منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 23 - 03 - 2024, 02:04 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

العلاقة الحميمة بين بولس وجماعة فيلبّي




بولس الرسول


من القلب إلى القلب

منذ بداية الرسالة، نستشفُّ العلاقة الحميمة بين بولس وجماعة فيلبّي. لا نجد هنا »معلِّمًا« يُرسل »التعليمات« إلى المؤمنين، بل »أبًا« يكلِّم أبناءه بمحبَّة وأيّ محبَّة.

أ- أحنُّ إليكم حنان المسيح

بعد أن سلَّم الرسول على الكنيسة التي رتَّبها بقيادة الأساقفة (والأسقف هو من يُشرف على العمل ويهتمُّ بالجماعة بحيث لا ينقصها شيء) والشمامسة (والشمّاس هو »الخادم« على مثال المسيح، الذي يهتمُّ خصوصًا بالكرازة والأمور المادِّيَّة)، بدأ صلاته في حمد إلى الله، في إطار من الفرح سوف يتوزَّع الرسالةَ كلَّها. نتذكَّر هنا أنَّ بولس هو في السجن، وهو مهدَّد بأن يُرمى للوحوش، كما نعرف من الرسالة الأولى إلى كورنتوس (1 كو 15: 31). ومع ذلك هو يعبِّر عمّا في قلبه من فرح، لأنَّه أوَّلاً لا يخاف الموت. فهو يتمنّى سريعًا أن ينحلَّ ويكون مع المسيح (1: 23). وثانيًا، هو يكتب إلى من يحنُّ إليهم قلبه. قال: »أنتم في قلبي« (آ7). ونحن نعرف مركز القلب في الكتاب المقدَّس: هو عمق الشخص ومركز عواطفه. القلب هو الذي يميل بالإنسان، كما قال الربّ: »حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك« (مت 6: 21). بالقلب نفكِّر، بالقلب نفهم، بالقلب نرغب وبالتالي نعمل.

وقال الرسول أيضًا: »والله يشهد كم أحنُّ إليكم جميعًا حنان المسيح يسوع« (آ8). عاطفة جيّاشة تُشبه عاطفة الأمِّ تجاه أولادها. الأب ينحني على أولاده ليكون معهم وعلى مستواهم. وهكذا يفعل الرسول. حرفيٌّا: »أحنُّ في أحشاء المسيح«. هو وَلدهم للربّ الذي حمَلَهم في أحشائه كما الأمّ.

ولماذا هذا الفرح؟ أوَّلاً، شاركوا في الإنجيل، صاروا رسلاً مع الرسول (آ5). صار همُّه همَّهم وهمُّهم همَّه. ذاك مفهوم الشركة (كوينونيّا في اليونانيَّة) في الكنيسة. لا المشاركة المادِّيَّة فقط، بل المشاركة الروحيَّة أيضًا. في السجن هم معه. في تثبيت الإنجيل هم معه. ويشاركونه في النعمة التي نالها. على هذه الصورة تكون الرعيَّة برفقة راعيها، وكلُّ جماعة مع الذي يجمعها حول شخص يسوع المسيح.

وفرح ثانيًا، لأنَّه رأى عمل الله الذي بدأ، يتواصل يومًا بعد يوم. أتُرى الله يبدأ ولا يتمِّم، مع أنَّه أعطانا مثلاً عن رجل يريد أن يبني برجًا (لو 14: 28-29)؟ أتُراه لا يقدر أن يكمِّله؟ مستحيل. فقال الرسول: »أنا واثق بأنَّ الذي بدأ فيكم عملاً صالحًا يكمِّله إلى يوم يسوع المسيح« (آ6). والعمل الصالح هنا، هو رسالة الإنجيل. الله هو في أساس العمل، والعمل عملُه (2 كو 8: 8). والرسول يفرح لأنَّ جماعة فيلبّي انخرطت في هذا العمل وما تراجعت. كما هي لم تنغلق على ذاتها، وكأنَّها مركز العالم. بل انفتحت على سائر »الكنائس« فلحقت بالرسول إلى تسالونيكي (4: 16) وإلى كورنتوس، على ما قال في الرسالة الثانية إلى كورنتوس: »فالإخوة الذين جاؤوا من مكدونية سدُّوا حاجتي« (11: 9). وإذ يقول الرسول مكدونية، فهو يقول بالدرجة الأولى فيلبّي.

