|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فاطمة ناعوت تكتب أنا أعلِّق إذن أنا موجود
الوطن «أنا أعلِّق إذن أنا موجود»! ولكى «ألحق أعلق بسرعة قبل غيرى»؛ لا بد أن أكتفى بقراءة «عنوان» المادة فقط، ثم أجرى بسرعة على خانة التعليق لأحجز المقعد الأول! فأنا لا بد أن أكون أول المعلقين حتى أشعر بذاتى وتكتمل ذاتى الناقصة المنهارة! «أنا أعلِّق إذن أنا موجود»، يرى أن فى العنوان «الكفاية»! «مش برضو الكتاب بيتقرى من عنوانه؟!». ونجيبه: «ربما الكتاب يا عزيزى»، ولكن بالتأكيد ليس مانشيتات الصحف الصفراء الكذوب. فهذا العنوان أو ذاك، الذى اكتفى به صاحبنا «القارئ الكسول/المعلّق النشط»، هو غالباً عنوانٌ «مفبرك» لا يتفق مع صحيح المادة المنشورة، وقد يناقضها تماماً. وضعته الصحيفةُ الصفراء لاجتذاب صيدها «الوحيد» ومتصفحها «الوحيد»، وهو «أنصاف القرّاء» مثل «حضرتك» وأشباه «حضرتك» من الجمهور البليد «بتوع العناوين». لأن تلك الصحف التافهة تدرك جيداً أن القارئ «الذكى المحترم» لا يزور صفحاتها أبداً، وبالتالى تظل تلك الصحف الصفراء فى مأمن من كشفها وفضحها، لأن «قراء العناوين» لن يصلوا أبداً إلى السطر الأول من التصريح أو الخبر أو حتى الفيديو، فيكتشفوا كذب تلك الصحف. «أنا أعلِّق إذن أنا موجود» شعارُ قُرّاء العناوين (دون المتون). بلداء خاملون غير قادرين على قراءة أكثر من سطرين، على أقصى تقدير، ثم يصابون بالضجر والنفور والملل؛ لأنهم أصلاً يكرهون القراءة كراهة العماء والشلل. لكن حين يتعلق الأمر بـ«التعليق»، ينشطون جداً وتدّب فيهم الحماسة جداً، فيملأون الصفحات والصفحات بكلام ركيك مبتذل حاشد بالأخطاء الإملائية المحزنة، ناهيك طبعاً عن «بلاوى» النحو والصرف! فهم أنصافُ أُميين، بالكاد يفكّون الخط، لكنهم يتجرأون على الكتابة، ويرتكبون خطيئة: «التحرّش بالورق الأبيض»، كما قال «نزار قبانى». هم أبناء ثقافة فيس بوك وتويتر اللذين جعلا من الجميع: كُتّاباً ومفكّرين وفلاسفةً ومُنظّرين وصحفيين وشعراء وروائيين، دون أن يحوزوا شهادات «محو أمية». أبناء فصيل «أنا أعلِّق إذن أنا موجود»، هم الأكثر وجوداً فى خانات التعليقات. يؤكدون «وجودهم» من خلال تعليقاتهم، لأنهم خارج التعليقات لا وجود لهم! منجزهم «الأوحد» فى الحياة هو «شورت وفانلة وكاب»، أقصد: «لايك» و«شير» و«تعليق». حريصون على «كَمّ» الوجود دون «كيفه». لهذا فدائماً هم متعجلون. «يبصقون» تعليقاتهم ليعلنوا عن وجودهم، قبل أن يقرأوا أو يشاهدوا المادة التى يعلقون عليها!. هم صيدٌ ثمين للمواقع التى تثرى من تزاحم المتصفحين «الكمّى» على صفحاتها المفخخة؛ لأن كل «ضغطة» «لايك»، وكل «شير» وكل «تعليق» مهما كان «عبيطاً» يدر عشرات الدولارات على صاحب الموقع أو الجريدة الصفراء. تلك «سبوبة» كسب، بغير جهد ولا موهبة. «أنا أعلِّق إذن أنا موجود»، شعارُ تلك الكائنات الرخوة المنبطحة على شاشات الحواسيب مثل قناديل البحر الخاملة اللاسعة. كسولون عن القراءة، بقدر نشاطهم المذهل العجيب فى التعليق والتشيير. يمتلكون أدمغة ضئيلة تبغضُ القراءة والتفكير والتعلّم والتبيّن والتحليل والتدقيق. وفى مقابل تلك الأدمغة المبتسرة الضئيلة، لهم ألسنٌ طولى متشعبة كالسياط السامة، ومعاجمُ شوهاءُ بذيئةٌ تتقن الشتائم والخوض فى الأعراض والتكفير وادّعاء العلم والتُقى. ثم تدخل صفحات أولئك «الأتقياء» «المتدينون بطبعهم»، فتجدها حاشدةً بصور النساء العاريات ومواقع الجنس والشذوذ بأنواعه. أيها القارئ المحترم النبيل، يا من تقرأ مقالى الآن، بما أنك قد وصلت إلى هذا السطر الأخير، فاهنأ بالاً وقرّ عيناً، فأنت لستَ من أبناء تلك الثقافة الشوهاء: «أنا أعلِّق إذن أنا موجود». |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
فاطمة ناعوت عبر حسابها على تيوتر تكتب |
فاطمة ناعوت تكتب بمناسبة بدء الصيام . |
فاطمة ناعوت تكتب عكاشة والسيسى |
فاطمة ناعوت تكتب | هل نصالح الشيطان؟ |
فاطمة ناعوت تكتب : هل انتهتِ الثورة؟ هام |