تخلي النعمة
حياة الإنسان الروحية، تتوقف في نجاحها وفشلها، على مدى عمل النعمة فيه، ومدى استجابته ورفضه لعمل النعمة.
والنعمة تساعد الإنسان باستمرار، تسنده لكي يسير في الطريق الروحي، وتنبهه وتقيمه إذا سقط.
ولكن النعمة الإلهية لا ترغم الإنسان على فعل الخير.
فما تزال حريته مكفولة وإرادته قائمة، يشترك مع النعمة في العمل، أو لا يشترك، ويقاوم عمل النعمة فيه مقاومة تؤدى إلى سقوطه، واستمراره في السقوط.
إذن في بعض الأحيان يتخلى الإنسان عن مشاركة النعمة. وفي أحيان تتخلى النعمة عنه. لكنه لون من التخلي الجزئي. فالتخلي الكلى يؤدى حتمًا إلى هلاك الإنسان.
فما هي أسباب هذا التخلي؟ وما حكمته؟
قد يكون سبب التخلي، هو إهمال المؤمن، وصده المستمر لعمل النعمة، فتتخلى عنه لكي يشعر باحتياجه.
وهذا التخلي يقوده إلى عمق أكبر في صلاته وفي صومه، وفي توبته والتصاقه بالله.
وقد يكون التخلي بسبب الكبرياء، وتعاليه على الساقطين.
فتتركه النعمة قليلا فيسقط، ويشعر بضعفه فلا يعود يتكبر، ويشعر بثقل الحرب على الساقطين، فيشفق عليهم، ولا يدينهم سواء في السر والعلن..
وقد تتخلى عنه النعمة قليلًا، ليختبر الحروب الروحية ()..
ويدرك مدى عمقها، واحتياج المؤمن فيها إلى معونة إلهية، لأنه لا يمكن أن ينتصر بذراعه البشرية بدون نعمة..
وقد تتخلى عنه النعمة ليتعود الحرص والتدقيق، وليتعود الصبر وانتصار الرب..
والرب في كل ذلك يقول للنفس البشرية (لحيظة تركتك وبمراحم عظيمة سأجمعك) (إش 54: 7).