|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فمَن رفَعَ نَفْسَه وُضِع، ومَن وَضَعَ نَفْسَه رُفِع " ومَن وَضَعَ نَفْسَه رُفِع " فتشير إلى مبدأ التواضع. والتواضع أساسًا يكمن في تحويل نظر المرء إلى خارج نفسه وتوجيه النظر للرّبّ، وعظمة الله تعالى ومحدودية الأنسان. وهذا المبدأ مقتبس من حزقيال النبي "يُرفَعُ الوضيعُ ويُوضَعُ الرَّفيع"(حزقيال 21: 31). وخير مثال على ذلك ما حدث مع المسيح نفسه "تَجرَّدَ مِن ذاتِه مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد وصارَ على مِثالِ البَشَر وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنْسان فَوضَعَ نَفْسَه وأَطاعَ حَتَّى المَوت مَوتِ الصَّليب. لِذلِك رَفَعَه اللهُ إلى العُلى ووَهَبَ لَه الاَسمَ الَّذي يَفوقُ جَميعَ الأَسماء" (فيلبي 7:2-9). فصار المقعد الّذي اختاره كعرش له هو الصّليب. وقد فسّر يسوع هذا المبدأ بصورة عملية بقوله " فمَن وضَعَ نفسَه وصارَ مِثلَ هذا الطِّفل، فذاك هو الأَكبرُ في مَلَكوتِ السَّموات"(متى 18: 4). واستنادا على هذا المبدأ، أدان يسوع كل أدِّعاء وكبرياء. وأكّدته مريم البتول بنشيدها (تـعظّم) "حَطَّ الأَقوِياءَ عنِ العُروش ورفَعَ الوُضَعاء " (لوقا 1: 52). وفي الواقع سيظهر المتواضعون في يوم الرب، والمتواضعون وحدهم، شبيهون بالله، الذي هم أبناؤه " أَيُّها الأَحِبَّاء نَحنُ مُنذُ الآنَ أَبناءُ الله ولَم يُظهَرْ حتَّى الآن ما سَنَصيرُ إِليه. نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا نُصبِحُ عِندَ ظُهورِه أَشباهَه لأَنَّنا سَنَراه كما هو"(1 يوحنا 3: 2). وقد مدح يعقوب الرسول تلميذ المسيح المتواضع " يَفتَخِرِ الأَخُ الوَضيعُ بِرِفعَتِه والغَنِيُّ بِضَعَتِه" (يعقوب 1: 9). يبدو أن بطرس لم ينسَ هذا المبدأ بقوله " أَيُّها الشُّبَّان، اِخضَعوا لِلشُّيوخ. والبَسوا جَميعًا ثَوبَ التَّواضُعِ في مُعامَلةِ بَعضِكم لِبَعْض، لأَنَّ اللهَ يُكابِرُ المُتَكبِّرين وُينعِمُ على المُتَواضِعين" (1 بطرس 5: 5). ذكر المسيح الكلام عن التواضع هنا، ولكن يظهر أنَّ هذا المبدأ غير محصور على التصرّف في الولائم بل يطال التواضع في كل أحوال الحياة. |
|