|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأكيد الدمار: 4 وَقَدْ أَرْسَلَ الرَّبُّ إِلَيْكُمْ كُلَّ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ مُبَكِّرًا وَمُرْسِلًا فَلَمْ تَسْمَعُوا وَلَمْ تُمِيلُوا أُذُنَكُمْ لِلسَّمْعِ، 5 قَائِلِينَ: ارْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيءِ وَعَنْ شَرِّ أَعْمَالِكُمْ وَاسْكُنُوا فِي الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَاكُمُ الرَّبُّ إِيَّاهَا وَآبَاءَكُمْ مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. 6 وَلاَ تَسْلُكُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لِتَعْبُدُوهَا وَتَسْجُدُوا لَهَا، وَلاَ تَغِيظُونِي بِعَمَلِ أَيْدِيكُمْ فَلاَ أُسِيءَ إِلَيْكُمْ. 7 فَلَمْ تَسْمَعُوا لِي، يَقُولُ الرَّبُّ، لِتَغِيظُونِي بِعَمَلِ أَيْدِيكُمْ شَرًّا لَكُمْ. 8 «لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ لَمْ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِي 9 هأَنَذَا أُرْسِلُ فَآخُذُ كُلَّ عَشَائِرِ الشِّمَالِ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَإِلَى نَبُوخَذْرَاصَّرَ عَبْدِي مَلِكِ بَابِلَ، وَآتِي بِهِمْ عَلَى هذِهِ الأَرْضِ وَعَلَى كُلِّ سُكَّانِهَا وَعَلَى كُلِّ هذِهِ الشُّعُوبِ حَوَالَيْهَا، فَأُحَرِّمُهُمْ وَأَجْعَلُهُمْ دَهَشًا وَصَفِيرًا وَخِرَبًا أَبَدِيَّةً. 10 وَأُبِيدُ مِنْهُمْ صَوْتَ الطَّرَبِ وَصَوْتَ الْفَرَحِ، صَوْتَ الْعَرِيسِ وَصَوْتَ الْعَرُوسِ، صَوْتَ الأَرْحِيَةِ وَنُورَ السِّرَاجِ. [4-10]. يُلَاحَظ في العبارات السابقة الآتي: أولًا: هنا يوجه إرميا التماسه إلى عامة الشعب وليس للطبقة الحاكمة فقط. ثانيًا: يؤكد إرميا النبي أن ما نادى به خلال الثلاث وعشرين سنة لم يكن بالأمر الجديد، فقد سبق وأرسل لهم الله أنبياء منذ وقتٍ مبكرٍ ينذرهم بذات الرسالة. فمن جانب ليس لهم عذر بسبب مقاومة الأنبياء الكذبة له. لو كان إرميا هو النبي الفريد في حمل هذه الرسالة لتشككوا، لكن سبقه إشعياء النبي وغيره، فما هو عذرهم؟! ومن جانب آخر، فإن الله تمهل عليهم سنوات هذه عددها لعلَّهم يرجعون إلى أنفسهم ويتوبون، لكنهم عوض التوبة استهانوا بطول أناة الله ولطفه، ظانين أن الله يهدد ولا يؤدب! ربما أراد النبي تأكيد استمرارية خدمته لهم، فقد قضى من عمره هذه السنوات الطويلة دون أدنى استجابة من جانبهم، وقد بقى وسيبقى يعلن كلمة الله لهم بلا ملل! ثالثًا: بقوله "عمل أيديكم" [6]ربما يشير إلى صنع التماثيل أو الأوثان التي يصنعونها ثم يتعبدون لها، وقد تشير إلى الشر الذي يرتكبوه، وكأن شرهم قد تمثّل في عبادتهم للأوثان كما في تصرفاتهم الشريرة وسلوكهم الرديء. رابعًا:يقدم الحكم على يهوذا باسم "رب الجنود" [8] الذي يستدعي كل عشائر الشمال وسكانها ضد يهوذا. هنا يقوم الرب كقائد جنود لا للدفاع عن شعبه بل لتأديبهم، مستخدمًا نبوخذنصر عبدًا له يتمم إرادته. إنه ليس عبدًا له لأنه متعبد له، وإنما بكونه أداة في يد الرب... يقيم به حربًا مقدسة ضد شعبه! خامسًا: الإشارة لعشائر الشمال [9] هي إشارة للطبيعة المعقدة للإمبراطورية الأشورية وخليفتها الإمبراطورية البابلية. سادسًا:يؤدب يهوذا وكل الشعوب التي حواليها، ربما لأنها اتكلت عليها وأخذت بمشورتها عوض الاتكال على الرب واستشارته. يجعلهم في حالة رعب (دهشًا) وخرابٍ تامٍ، وينزع عنهم كل علامات الحياة، من أفراح وزيجات وصوت طحن الغلة (الأرحية) والنور، كأنهم يصيرون في حالة موت: أحزان وفقدان للعائلات، وعدم وجود طعام، مع ظلمة! يصيرون كمن هم في قبورٍ قابضة بلا حياة. بجانب هذا يسقطون تحت العبودية حيث تسبيهم بابل 70 عامًا. يرى البابا أثناسيوس الرسوليأن النبوة هنا قد تحققت بالأكثر لا في السبي البابلي بل في سبيهم بجحد الإيمان بالسيد المسيح المحيي. * عندما جاء الرب ووجد إسرائيل بلا ثمر لعنهم خلال معجزة شجرة التين التي قال عنها: "لا يكون منكِ ثمر بعد" (مت 21: 19). بسرعة انتهت شجرة التين هذه بلا ثمر حتى تعجب تلاميذه عندما رأوها قد جفت، بهذا تحققت كلمات النبي (إر 25: 10). البابا أثناسيوس الرسولي سابعًا: يقول: "آتي بهم على هذه الأرض"... ماذا يعني هذا؟حين يرفض الشعب الالتصاق بالسماوي يتركهم ليلتصقوا بالأرض فيصيرون أرضًا، لا سماء. لهذا عندما جاء مسيحنا السماوي ليردنا من سبينا، فتح بدم ذبيحته طريق السماء الملوكي، فلا يُقال عنَّا: "آتي بهم على هذه الأرض"، بل آتي بهم إلى السماء عينها. لهذا يتحدث القديس يوحنا الذهبي الفم عن الإفخارستيا كرحلة إلى السماء، قائلًا: * كأن الإنسان قد أُخذ إلى السماء عينها، يقف بجوار عرش المجد، ويطير مع السيرافيم ويتغنى بالتسبحة المقدسة . * أُهرق هذا الدم فاتحًا طريق السماء!. * مادمنا قد صرنا سمائيين، وحصلنا على ذبيحة كهذه، فلنخف! يليق بنا ألا نستمر في زحفنا على الأرض، ومن يريد منَّا ألاَّ يكون بعد على الأرض، فإنه يستطيع الآن... إذ نقترب من الله نصير في السماء، بل ماذا أُريد من السماء إن كنت أرى رب السماء وصرت أنا نفسي سماءً...؟! أقصد لنتمثل ببولس الذي وهو على الأرض يقضي حياته في السماء . القديس يوحنا الذهبي الفم هذا هو حال النفس التي تدخل إلى حالة عداوة مع الله ورغبة في الاستقلال عنه، هذه التي لا تستجيب لصوت الرب على أفواه أنبيائه. إنها تفقد اتحادها بالله مصدر حياتها، فتُحسب ميتة، أما علامات الموت فهي: أ. يجعلها دهشًا، أي في حالة رعب، لا لأسباب خارجية، وإنما لفقدان الرب مصدر السلام. ترتعب من لا شيء، وتهرب إلى حيث لا تدرى. ب. تصير صفيرًا، يستهزئ الكل بها، لأنها انهارت تمامًا، وصارت مثلًا رديئًا، يسخر بها الجميع. ج. حلّ بها الخراب الأبدي، لا طريق للإصلاح إلا الإقامة من الأموات... تحتاج إلى ذاك الذي يحيي ويخلص من الموت! د . تفقد الفرح الداخلي: لا يُسمع فيها صوت الطرب وصوت الفرح... لا تحمل في داخلها ملكوت الله المفرح، ولا شركة مع السمائيين المسبحين بلا انقطاع! ه. تحرم من روح الأسرة أو الحياة الكنسية الجماعية، فيبيد منها صوت العريس وصوت العروس! تسيطر الـ ego على النفس فتحرمها من حياة الشركة والاتحاد مع الغير في الرب، فلا تعرف العائلة الإلهية حيث يتقدم الرب عريسًا لكل النفوس التي هي عروسه الواحدة! و. تفقد طعامها الروحي، حيث يبيد صوت الأرحية، فلا يطحن فيها حنطة طعامًا للناس ولا شعيرًا طعامًا للحيوانات. تفقد النفس طعامها، ويفقد الجسد مجده الداخلي... ويدخل الإنسان بكليته في مجاعة لكلمة الرب وحرمان من الطعام الأبدي! ز. يحوط بها ظلام الجهل وعدم المعرفة حيث "لا نور سراج". تفقد بصيرتها الداخلية، ونور عينيها، فلا تعاين الأمجاد المعدة لقديسي الرب. إصلاح مثل هذه النفس يحتاج إلى تدخلٍ إلهي، لتتمتع بالعتق من سبي الخطية والعودة إلى الأصحاح الأحضان الإلهية، حيث تنعم بالحياة المقامة المجيدة. تجد الله نفسه سر سلامها ومجدها وفرحها وشبعها الدائم واستنارتها. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|