|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنِّي لاَ أَعْرِفُ التَّمَلُّقُ. لأَنَّهُ عَنْ قَلِيلٍ يَأْخُذُنِي صَانِعِي [22]. دفاعه عن أيوب ليس صادرًا عن محاباة أو مداهنة، ولا لطلب نفعٍ خاصٍ به، فإنه لم يعد لدى أيوب من سلطةٍ أو إمكانيات حتى يداهنه أليهو، وإنما يدافع عمن هو في وسط المزبلة، وإن كان في دفاعه يشير إلى خطأ أيوب الذي مع برِّه حين أتهم انشغل تمامًا بالدفاع عن نفسه، حتى على حساب تأكيد رعاية الله له وحنوه عليه. كان أليهو يتمتع بالشعور بالحضرة الإلهية، فلا يخشى إنسانًا ما، الأمر الذي يسقط في شباكه كثيرون، كقول الحكيم: "خشية الإنسان تضع شركًا، والمتكل على الرب يُرفع" (أم 29: 25). ما كان يشغل قلب أليهو هو شعوره بسرعة مجيء الرب، حيث يُحمل من هذا العالم ويقف أمامه، ويعطي حسابًا عن كل ما في قلبه وفكره كما عن سلوكه، وذلك أمام الخالق العارف بكل أسرار الإنسان، ولا يُخفى عليه شيء. هذا ما كان يدفعه للصمت ليسمع ويدرس في تأني، وهو ما يدفعه للكلام ليُقدم الحق في بساطةٍ وبدون تنميقٍ. هنا يدعو الله: "صانعي"، فهو الله الخالق المُهتم به شخصيًا، والعارف بأعماقه. هو إله الحق، وهو الحب، يقدم الحق لمؤمنيه، ويكشف لهم عنه أكثر فأكثر، ويسندهم لينطقوا بالحق، ويسلكوا فيه. هكذا يختم أليهو مقدمة حديثة الطويلة بتأكيد أنه لا يتملق أحدًا، ولا يحابي أصحاب الألقاب، إنما يقدم الحق في بساطة من أجل صانعه الذي يقف أمامه في يوم الرب العظيم. |
|