|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"لأنك أنت هو إلهي وقوتي. لماذا أقصيتني؟ ولماذا أسلك كئيبًا إذ يحزنني عدويّ؟" [2]. يصرخ المرتل إلى الله بكونه إلهه الشخصي وقوته، فإن كان الكل قد فارقه أو صار مقاومًا له لكن يبقى الله وحده الملاصق له بكونه إلهه بل وقوته... فبدالة يصرخ: "لماذا أقصيتني؟" أو "لماذا تركتني؟". من حقي أن ألتجئ إليك وأعاتبك... فلا تتركني في حزني. إني أذهب حزينًا: فالعدو يزعجني بتجارب يومية، إما بحب دنس أو خوف بلا سبب. والنفس التي تقاومهما تتعرض لخطرهما حتى وإن كانت ليست تحت أسرهما، لذا تنقبض من الحزن وتقول لله: "لماذا؟". لماذا تسأل: "لماذا أقصيتني؟ لماذا أسلك حزينًا؟" فقد سمعت: "إنه بسبب الإثم". الإثم هو علة الحزن، فليكن البرِّ علة ابتهاجك! إنك تشتكي من العدو؛ هذا حقيقي فإنه يُضايقك، لكنك أنت الذي أعطيته الفرصة. الآن يوجد سباق مفتوح أمامك: اختر سباق الحكمة، انضم إلى ملكك، وأوصد الباب في وجه الطاغية. القديس أغسطينوس هذا ويلاحظ أن المرتل حتى في شكواه لله ضد العدو يقول: "لماذا أسلك (أسير) كئيبًا؟" لم يقل: "لماذا أنا محاصر في الحزن؟" بل "لماذا أمشي حزينًا؟" فإن أولاد الله لا يعرفون التوقف حتى إن حاصرتهم ضيقات من كل جانب بل هم دائمًا سائرون في الطريق الملوكي، الضيق بالنسبة للمؤمن الحقيقي يدفعه بالأكثر للعمل بل وللركض حتى يبلغ جعالة الله العليا. حين وقف العالم كله ضد القديس أثناسيوس لم يتراخ عن الجهاد بل قال في يقين واتكال على مخلصه: [وأنا ضد العالم]. ولم تتوقف القديسة مونيكا عن حركة العمل بالرغم من مقاومة زوجها وحماتها وأولادها حتى الخدم لها... وقدمت لنا بجهادها الروحي المستمر القديس أغسطينوس ثمرة دموعها. |
|