|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قداسة البابا شودة الثالث الفضيلة: تعريفات ومستويات تعريفات ما أكثر الأسماء أو الصفات التي نطلقها على الفضيلة. وهى في مجموعها تعطينا فكرة عن كنه الفضيلة وتفاصيلها وطريقة السلوك فيها.. وسنحاول أن نذكر هنا بعضًا من هذه التعريفات: 1- الفضيلة هي محبة الخير: إنها ليست في مجرد عمل الخير, إنما بالأكثر في محبة الخير. ذلك لأن الفضيلة التي تمارس من الخارج فقط, وليست صادرة من القلب, قد تكون رياءً. أو أن البعض يعملون الخير خوفًا من انتقاد الناس, أو خوفًا من عقوبة المجتمع أو عقوبة القانون, أو يفعلون ذلك خجلًا, أو من أجل المنفعة, أو لمجرد كسب مديح الآخر وليست حبًا في الخير ولا حبًا في الغير, أو رغبة في نوال مكافأة, أو مجاراة لتيار معين, أو تقليدًا لغيرهم. كل ذلك بغير اقتناع من الداخل, وبغير رغبة! وربما يفعل الشخص ذلك وهو محرَج, لا يستطيع أن يمتنع أو يقول لا!! وعمل الخير لشيء من هذه الأسباب لا يمكن أن يُحسب فضيلة... الفضيلة هي إذن حب الخير, حتى لو كان الإنسان لا يستطيع أن يفعله لسبب خارج عن إرادته, لوجود موانع تمنع التنفيذ عمليًا... ولكن إن وُجدت إمكانية لعمل الخير, فلابد أن يعمله. لأنه حينذاك تجتمع نية القلب مع العمل والإرادة, لأن النية وحدها لا تفيد الآخرين.. فالفضيلة تبدأ في داخل القلب, وتنبع منه, في المشاعر والنيات والأحاسيس. ويكون عمل الخير هو التعبير عما في القلب من مشاعر طيبة.. 2- الفضيلة هي السلوك الفاضل إنها تبدأ في الداخل, في القلب والفكر والروح. ولكنها تظهر في الخارج عن طريق الممارسة العملية. فالحب مثلًا هو فضيلة في القلب, ولكن لابد أن يتحول إلى عمل محبة في الخارج. فلا نحب بالكلام ولا باللسان, بل بالعمل والحق. هنا تظهر المحبة عن طريق العطاء والبذل والتضحية... فضيلتك التي في فكرك لا يشعر بها أحد. ولكنك تعبر عنها بعملك. وكذلك محبتك لابنك التي في داخل قلبك, تعبر عنها بالعطايا والاهتمام وبالحنو. وأيضًا لا يكفى أن تقول إن محبتك لله هي في قلبك, بل تعبر عنها بطاعتك لوصاياه. وبالمثل: خشوع العابد في داخل قلبه, يعبر عنه بخشوع الجسد من الخارج. بالسجود والركوع في الصلاة. وحفظ الجسد أثناءها من طياشة الفكر والحواس. وبهذا يشترك الجسد مع الروح. وتكون الفضيلة من الداخل والخارج معًا.. إن حياة الشجرة في داخلها. ولكنها تعبر عن وجود الحياة فيها بالخضرة وبالزهر والثمر. ونحن نريد الفضيلة المثمرة, بالعمل الصالح, بالكلمة الطيبة, بالسلوك الحسن, بالمحبة العملية, بالقدوة المؤثرة في الغير... 3- الفضيلة هي في الشخصية المتكاملة: بحيث لا يوجد في من يمارسها أي نقص في سلوكه. وهذا واضح عمليًا: فإن سلك في فضيلة ما, لابد ستقوده إلى فضائل أخرى كثيرة. كما أنه أذا فقد إحدى الفضائل, ما أسهل أن يجره السقوط إلى فضائل أخرى عديدة.. إنها سلسلة مترابطة إن انفك عقد أحدها, انفرط الباقي أيضًا... فطالب العلم الذي يهمه مستقبله, يقوده هذا إلى الاجتهاد والعمل على التفوق. وهذا الاجتهاد يحثه على البعد عن اللهو. والبعد عن اللهو يبعده أيضًا عن أصدقاء السوء. والبعد عنهم ينجيه من