وفرح الرسول ثالثًا لِما رأى من محبَّة لدى جماعة فيلبّي. وإذ هو تحدَّث عن محبَّتهم، أطلق تمنِّياته: تزداد المحبَّة عمقًا، يصير المؤمنون أنقياء، يمتلئون من ثمر البرّ.

من أجل هذا يدعوهم إلى الجهاد. والمثال: جهاد بولس الذي بدأ وهو يتواصل. وجهادهم أيضًا بدون خوف من الخصوم مع هذه الكلمة الرائعة التي تعتبر الآلام في سبيل المسيح نعمة شبيهة بنعمة الإيمان. قال: »ما أُنعم عليكم فقط أن تؤمنوا بالمسيح، بل أن تتألَّموا لأجله« (آ29).

ب- أعرف أحوالكم فيطمئنُّ قلبي

بولس هو في السجن ولا يقدر أن يزور الجماعة. لهذا أرسل إليها تيموتاوس لكي يحمل إليه الأخبار الطيِّبة. نستطيع أن نقول هنا ما قاله الرسول حين كتب إلى كنيسة تسالونيكي: »فرغ صبرنا... فأرسلنا تيموتاوس... ليشجِّعكم ويقوّي إيمانكم« (1 تس 3: 1). وارتاح الرسول حين أتى تيموتاوس »وبشَّرنا بما أنتم عليه من إيمان ومحبَّة، وقال لنا إنَّكم تذكروننا بالخير دائمًا وتشتاقون إلى رؤيتنا كما نشتاق إلى رؤيتكم« (آ6).

تلك هي عاطفة الرسول. فردَّت عليها الجماعة بأجمل منها: »أرسلت إليه أبفروديتس لكي يحلَّ محلَّها في معاونة الرسول: جاء »ليكمِّل ما نقص من خدمتكم لي« (2: 30). ولكن تعرَّض أبفروديتس للصعوبة حين وصل إلى بولس. وساءت صحَّته. »حتى أشرف على الموت« (آ 27) ما تطلَّع بولس إلى نفسه، بل إلى هذا الذي دعاه: »أخي ومعاوني ورفيقي في الجهاد« (آ25). نلاحظ هنا: ما من أحد يفكِّر بنفسه، بل بالآخرين. فأبفروديتس لا يُظهر تضايقه بالنسبة إلى وضعه، بل »هو متضايق لأنَّكم سمعتم بمرضه« (آ26). أجل، ما أراد أن تحمل الجماعة الفيلبّيَّة همَّه. وكذا نقول عن بولس. حزنه حزنان: من أجل أبفروديتس ومن أجل الجماعة التي ربَّما تخسر »أمثال« (آ29) هذا الخادم الأمين. والجماعة تحمل همّ بولس الذي هو في السجن، وهم ابفروديتس المريض. الفرح مشترك، والحزن مشترك.

لا بأس أن يعود أبفروديتس ويبقى بولس وحده. ما يريده هو أن »يعود الفرح« (آ28) إلى الجماعة، وبذلك »يقلُّ حزن« الرسول. وبعد هذه المحنة القاسية التي مرَّ فيها الجميع، لا يتوقَّف بولس عن النداء إلى الجماعة: »وبعد، يا إخوتي، افرحوا في الربّ« (3: 1). فالفرح هو علامة المؤمن الذي يعرف أنَّ كلَّ شيء يؤول لخير أحبّاء الربّ. ولهذا عاد بولس وقال أيضًا: »افرحوا دائمًا في الربّ، وأقول لكم أيضًا: افرحوا« (4: 4).

