|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الله القدير «اللهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرَ لِي ... وَبَارَكَنِي» ( تكوين 48: 3 ) في اليوم الأخير من رحلته الطويلة، وفي لقائه الأخير مع يوسف ابنه المحبوب، كان يعقوب يسترجع تاريخه، وكان الشـيء البارز الذي يشغَل تفكيره هو ”اللهُ الْقَدِيرُ“ وما فعله معه عبر السنين. ففي البداية توقف عند أجمل أيام حياته، يوم ظهر له الرب في حُلم الليل في ”لُوز“، التي دعاها ”بيت إيل“، وباركه (تك28). وكيف بورك يعقوب في ذلك اليوم؟ لقد خدع أباه وكذب عليه خمس مرات وانتهج مسلكًا مُشينًا لا يليق (تك27). وهو نفسه كان يخشى أن يجلب على نفسه لعنة لا بركة. لكن ”اللهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ“ تسامى في نعمته وتحكَّم في إسحاق لتصل البركة ليعقوب طبقًا لقصده في النعمة الذي لا يُعطله فشل الإنسان. لقد ارتعد إسحاق ارتعادًا عظيمًا أنه كان سيُخطئ ويبارك عيسو مخالفًا لفكر الله. ورغم توسلات عيسو ودموعه ثبَّت البركة ليعقوب قائلاً: «بَارَكْتُهُ ... نَعَمْ، وَيَكُونُ مُبَارَكًا!». ثم تذكَّـر أصعب يوم في حياته، يوم ماتت فجأةً عنده راحيل المحبوبة التي تُمثل كل آماله الأرضية، فدفنها في طريق أفراتة التي هي بيت لحم ( تك 48: 7 ). لكن ”اللهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ“ عزَّاه وقوَّاه ليُكمل المسيرة بشكل أفضل من كل الماضي. لقد دعا اسم الطفل المولود ”بنيامين“ أي ”ابن اليد اليمين“، ورأى فيه القوة الإلهية التي تسند وتُعين وتُخلِّص إلى التمام. لقد كانت بيت لحم هي اللحد لآماله الأرضية، لكنها أصبحت المهد لآماله السماوية، فمنها سيخرج المسيح الملك والراعي والمُخلِّص ( مي 5: 2 ). «وَرَأَى إِسْرَائِيلُ ابْنَيْ يُوسُفَ ... وَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنِّي أَرَى وَجْهَكَ، وَهُوَذَا اللهُ قَدْ أَرَانِي نَسْلَكَ أَيْضًا» ( تك 48: 8 –11). فلمدة 22 سنة، منذ أن أحضـر الأولاد قميص يوسف المُلوَّن مغموسًا بالدم إلى أبيهم، ظن يعقوب أن وحشًا رديئًا أكله، وأنه قد افتُرس يوسف افتراسًا، وطالما حدث ذلك فإنه لن يراه مرةً أخرى. لكن ”اللهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ“، ليس فقط أراه يوسف حيًا ومُتسلطًا على كل أرض مصـر، بل أراه نسله أيضًا. ووثق أن الله القدير الذي رعاه وخلَّصَهُ سيُبارك الغلامين، ويجعلهما يكثران كثيرًا في أرض كنعان (ع16). أخيرًا فإن الله القدير سيفتقد كل العائلة الموجودة في مصـر، ويُصعدهم إلى أرض آبائهم، مُحققًا كل المواعيد التي نطق بها (ع21). ليتنا نطمئن ونستريح لهذا الإله القدير الذي لا يعسر عليه أمر. |
|