القدوة السيئة. وهذا أيضًا يساعده على حياة الفضيلة... وهكذا تتعاون الفضائل معًا, ويؤدى بعضها إلى البعض الآخر. وبالمثل فإن الخطية تجر إلى خطايا أخرى. 4- الفضيلة وضع متوسط بين رذيلتين: أو هي وضع متكامل بين نقصين. ومن أمثلة ذلك: الشجاعة هي الوضع المتوسط بين الخوف والتهور.. والتربية السليمة هي الوضع المتوسط بين التدليل والقسوة والتدبير الحسن لما تملكه هو الوضع المتوسط بين البخل والتبذير.. ويمكننا أن نذكر أمثلة عديدة لهذا الوضع المتوسط.. مستويات * فيوجد نوعان من الفضيلة: وذلك من الناحية السلبية, والناحية الإيجابية. فالناحية السلبية هي مقاومة الخطيئة ورفضها. أما من جهة الناحية الإيجابية فهي عمل الخير. وليست الفضيلة هي فقط البعد عن الخطيئة, إنما يجب الارتفاع عن المستوى السلبي, وذلك إيجابيًا بالسلوك في حياة البر: لا يكفى فقط إنك لا تكره إنسانًا, إنما يجب أن تحب الكل... لا يكفى أن تمتنع عن اللفظ بأية كلمة خاطئة, إنما يجب أيضًا أن تقول كلامًا للبنيان ينفع الآخرين. ولذلك فإن الفضيلة ليست فقط أنك لا تضر الناس, إنما هي بالأكثر أن تعينهم بقدر إمكانك, وتعمل على راحتهم أو إسعادهم.. * ومستويات الفضيلة تشمل الحسّ، والفكر, والقلب, والعمل فهناك المستوى الجسدي للفضيلة, والمستوى النفسي, والمستوى الروحي... وعلى الإنسان أن يحفظ نفسه في كل مستوى, ويحترس من السقوط في غيره فمثلًا الحواس هي أبواب الفكر, وما تراه أو تسمعه أو تلمسه, قد يجلب لك أفكارًا. فلكي تحفظ فكرك, أحفظ حواسك. وإن أخطأت بالحواس, لا تجعل الخطأ يتطور إلى فكرك. وإن وصل الخطأ إلى الفكر, اطرده بسرعة, وحذار أن تجعله يتحول إلى مشاعر في قلبك. وإن تحوّل إلى مشاعر, لا تجعله يتطور إلى العمل بالضغط على إرادتك... واعلم أن جميع المستويات تتجاوب مع بعضها البعض. وقد يصير الواحد منها سببًا ونتيجة... فخطأ القلب يسبب خطأ الفكر. كما أن خطأ الفكر يسبب مشاعر للقلب. وربما الاثنان يدفعان إلى العمل. وكذلك المشاعر والعمل يقودان إلى خطأ الحواس. إنها دائرة متصلة. أية نقطة فيها توصل إلى باقي النقاط وكما في الشر, كذلك في الخير: تتعاون كل المستويات معًا... على أن أعلى مستوى في الفضيلة هو السعي إلى الكمال. إن الذي يسلك في الفضيلة, يودى أن ينمو فيها. ويستمر في النمو حتى يصل إلى الكمال الممكن له كإنسان. وأعني الكمال النسبي, نسبة إلى ما عنده من إمكانيات, وما يُوهب له من عمل النعمة فيه... والسعي إلى الكمال يحتاج إلى التدرج. والآباء الروحيون كثيرًا ما كانوا يدربون أولادهم في نطاق هذا التدرج. لأن الطفرات السريعة في الفضيلة قد تؤدى إلى ارتفاع القلب والكبرياء، وأحيانًا تكون لها نتائج عكسية. لكن القادة الروحيين كانوا يعملون على تثبيت أبنائهم في كل خطوة يخطونها. حتى إذا ما صارت شبه طبيعة عندهم, يتدرجون منها إلى خطوة أعلى, ولا يصبحون في خطر من أية نكسة ترجعهم إلى الوراء... أما إذا أرادت نعمة الله أن ترفع الإنسان إلى فوق مرة واحدة, فهذه هبة إلهية غير عادية. والسعي إلى الكمال يحتاج إلى جهاد: لأنه كما أن نعمة الله تساعد الإنسان على الارتفاع إلى فوق, فإن قوى الشر لا تريد أن تتركه في راحة, إنما تحاول أن تجذبه إلى أسفل. ومن هنا كانت محاولة الوصول إلى الكمال الروحي, هي صراع ضد الخطية وضد العقبات الروحية. ما هي الفضيلة؟ وما مصادرها؟ ما هي الفضيلة ؟ وما معنى عبارة "إنسان فاضل" ؟ الفضيلة قد تعنى البر والنقاوة. والإنسان الفاضل هو الإنسان الخيّر، البار، الذي يحب الخير ويفعله... وقد تعنى الفضيلة أيضًا قوة في النفس، تمكّنها من الانتصار على كل نوازع الشر وإغراءاته، وتسير في طرق الله... وربما تعنى الفضيلة: الارتفاع فوق مستوى الذات: بحيث يخرج الإنسان من التركيز على نفسه فقط، إلى الاهتمام بالآخرين. والى محبة الله والناس. نقول هذا لأن الخطيئة كثيرًا ما تكون انحصارًا حول الذات. حيث يريد الإنسان أن يرفع ذاته ، ويُشبع رغبات ذاته ويمتعها.. والفضيلة هي أيضًا ارتفاع فوق مستوى اللذة: لأن غالبية الخطايا قد تكون مصحوبة بلذة حسية، أو لذة نفسية. فتدور حول ملاذ الجسد أو الفكر أو النفس، وتصبح لونًا من إشباع الذات، وبطريقة خاطئة. فالذي يحب المال أو المقتنيات، إنما يجد لذة في المال وفي المقتنيات. وكذلك من يحب الزينة أو الطعام، ومن يحب المناصب والشهرة، إنما يجد لذة في كل هذا... ومن يحب الجسد يجد لذته في الجسد. ومن ينتقم لنفسه يجد لذة في الانتقام... الخطيئة إذن هي سعى وراء اللذة، أما الفضيلة فهي ارتفاع فوق مستوى اللذة حتى تجد إشباعًا لها في السعادة الروحية . والسعادة غير اللذة، وكذلك الفرح غير اللذة. اللذة غالبًا ترتبط بالحسّ ، بالجسد والمادة. أما السعادة والفرح فيرتبطان بالروح. ولذلك فالفضيلة إذن تكون ارتفاعًا فوق الخضوع للمادة. مصادر الفضيلة: 1- المصدر الأول للفضيلة هو الحفاظ على المبادئ والقيم. فالإنسان الروحي المتمسك بالمبادئ والقيم، يمكنه أن يحيا حياة الفضيلة، لأن القيم التي يؤمن بها تحصنه فلا يستطيع أن يخطئ مهما حورب بالخطية، مثال ذلك يوسف الصديق .أما الإنسان الخاطئ فلا قيم عنده. والفضائل ليست لها قيمة حقيقية في نظره.إنه يكذب مثلًا، لأن الصدق لا قيمة له في نظره. وبسبب ضياع القيم، يقع في الاستهتار واللامبالاة. فلا الواجبات لها قيمة، ولا النظام العام، ولا القانون ولا التقاليد. فهو لا يعبأ بشيء منها. 2- من مصادر الفضيلة أيضًا: قوة الإرادة والعزيمة: فقد لا يستطيع أن يسلك في الفضيلة، لأنه مغلوب من نفسه. فمهما أحب الخير، لا يفعله لأنه ضعيف الإرادة. وبسبب الضعف يقع في الخطية لأنه لا يستطيع أن يقاومها. والوقوع في الخطية يؤدى إلى مزيد من الضعف. ولهذا فإن كثيرين- لكي يحيوا في الفضيلة- يسلكون في تداريب روحية لتقوية إرادتهم. لذلك نقول عن الإنسان الفاضل إنه إنسان قوى.. قوى في الروح، وفي الفكر، وفي العزيمة والتنفيذ. إنه قوى في الانتصار على النزعات الداخلية، وقوى في الانتصار على الحروب الخارجية. أما الذي تستعبده عادة رديئة، فهو ضعيف. والذي لا يستطيع أن يتحكم في لسانه، ولا في أعصابه، ولا في فكره، هو إنسان ضعيف. وبسبب هذا الضعف يبعد عن الفضيلة. وحتى إن تاب عن الخطية يرجع إليها مرة أخرى.. 3- ومن مصادر الفضيلة، الحكمة والمعرفة. وهى المعرفة التي تميز بدقة بين الخير والشر، وبين اللائق وغير