|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"قالَ لَهم يسوع: أَما قَرأتُم قَطّ في الكُتُب: الحَجَرُ الَّذي رذَلَهُ البنَّاؤُونَ هو الَّذي صارَ رَأسَ الزَّاوِيَة. من عِندِ الرَّبِّ كانَ ذلك وهو عَجَبٌ في أَعيُنِنا" تشير عبارة "أَما قَرأتُم قَطّ في الكُتُب" إلى الاستشهاد بالكتاب المقدس (رومة 1: 2)، وبالتحديد بسفر المزامير "الحَجَرُ الَّذي رَذَلَه البَنَّاؤون قد صارَ رأسَ الزَّاوِيَة. مِن عِندِ الرَّبِّ كانَ ذلك وهو عَجَبٌ في أَعيُينا" (مزمور 118: 22-23)؛ وهذ المزمور هو أحد مزامير التهليل التي يُنشد في عيد الفصح، ويُعد مزمورًا مسيحانيًا. وقد هتفت الجماهير بهذا المزمور "هوشعنا" لدى دخول يسوع المسيح إلى اورشليم منتصرا، مشيرةً إلى مجده. وهذا المزمور مستوحى من النبي أشعيا "ذلك قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ: ها إِنِّي واضِعٌ حَجَراً في صِهْيون حَجَراً مُمتَحِناً، رَأسَ زاوِيَةٍ كَريماً أَساساً مُحكَماً مَن آمَنَ بِه لَن يَتَزَعزَع" (أشعيا 28: 16). ولقد بادرت الجَّماعة المسيحية الناشئة إلى تطبيق هذا المزمور على قيامة يسوع، منشئ شعب الله الجديد، كما جاء في كلام بطرس الرسول أمام المجلس اليهودي "هذا هو الحَجَرُ الَّذي رَذَلتُموه أَنتُمُ البَنَّائين فصارَ رَأسَ الزَّاوِيَة"(أعمال الرسل 4: 11)، وفي كلمته أيضًا إلى "المُخْتارينَ الغُرَباءِ المُشَتَّتينَ في البُنْطِ وغَلاطِيَة وقَبَّدوقِيَة وآسِيَة وبِتييِيَة قال بطرس الرسول "اقتربوا مِنه فهو الحَجَرُ الحيُّ الَّذي رَذَلَه النَّاس فاختارَه الله وكانَ عِندَه كَريمًا " (1 بطرس 2: 1، 4). أمَّا عبارة "الحَجَرُ" إلى "تغير الاستعارة من الكَرْمة إلى حجر الزاوية الذي هو يسوع المسيح" الذي رذله البناؤون واعتبروه غير صالح للبناء "هذا هو الحَجَرُ الَّذي رَذَلتُموه أَنتُمُ البَنَّائين فصارَ رَأسَ الزَّاوِيَة (أعمال الرسل 4: 11). أمَّا عبارة "الحَجَرُ الَّذي رذَلَهُ البنَّاؤُونَ" فتشير إلى حجر ٍضخم وجده البنّاؤون عندما أرادوا بناء هيكل سليمان، فظنّوا أنه لا يصلح لشيءٍ فاحتقروه، ولكن لمّا احتاجوا إلى حجر في رأس الزاوية لم يجدوا حجرًا يصلح مثل ذلك الحجر. وكان ذلك رمزًا للسيِّد المسيح الذي احتقره رجال الدين اليهودي، ولم يعلموا أن الحجر الذي يربط بين الحائطين في الهيكل الجديد، يضم فيه من هم من اليهود ومن هم من الأمم، ليصير الكل أعضاء في الملكوت الجديد، كما جاء في تعليم بولس الرسول عن المسيح " إِنَّه سَلامُنا، فقَد جَعَلَ مِنَ الجَماعتَينِ جَماعةً واحِدة وهَدَمَ في جَسَدِه الحاجِزَ الَّذي يَفصِلُ بَينَهما، أَيِ العَداوة" (أفسس 