أساءوا استخدام عطاياه:
7 «كَيْفَ أَصْفَحُ لَكِ عَنْ هذِهِ؟ بَنُوكِ تَرَكُونِي وَحَلَفُوا بِمَا لَيْسَتْ آلِهَةً. وَلَمَّا أَشْبَعْتُهُمْ زَنَوْا، وَفِي بَيْتِ زَانِيَةٍ تَزَاحَمُوا. 8 صَارُوا حُصُنًا مَعْلُوفَةً سَائِبَةً. صَهَلُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى امْرَأَةِ صَاحِبِهِ. 9 أَمَا أُعَاقِبُ عَلَى هذَا، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَوَ مَا تَنْتَقِمُ نَفْسِي مِنْ أُمَّةٍ كَهذِهِ؟
كشف لهم عن سبب تأديباته لهم:
أولًا: لأنه لم يجد في أورشليم إنسانًا بارًا.
ثانيًا: عندما بدأ بالتأديب لم يستجب العامة الجهلاء ولا القادة المثقفون.
ثالثًا: لأنهم أساءوا استخدام عطاياه... أشبعهم بالعطايا، فأخذوها ليقدموها أجرة للزنا. انطلقوا على مستوى جماعي يتزاحمون في بيت زانية، أي بطريقة علنية بغير حياءٍ، صاروا حُصنًا معلوفة سائبة تستخدم طاقاتها للفساد.
إنه يعاتبهم:
"كيف أصفح لك عن هذه...؟!
ولما أشبعتهم زنوا، وفي بيت زانية تزاحموا.
صاروا حُصنًا معلوفة.
صهلوا كل واحد على امرأة صاحبه.
أما أعاقب على هذا يقول الرب؟!
أو أما تنتقم نفسي من أمة كهذه؟!" [7-9].
يرى العلامة أوريجينوس أن الإنسان إذ تسيطر عليه الشهوات يصير كالحيوانات العجموات، يفقد روح التمييز، بل وأحيانًا يصير في حالة أدنى منهم، لأنه عندما تحبل أنثى الحيوانات تعرفن ألاّ تقتربن من الذكور.
ما أرهب هذا الاتهام؟! هوذا الشعب الذي كان يجب أن يشهد لقداسة الله ويكون بركة لغيره من الشعوب قد صار فاسدًا، يشبع بخيرات الله فيزني علانية، محتقرًا الوصية الإلهية، ومتجاهلًا حق أخيه، إذ يشتهي امرأة أخيه! أما يستحق هذا الشعب العقاب؟!
ينطبق هذا الاتهام على المؤمنين الذين لهم اسم المسيحية ولا يمارسون الحياة الإنجيلية، فإنهم يستخدمون بركات الله وحبه لهم، لا للشهادة لمسيحهم وإنما للانغماس في الخطية. مثل هؤلاء لا يستحقون أن يُحسبوا بشرًا بل "حصنًا معلوفة".
وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي:
[هؤلاء لا يمكن مقارنتهم بقديسي الله... إذ لم تعد أذهانهم تحمل صورة الله. إنما هم تافهون، ينزلون إلى المستوى البهيمي، وقيادتهم للملذات بلا ضابط تُقارن بسلوك الخيول الشهوانية (إر 5: 8).
وبسبب خبثهم وجرائمهم وخطاياهم المرعبة يدعون: "أولاد الأفاعي" (لو 3: 7)].
يا للعجب! الله يريدنا بعطاياه الفائقة أن نصير أبناءه، نتشبه به، ونُحسب كملائكته، أما نحن فنسيء استخدامها لنحسب كحيوانات غير عاقلة شهوانية!