|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَاذهَبوا إلى مَفارِقِ الطُّرق وَادعُوا إلى العُرْس كُلَّ مَن تَجِدونَه تشير عبارة "مَفارِقِ الطُّرق" في الأصل διεξόδους τῶν ὁδῶν (معناها حدود الطرق)، إلى تلك النقاط التي تنتهي فيها شوارع المدينة والمسارات المؤدية إلى منطقة الريف، خارج المدينة، إلى الأماكن الهامشيّة. هذا الأمر يدل على دعوة الملك إلى المنبوذين في إسرائيل، وهم العَشَّارون والخطأة؛ وهذا الأمر يُذكّرنا أن دَعْوة الرَّبّ هي دَعْوة مجانيّة، فالّذين كانوا في الطُّرقات والساحات لا حقوق لهم عند المَلِك على الإطلاق، ولم يكن يخطر ببالهم قط أن ينالوا هذا الشَّرف، ولم يكونوا يستحقّونه أبدًا. لكنّ كرَم الرَّبّ ورضاه ونعمته هي الّتي فتحت أمامهم هذا البَاب. فالنِّعْمة هي صاحبة الدَعْوة، والنِّعْمة هي الّتي جذبت النَّاس إلى المَلكُوت. يعلق جي. بي. بوسوي " لكن أين نجد المدعوّين؟ "اذهَبوا إلى مَفارِقِ الطُّرق وَادعُوا إلى العُرسِ كُلَّ مَن تَجِدونَه (متى22: 9)؛ "وَأتِ إِلى هُنا بِالفُقَراءِ والكُسْحانِ والعُمْيانِ والعُرْجان " (لوقا 14: 21) "فإِنِّي ما جِئتُ لأَدعُوَ الأَبْرارَ، بَلِ الخاطِئين "(متى9: 13)"(تأمّلات في الإنجيل). ليس على الإنسان أن يكون صالحًا ليدخل إلى ردهة العُرْس، أي إلى الملكوت، بل يكفي أن يلبِّي الدَّعوة. أمَّا عبارة "اذهَبوا إلى مَفارِقِ الطُّرق وَادعُوا إلى العُرْس كُلَّ مَن تَجِدونَه " فتشير إلى عدم إحباط الملك من الرفض المدعوِّين الأوائل ففتح دعوته للجميع. وهي دَعْوة من سلسلة ثانية من الذين يحلِّون محل المَدعُوِّينَ المُتخلِّفين حيث يأمر المَلِك الإتيان بهم من مفارق الطُّرق، أي من اليهود المنبوذين والخاطئين (الخراف الضالة في إسرائيل (متى 10: 6). لقد غيّر المَلِك برنامجه: "حَطَّ الأَقوِياءَ عنِ العُروش ورفَعَ الوُضَعاء" (لوقا 1: 52)، ولم يُلغِ المَلِك الحفلة التي كان هيّأها لابنه وولِيِّ عرشه. أمَّا لوقا الإنجيلي فأن المَلِك يأمر بالإتيان بهم من الطرق والأماكن المُسيَّجة أي من العَالَم الأممي الوثني ويُرغمهم على الدخول (لوقا 14: 23)، أي حثَّهم على الدخول، وذلك باستخدام وسيلة الإقناع، لا القهر والعنف، وسيلة التخجيل، كما يحدث في الضيافة الشرقية وليس الإكراه. ومن أمثال هؤلاء الخَدَم هم فيلبس وبطرس وبولس: "فنزَلَ فيليبُّسُ مَدينةً مِنَ السَّامِرَة وجعَلَ يُبَشِّرُ أَهلَها بِالمَسيح" (أعمال الرُّسُل 8: 5)، وبشّر بطرس قرنيليوس الرُّوماني أَقارِبَه وأَخَصَّ أَصدِقائِه وعمَّدوهم (أعما ل الرُّسُل 10: 24-31)؛ ونادى بولس الرَّسُول لأهل أثينا " يُعلِنُ الله الآنَ لِلنَّاسِ أَن يَتوبوا جَميعًا وفي كُلِّ مَكان" (أعمال الرُّسُل 17: 30). أمَّا عبارة "وَادعُوا إلى العُرْس كُلَّ مَن تَجِدونَه " إلى دَعْوة شاملة؛ بما أن اليهود رفضوا عمدًا دَعْوة الله، دعا الله الأممِّيين الوَثَنِيِّين، فآمنوا ولبّوا دَعْوة المسيح ودخلوا إلى الكنيسة. أمَّا عبارة "كُلَّ " فتشير إلى جميع النَّاس الذين هم مدعوين إلى وليمة العُرْس وقد هذه الدَعْوة مرتين في النَّص (متى 22: 10). وهكذا لم تعُد الوليمة مُخصّصًة لعدد قليل من المقرَّبين بل أصبحت مُتاحة ليس فقط لبعض النَّاس، بل للجميع. الله يدعو الكل للخلاص. يعلق البابا فرنسيس "يدعو الله حتى المُهمَّشين، وكذلك الذين يرفضهم المجتمع ويحتقرهم، يعتبرهم الله أهلًا لمحبته، وهو يعدّ وليمته للجميع: أبرار وخطأة، صالحون وأشرار، أذكياء وغير مثقّفين" (عظة البابا فرنسيس 11/10/2020). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|