2: 14)؛ أمَّا عبارة "البنَّاؤُونَ" فتشير إلى المسؤولين في الأُمَّة اليهودية وسيما شيوخ اليهود ذلك العصر الذين أبوا أن يقبلوا يسوع مسيحًا لهم (أعمال الرسل متى 4: 11) وسبب رفضهم يسوع أنَّه كان من عائلة فقيرة، وكان متواضعًا محتقرًا ، كما وصفه أشعيا النبي "لا صورَةَ لَه ولا بَهاءَ فنَنظُرَ إِلَيه ولا مَنظَرَ فنَشتَهِيَه. مُزدَرًى ومَتْروكٌ مِنَ النَّاس رَجُلُ أَوجاعٍ وعارِفٌ بِالأَلَم ومِثلُ مَن يُستَرُ الوَجهُ عنه مُزدَرًى فلَم نَعبَأْ بِه" (أشعيا 53: 2-3)، ولم يكن له جاه عالمي ومملكة عالمية. أمَّا عبارة "هو" فتشير إلى يسوع المسيح، أساس الكنيسة. أمَّا عبارة "صارَ رَأسَ الزَّاوِيَة" فلا تشير إلى حجر العقد اعلى القوس، إنما إلى حجر الزاوية في البناء عند ملتقى حائطين، وهو عنصر تماسكها، ودونه البناء معرضٌ للسقوط في أية لحظة. فهو يستخدم كقاعدة لضمان استقامة واستواء سائر أحجار البناء، وعليه تعتمد قوة البناء. وان البناء الحقيقي لن يقوم إلاَّ بوجوده، وهو يرمز إلى المسيح، وذلك حسب تعليم القدّيس بولس القائل: "وحَجَرُ الزَّاوِيَةِ هو المسيحُ يسوعُ نَفْسُه" (أفسس 2: 20)، انه أساس الكنيسة على رغم كل مقاومات اليهود (أفسس 19: 22). أمَّا عبارة "عَجَبٌ" فتشير إلى امرٍ حيّر كل من نظر فيه لكونه خلاف ما توقعه أكثر أفراد الأُمَّة اليهودية. ولا شك فيه أن كل حوادث عمل الفداء هي غاية في العجب مثل تجسد ابن الله وصلبه وقتله وقيامته ونشأة الكنيسة المقدسة الجامعة والرسولية. أمَّا عبارة "هو عَجَبٌ في أَعيُنِنا" فتشير إلى صورة عن موت يسوع وقيامته، وهو عمل الله العجيب في مفهوم المسيحيين. وهنا يُرفع الستار عن هوية يسوع، انه الابن الذي اسلمه المسؤولون إلى الموت، والذي سوف يمجّده الله. يسوع هو العنصر الأساسي لعمل الله الذي يقيم ابنه، ويُسلِّم الملكوت إلى كرَّامين يعطون ثمرًا. فلم يعد القارئ المسيحي يجد نفسه أمام مجرد الإنباء بموت يسوع، إنَّما انتقل إلى عمل الله العجيب في قيامة ابنه يسوع المسيح. ورأت الجماعة المسيحية الأولى في هذا المَثَل بعد أحداث الفصح إنباء خاصَا بسرِّ الفصح، فأضافت هذه الآية (متى 21: 42) جاعلة على لسان يسوع آية مزمور "الحَجَرُ الَّذي رَذَلَه البَنَّاؤون قد صارَ رأسَ الزَّاوِيَة" (118: 22)، وأصبح المَثَل يُعبّر عن معنى موت يسوع وقيامته. ومن هذا المنطلق، أصبح المَثَل نبويًا يدل على النصرة النهائية للابن ورفعته. وبعبارة موجزة، المَثَل هو صورةٌ لرفض المسيح من قبل اليهود، فأصبح حجر الأساس للكنيسة المسيحية، وذلك بفعل الله بإقامته من بين الأموات. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|