|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يرى العلامة أوريجينوس إنها دعوة لكي نتألم مع الأنبياء فنطوَّب معهم! [الذين يطوبون الأنبياء ويتمنون أن يكون لهم نصيب معهم يلزمهم أن يتأملوا في الإعلانات النبوية ليكتشفوا سمو النبوات والأنبياء. عندما يتأملون في ذلك يقتنعون أنهم لو عاشوا حياتهم بنفس المقاييس التي اتبعها الأنبياء - رغم قسوتها بالنسبة لهم في هذه الحياة - ينعمون بالراحة والتطويب مع هؤلاء الأنبياء. توجد في الكتاب المقدس مواضع كثيرة يمكننا أن نجد فيها ما يدل ويشهد على سمو مكانة الأنبياء وقوتهم وحريتهم ويقظتهم وروحهم النشطة، ونرى أنهم لا يضطربون حينما يقعون في تجارب أو متاعب وذلك بسبب حريتهم واستقلالهم الداخلي، فبوصفهم أنبياء يقولون كلمة الله، ويوبخون الناس ويلومون الخطاة بكل صراحةٍ وبكل حزمٍ، حتى إن بدى هؤلاء الخطاة أقوياء وعنفاء جدًا. يمكننا أن نجد هذه الدلائل والشهادات في مواضعٍ عديدة، فإننا نجد في آيات هذا اليوم أيضًا بعضًا من تلك الدلائل. عاش إرميا النبي في وسط خطاة كثيرين جدًا، والدليل على ذلك حدوث السبي في عهده. لقد أنذر كثيرين ووبخ كثيرين ووجه كلامه إلى كثيرين وبسبب هذا كل حُكِمَ عليه من كثيرين، مما جعل كلماته تأخذ هذه النغمة. لنبدأ إذن بكلمات النبي نفسه لنرَى هل يوجد عنده القوة والنشاط والحرية واليقظة والجرأة وغيرها من الصفات التي ينبغي أن تتوفر في النبي. "ويل لي يا أمي، لأنك ولدتني إنسانًا محكومًا عليه وإنسان نزاع لكل الأرض": يقول النبي: آه يا أمي، لماذا جئتِ بي إلى العالم كرجلٍ محكومٍ عليه ورجل نزاع أمام كل الناس الذين على الأرض؟ هذا النبي مثله مثل إشعياء والأنبياء الآخرين، كان عليه أن يتمم وظيفته كنبي: يعلم وينذر ويوبخ. ويترتب على قيامه بهذه الوظيفة وإدانته للخطاة وحكمه عليهم أنه هو نفسه يُحكم عليه ويُحاكم مع الخطاة. إن كان يجب علينا أن نذكر كل ما الشعب بالأنبياء، فإليكم هذه الأمثلة: لقد رجموا واحدًا، وقتلوا آخر بين الهيكل والمذبح، ونشروا ثالثًا، أما إرميا فألقوه في جبٍ لأنه كان ينذرهم. أيضًا مخلصنا الذي سلك بالأخص مثل الأنبياء، بل وأفضل منهم، إذ هو رب الأنبياء فعلوا به هكذا. إن كان السيد المسيح قد جُلِد وصُلِب وأُسلِم من اليهود ومن رؤسائهم ومن رئيس هذا العالم، فلأنه قال لهم: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيين المرائين" وظل يردد هذه الكلمة "ويل لكم" في كل مرة يوبخهم على شيء. نحن أيضا، إن أردنا أن نصل إلى التطويبات التي وُعد بها الأنبياء نسلك مثلهم، بحيث أننا من كثرة كلامنا وإنذارنا للخطاة ووقوعنا تحت الحكم بسببهم نقول: "ويل لي يا أمي، لأنك ولدتني إنسانًا محكومًا عليه وإنسان نزاع لكل الأرض". مع ذلك فإن هذه الكلمات يمكن أن تكون أكثر ملائمة إذا اعتبرنا أن المخلص هو الذي نطق بها. إن افترضنا أن النبي هو الذي نطق بها لن تكون صحيحة تمامًا بل تحمل شيئًا من المبالغة؛ فهو لم يصر إنسان نزاع "لكل الأرض". أما بالنسبة لمخلصنا نرى أن ربنا ومخلصنا يقف أمام الآب ليُحَاكَم معنا كلنا نحن البشر؛ خصوصًا بسبب تلك الكلمات: "لكي تتبرر في أقوالك وتغلب إذا حوكمت". نعم لقد حُوكم مع كل الناس. وأقول أيضًا: حُوكم وفُحِصَ هو أيضًا ووقف أمام الحكم لكي يدافع عن الحق، لا ليدين أو يتهم أحدًا]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|