تكرس إرميا لهذا العمل النبوي قبل ولادته، وُدعي بواسطة رؤيا وهو صغير السن (ولد na'ar). مثل موسى النبي حاول أن يهرب من الدعوة الإلهية، ليس رغبة في التخلي عن الالتزام بالمسئولية أو الخدمة، وإنما لشعوره بعجزه وقلة خبرته في التعامل مع الآخرين. لكن الله لمس فمه ووهبه كلمته وأقامه على ممالك وأمم لكي يقلع ويهدم، ويزرع ويبني. لقد أعلن له الله أنه سُيقاوم من القادة والكهنة والشعب، لكنهم لا يغلبوه (إر 1: 4-10).
كان إرميا في عيني نفسه أمام الله كطفلٍ صغيرٍ، أما أمام الناس فصاحب قلب أسدي لا يعرف الخوف ولا المهادنة.
كان حساسًا للغاية، رقيق المشاعر، عاطفيًا إلى أبعد الحدود، لكنه قوي لا يعرف الضعف، ولا يتراخي في إعلان الحق مهما كلفه الأمر.
عاش باكيًا، تجري دموعه كنهرٍ يناسب لا يجف، فدُعي بالنبي الباكي، لكنه غير هزيلٍ ولا متراخٍ في جهاده.