اللائق... والحكيم يسلك بالضرورة في حياة الفضيلة، بينما نصف الخاطئ بأنه جاهل مهما كان من العلماء! إنه جاهل بطبيعة الخير والشر وجاهل بمصيره الأبدي، وجاهل بما تجلبه الخطية من نتائج سيئة. جاهل لا يعرف خيره من شره، ولا نفعه من ضره. وبالمثل نقول عن الملحد إنه إنسان جاهل حتى لو كان من الفلاسفة! ولا نقصد بكلمة (جاهل) المعنى السطحي للكلمة التي تعنى إنه لم يتعلم في مدارس أو على أيدي أساتذة. إنما هو جاهل من جهة الحكمة الإلهية، وجاهل من جهة المعرفة الحقيقية. وهو يحتاج إلى توعية وإرشاد. وكلما يتعمق الإنسان في الحكمة، فعلى هذا القدر يتعمق في فهم الأمور، ويعرف ما ينبغي أن يفعل... 4- ولعل من أهم مصادر الفضيلة: مخافة الله فالإنسان الذي توجد مخافة الله في قلبه، لا يمكن أن يخطئ. وكما قيل في المزمور"رأس الحكمة مخافة الله". إن الإنسان الروحي يخاف أن يكسر وصايا الله ويخاف من اليوم الذي يقف فيه أمام الديان العادل. إنه يخاف من العقوبة، ويخاف أن يفقد نقاوته وطهره. ويخاف أيضًا على سمعته، ويخاف من أن يكون عثرة لغيره. وهو أيضًا يبعد عن الخطية حتى بالفكر وبالنية، لأنه يخاف الله الفاحص القلوب والعارف بالنيات. وبالمخافة يسلك في طريق الفضيلة، وبممارسة الفضيلة يحبها. وهكذا يسلك فيها عن حب وليس لمجرد الخوف... 5- من مصادر الفضيلة أيضًا: الجهاد الروحي. فالحياة الفضلى على نوعين: نوع يولد الإنسان بها، كما يقول المثل العامي"مالك متربي؟ قال من عند ربي". وقد يرث الفضيلة والطبع الهادئ الطيب عن والديه، أو بالتربية السليمة والقدوة الحسنة. أما النوع الآخر من الفضيلة، فهو ما يجاهد الإنسان لكي يصل إليه.. وحتى الذين يولد بالفضيلة، يحتاج إلى جهاد لكي يحافظ عليها... ذلك لأن الشيطان عدو الخير لا يشاء أن يتركه في راحة، بل يحاربه محاولًا أن يفقده في فضائله. لهذا يلزم للإنسان أن يجاهد لكي يصمد أمام حروب العدو، ولكي يثبت في الخير ولا يتزعزع... أيضًا يجاهد لكي يصل إلى أكمل مستوى في حياة الفضيلة. هنا الجهاد للنمو في عمل الخير، وليس لمجرد مقاومة الخطيئة.. 6- من مصادر الفضيلة أيضًا: النعمة الإلهية.. فمهما جاهد الإنسان، قد يفشل إن لم تساعده نعمة الله وتقويه. على أنه يجب عليه أن يتجاوب من عمل النعمة. وبهذا يثبت نيته الطيبة في محبة الخير. والاعتماد على نعمة الله لا يعني تكاسلنا وتراخينا... 7- من مصادر الفضيلة أيضًا الضمير الحي. وكما قال أحد الحكماء: إن الفضيلة بطبيعتها مغروسة فينا. وبهذا تكون الخطية هي مقاومة هذا الغرس الإلهي، أي الضمير الذي يدعو إلى الخير، ويبكت على الشر. إنه يمثل الشريعة الطبيعية، غير المكتوبة التي تبكتنا إن بعدنا عن الفضيلة. لذلك نجد أن الذي يخطئ، يشعر بالخجل والخوف والارتباك، طالما كان ضميره حيًا: هذا إذا ارتكب إثمًا لا توافق عليه القيم المغروسة فينا بالفطرة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قداسة البابا شودة الثالث| فى الحكمة |
قداسة البابا شودة الثالث| في العمل |
قداسة البابا شودة الثالث | العولمة |
قداسة البابا شودة الثالث | كيف؟ |
أعماق حول الفضيلة 11-10-2009 بقلم قداسة البابا شنوده الثالث |