فلماذا أخرجتني من الرَّحِم؟ كنت قد أسلمت الروح ولم تَرَني عينٌ!
فكنت كأني لم أكن، فأُقاد من الرحم إلى القبر
( أي 10: 18 ، 19)
إن مَن لا يريد أن يجلس عند قدمي السيد ويقول له: «أسألك فتعلمني» ( أي 42: 4 )، إنما يكون كمَن يُحاسب ويُحاكم الله. إن الجُبلة تقول لجابلها أحيانًا: «لماذا صنعتني هكذا؟»، ومع أن هذا السؤال في مُنتهى الغباوة، إلا أننا نجده يتردد كثيرًا على ألسنة بني آدم. وفي هذه الأيام، حيث انتشر روح الاستقلال عن الله، وأصبح كل إنسان يريد أن يكون حرًا في تفكيره، نجد السؤال أصبح عامًا، والمؤمنون بإزاء هذه الحالة يجب عليهم أن يكونوا في شركة عميقة مع سيدهم حتى لا يتأثروا بروح هذه الأيام الرديئة. ولأنه لا جديد تحت الشمس، كان في الواقع على أصحاب أيوب أن يحلّوا نفس المسائل والمُشكلات التي نواجهها الآن، فقط مع هذا الفرق الكبير وهو أن مشورات الله وأفكاره هي الآن أكثر وضوحًا مما كانت عليه قبلاً. ربما نجد بعض العذر لأيوب في مُحاجته مع الله، ولكن في الوقت الحاضر حيث كلمة الله كاملة بين الأيدي، يُرى أمرًا رهيبًا أن يتطرق إلى ذهن الإنسان شك في حكمة الله ومحبته وعنايته بكل خليقته.