هذا التعبير العجيب عن عيني ذلك الحبيب «مغسولتان باللبن» غريب على مسامعنا، وهذا صحيح. فهو غير شائع لدينا الآن، لكنَّه لم يكن كذلك قديمًا، فعندما كان يُراد إثبات طهارة ونقاوة شيء ما كان يُذكَر أنَّه مغسول باللَّبن. وقد استخدم أيوب هذا التعبير وهو يحاجّ أصحابه مُثبِتًا لهم نقاوة سلوكه وتصرفاته، إذ يقول لهم: «إذ غسلتُ خطواتي باللبن» ( أي 29: 6 ). والمغزى من هذا التعبير، أنَّ اللَّبن يتميَّز ببياضه الناصع ( تك 49: 12 ؛ مرا4: 7)، ولذلك أيَّة شائبة تعلَق به، تُعكِّره تمامًا، وتبدو ظاهرة فيه. وكأنَّ أيوب أراد أن يقول: “لو أنَّ خطواتي (أي سلوكي وأفعالي) غُسِلت باللَّبن، سيظل اللَّبن صافيًا رائقًا مِمَّا يُثبت طهارة ونقاوة أفعالي”!