|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَرْضِ ظَلاَمٍ مِثْلِ دُجَى ظِلِّ الْمَوْتِ، وَبِلاَ تَرْتِيبٍ، وَإِشْرَاقُهَا كَالدُّجَى [22]. لم يرد القديس يوحنا الذهبي الفم أن يتحدث عن موضع جهنم سوى أنها "خارج هذا العالم"(457)، لكنه تحدث في شيء من التفصيل عن لعناتها. ففي إحدى عظاته يقول: [إنها بحر من النار، ليست بحرًا من ذات النوع بالأبعاد التي نعرفها هنا، بل أعظم وأعنف، بأمواج نارية، نيران غريبة مرعبة. توجد هناك هوة عظيمة مملوءة لهيبًا مرعبًا. يمكن للإنسان أن يرى النار تخرج منها من كل جانبٍ مثل حيوانٍ مفترسٍ... هناك ليس من يقدر أن يقاوم، ليس من يقدر أن يهرب. هناك لا ُيرى وجه المسيح الرقيق واهب السلام في أي موضع. وكما أن الذين صدر عليهم الحكم بالعمل في المناجم هم أناس عنفاء، لا يرون بعد عائلاتهم، بل الذين يسخرونهم، هكذا يكون الأمر هناك. ولكن ليس بالأمر البسيط هكذا، بل ما هو أردأ بكثير. لأنه هنا يمكن أن يقدم الإنسان التماسًا للإمبراطور طالبًا الرحمة، وقد ُيعفي عن السجين، أما هناك فلن يحدث هذا. إنهم لن يخرجوا بل يبقوا، يحتملون عذابات لا يمكن التعبير عنها.] يقول القديس يوحنا الذهبي الفم إنه بالرغم من كل هذه العذابات فإن العذاب الرئيسي للمدانين هو حرمانهم من حضرة الرب وشركة القديسين في السماء. درجات العذابات مختلفة في الجحيم، تعتمد على مدى خطايا الإنسان ، لكن الكل يسقط تحتها أبديًا. يقول: [مستحيل أن يكون عذابات جهنم غير موجودة.] وهو يرى أن هذه العذابات ليست لمجرد تحقيق العدل الإلهي، لكنها وُضعت لحث البشرية على التوبة والامتناع عن الخطية. يقول: [إن كان الله يهتم ألاّ نخطئ، وإن ندخل في متاعب كهذه لتصحيحنا، فواضح أنه يعاقب الخطاة ويكلل الأبرار.] كما يقول إنه يعد جهنم، حتى لا يُلقى أحدًا في جهنم. * كما أن الموت الخارجي يفصل الجسد عن النفس، هكذا الموت الداخلي يفصل النفس عن الله. هكذا فإن "ظل الموت" هو ظلمة الانفصال، حيث كل واحدٍ من الذين يُدانون بنار أبدية تهلكه، يكون في ظلمةٍ من جهة النور الداخلي. الآن فإن طبيعة النار أن تصدر نورًا، ولها سمة التدمير، أما النار التي تسخط على خطايا سابقة، فلها سمة التدمير وليس لها نور. لذلك يقول الحق للهالكين: "اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المُعدة لإبليس وملائكته" (مت 25: 41). وإذ يتمثلون جميعًا في شخصٍ واحدٍ، يقول: "اربطوا رجليه ويديه، وخذوه واطرحوه في الظلمة الخارجية" (مت 22: 13). لو أن النار التي تعذب الهالكين يمكن أن يكون لها نور لما قيل عن المطرودين خارجًا "اطرحوه في الظلمة". هكذا أيضًا يقول المرتل:" تسقط النار عليهم ولا يعاينوا الشمس" (مز 58: 8 Vulgate). إذ تسقط النار على الأشرار. البابا غريغوريوس (الكبير) * الكلمات: "بلا ترتيب" عجيبة للغاية، فإن الله القدير، الذي بحق يعاقب على الشرور لن يسمح حتى للعذابات أن تكون "بدون ترتيب". العقوبات ذاتها التي تصدر عن ميزان العدالة لا يمكن بأية كيفية أن توقع "بدون ترتيب"، إذ كيف يمكن ألا يكون ترتيب في العقوبات التي يصدرها، مادامت حسب قياس الجريمة هكذا تكون العقوبة التي تلحق بالذين يدانون أبديًا. وكما هو مكتوب: "لكن القادرين يكون عذابهم أشد، والعذابات الأشد تحل على الأقوياء" (حك 6: 6 ،7). قيل في دينونة بابل: "بقدر ما مجدت نفسها وتنعمت، بقدر ذلك أعطوها عذابًا وحزنًا" (رؤ 18: 7). فإن كانت العقوبة حسب قياس الخطية، فإنه حق لا يمكن إنكاره إنه يوجد ترتيب محفوظ في العقوبات... كما أنه في بيت أبينا منازل كثيرة حسب تنوع الفضائل، هكذا يوجد اختلاف في الجريمة، ويخضع المدانون لعقوبة متباينة في نيران جهنم. فمع أن جهنم واحدة وهي بعينها للكل، لكن هذا لا يعني أن الكل يحترقون بذات الكيفية. * "وإشراقها كالدجى" [22]. بالرغم من النار في ذلك الموضع لا تعطي نورًا للراحة، إلا أنه لأجل عذابهم بالأكثر تضيء بهدف معين. فإن المدانين سيرون باللهيب المنير أتباعهم معهم في العذاب، هؤلاء الذين من أجل حبهم للعصاة فضلوا محبة الحياة الجسدانية عن وصايا الخالق... يُظهر لنا الحق أن الغني الذي كان نصيبه أن ينزل في عذابات النار الأبدية (لو 17: 19-31) وصف بأنه يتذكر إخوته الخمسة، وقد سأل إبراهيم أن يرسل لهم لتعليمهم، حتى لا يسقطوا تحت نفس العقوبة في المستقبل. فمن الواضح - دون شك - إن ذاك الذي يتذكر أقرباءه الغائبين قد ضاعف من آلامه، فكم بالأكثر عندما يراهم فيما بعد بعينيه حاضرين معه يزيد من عذابه. البابا غريغوريوس (الكبير) العلامة أوريجينوس * في النور وفي المجد توجد درجات. وفي جهنم نفسها وفي العقاب يظهر أنه يوجد سحرة ولصوص، كما يوجد آخرون ممن ارتكبوا خطايا أقل. القديس مقاريوس الكبير |
|