمين القوة واتيًا في سحاب السماء" (14: 62) " بقوة كثيرة ومجد فيرسل حينئذ ملائكته ويجمع مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء الأرض إلي أقصاء السماء" (13: 26).