ج- الإخوة الذين أحبُّهم

تساءل الشرّاح مرارًا: لماذا تأخَّر بولس لكي يشكر أهل فيلبّي على ما أرسلوا إليه من مساعدة؟ ورأى آخرون أنَّه كتب أكثر من رسالة قصيرة، وكان »الشكر على المعونة« رسالةً قصيرة ضُمَّت إلى غيرها. هي دراسات نقديَّة، علميَّة، لا تؤثِّر في العلاقات بين الرسول وأبنائه في الإيمان.

فما يهمُّ بولس أوَّلاً هو إظهار محبَّته لهذه الجماعة. دعاهم »إخوتي الأحبّاء« (4: 1)، وعاد يقول لهم في نهاية الآية: »يا أحبّائي«. هو يشتاق إليهم. هم فرحه، هم إكليله. لم يبقَ كلام لم يمدحهم به، قبل أن يشكرهم على ما قدَّموا له من إعانة، وخصوصًا لأنَّهم أرسلوا إليه أبفروديتس. قال الرسول:

»فرحتُ في الربِّ كثيرًا عندما رأيتُ أنَّكم عدتم أخيرًا إلى إظهار اهتمامكم بي. نعم، كان لكم هذا الاهتمام، ولكنَّ الفرصة ما سنحت لكم« (آ10). تميَّزت فيلبّي عن غيرها من الكنائس. كانت »تجارة« رابحة بين الرسول وبينهم. هو قدَّم »الخيرات الروحيَّة« وهم قدَّموا له »الخيرات الجسديَّة«. يا للتبادل العجيب! وهكذا ما شابهت كنيسةٌ كنيسة فيلبّي، والبعض ينسب ذلك إلى حضور ليدية، بائعة الأرجوان (أع 16: 14ي). فكورنتوس مثلاً أخذت وما عرفت أن تعطي. بل اعتبرت الرسول مديونًا لها. لهذا جاء كلام الرسول لهم قاسيًا، ولاسيَّما في ما يخصّ جمع التبرُّعات. فالكورنثيّون يتكلَّمون كثيرًا ولا يفعلون. قال بولس: »فأنا أخاف أن يجيء معي بعض المكدونيّين ويجدوكم غير مستعدِّين، فنخجل نحن، حتّى لا أقول أنتم« (2 كو 9: 4).

هنا يبرَز تجرُّدُ الرسول: يعيش في السعة كما في الضيق، في الجوع كما في الشبع. فالأمور المادِّيَّة لا يمكن أن تكون عائقًا في طريق الرسالة. فالقوَّة لا تأتي من الطعام والشراب، والرسالة لا تستند إلى البشر. ولكن مع ذلك، فرح الرسول حين حمل إليه أبفروديتس »هديَّة« أهل فيلبّي، وقال: »صرتُ في سعة« (فل 4: 18أ). وبدا بولس أنَّه لم يأخذها من البشر، بل من الله. في العهد القديم كان المؤمنون يحملون تقادمهم إلى الهيكل، يأخذ الكاهن منها »حصَّته«. وهكذا فعل بولس هنا. قال عن عطيَّة فيلبّي: »هي تقدمة لله طيِّبة الرائحة، وذبيحة مقبولة ومرضيَّة لله« (آ18ب). هو موضوع الذبيحة هنا كما في الرسالة إلى رومة: »فأناشدكم، أيُّها الإخوة، برأفة الله أن تجعلوا من أنفسكم ذبيحة مقدَّسة مرضيَّة عند الله« (رو 12: 1).
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
حين كتب بولس إلى أهل فيلبّي دعاهم إلى الطاعة
بشَّر بولس تسالونيكي عاصمة مكدونية بعد فيلبّي
فيلبّي مدينة في مكدونية (اليونان) جاء إليها بولس مع سيلا ومع تيموتاوس
حسبي أنَّ المسيح يُبشَّر به ذاك هو كلام بولس في الرسالة إلى فيلبّي
تفاصيل العلاقة الآثمة بين بريطانيا وجماعة الإخوان


الساعة الآن 09:08 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024