|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
غاية التَّجَلِّي لشخص يسوع المسيح أعلنت رواية التَّجَلِّي حقيقة يسوع كإبن الله الذي طال انتظاره، وهو " شُعاعُ مَجْده وصُورةُ جَوهَرِه" (عبرانيين 1: 3). فلم يكن يسوع مُجرد واحد من الأنبياء، بل ابن الله الوحيد الذي يفوق سلطانهم وقوتهم. ومن هذا المنطلق، كشف التَّجَلِّي عن لاهوت يسوع المسيح حول مَجْده أكثر بكثير مما حدث في قانا الجليل بتحويل الماء خمرًا؛ فالتَّجَلِّي هي آية داخلية، أمَّا تحويل الماء خمرًا فهي آية خارجية؛ والتَّجَلِّي هو وحي لتمجيد ابن الله هذا كما فهموا التَّلاميذ "فسَقَطوا على وُجوهِهِم، وقدِ استَولى علَيهِم خَوفٌ شديد" (متى 17: 6). ومن هذا المنطلق، إن التَّجَلِّي هي تعزية ليسوع نفسه استعدادًا لاحتمال آلامه. فانه كان إنسانًا كما كان إلهًا واحتاج باعتبار إنسانيته إلى تعزية، كما حدث في بستان الجسمانية " تَراءَى له مَلاكٌ مِنَ السَّماء يُشَدِّدُ عزيمَتَه" (لوقا 22: 43). يكشف تَجَلِّي المسيح في الحياة البشريّة رؤية مسبقة للحدث الأعظم وهو قيامة يسوع، إذ يكشف المَجْد المخفيٌ في يسوع عند القيامة وفي عودته في آخر الأزمنة " فسَوفَ يَأتي ابنُ الإِنسانِ في مَجْد أَبيهِ ومعَه مَلائكتُه، فيُجازي يَومَئِذٍ كُلَّ امرِئٍ على قَدْرِ أَعمالِه. الحَقَّ أَقولُ لكم: مِنَ الحاضِرينَ ههُنا مَن لا يَذوقونَ الموتَ حتَّى يُشاهِدوا ابنَ الإِنسانِ آتِياً في مَلَكوتِه (متى16: 27-28). لذلك يُعد التَّجَلِّي نوعًا من الاستباق في حياة يسوع على الأرض للمَجْد الذي سيتمتع به يسوع بعد موته لدى قيامته ولدى ظهوره عند مجيء ابن الإنسان آتيًا في ملكوته. فكان التَّجَلِّي عربونًا لمَجْد المسيح الإلهي الكامل الذي سيظهر عند مجيئه في نهاية العَالَم. المَجْد في نظر يسوع ليس تهربًا من الواقع، بل هو إحالة إلى الحياة اليومية. وهو نور في طريق الموت. فقد ربط متى الإنجيلي حدث الآلام والتَّجَلِّي بظرف زمني دقيق "وبَعدَ سِتَّة أيَّام" (متى 4: 1) مما يًظهر جواباً من الآب إلى إنباء يسوع بآلامه وسيره على درب البذل والعطاء نحو الجلجلة والقبر الفارغ. فهو خبر مسبق عن القيامة. أوضح لوقا الإنجيلي أنَّ الحِوار الذي دار بين يسوع وموسى وإيليَّا حول رحيل يسوع أي حول آلامه وموته وقيامته، فربط حدث التَّجَلِّي مباشرة بفصح الرَّبّ، أي عبوره بالصَّليب من حياة الذل والهوان إلى حياة المَجْد. في الواقع، يدعو يوحَنّا الإنجيلي موت المسيح " انتقالا" وفصحًا (يوحَنّا 13: 1)، وأمَّا لوقا الإنجيلي يدعوه لوقا " ارتِفاع" وقيامة (لوقا 9: 51)؛ وفي هذا الصدد ـ ترفع الكنيسة صلاتها في مُقدِّمة تَجلِّي الرَّبّ " كان التَّجَلِّي ليُثبت بشهادة الشَّريعة والأنبياء أنَّ يسوع المسيح ينبغي أن يُعاني الآلام فيدخل في مَجْد القيامة". يؤكّد التقليد المسيحي العلاقة بين جَبَل سيناء وجَبَل التَّجَلِّي؛ ففي سيناء لم يرَ موسى (تثنية الاشتراع 34: 1) وإيليَّا (1 ملوك 19: 1-18) وجه الله، بل سمعا صَوته، أمَّا في التَّجَلِّي فشاهدا وجه الرَّبّ يسوع المُشع كالشَّمس (متى 17: 2). فالمسيح هو أفضل من موسى والأنبياء وكل المُعلمين، لأنَّه يفوقهم بطبيعته ومقامه ووظيفته وشفاعته. علاوة على ذلك، تُذكرنا الخِيَم بآيات الله في صحراء سيناء لدى خروج بني إسرائيل من مصر، والخوف علامة ترافق الظهور الإلهي الذي عبّر عنه الكتاب المقدس بالغَمام. ويؤكد التقليد المسيحي العلاقة بين التَّجَلِّي الإلهي في العهد القديم وتَجَلِّي يسوع قبل صعوده إلى اورشليم حيث يقيم العهد الجديد بدمه. ومن هنا نستنتج أن كل من موسى الذي يُمثل الشَّريعة وإيليَّا الذي يمثل الأنبياء لكل العهد القديم الذي أعدّا لمجيء المسيح وشهدا للمسيح. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|