* إذ تتغذى عين النفس على مروج الأقوال الروحية، تصير نقية وحادة البصر، لكنها إذا رحلت إلى دخان أمور هذه الحياة، فإنها تبكي بلا حدود، وتبقى في عويل هنا وفيما بعد. لهذا قال أحدهم: "فنيت أيامي كالدخان" .
* هكذا هي قوة هذه الكارثة، أظهرت أن إنسانًا عظيمًا ومشهورًا كان أكثر الناس تفاهة. لذلك إن دخل غني في هذا الاجتماع ينتفع كثيرًا من هذا المنظر، إذ يرى (أتروبيوس) الإنسان الذي كان يهز العالم قد انسحب من علو تشامخ سلطته، راكضًا على ركبتيه في خوف، أكثر رعبًا من الأرنب البرّي أو الضفدعة، مسمرًا على عمود هناك بلا ربط، لأن خوفه يقوم بما تقوم به القيود، فيرتعب الغني، وينكسر تعاليه، ويتنازل عن كبريائه، طالبًا الحكمة الخاصة بالأعمال البشرية، مستخلصًا تعليمًا من مثلٍ عمليٍ، عن درس يعلمنا إياه الكتاب المقدس موصيًا: "كل جسد عشب، وكل جماله كزهر الحقل. يبس العشب ذبل الزهر" (إش ٤٠: ٦). أو "إنهم مثل الحشيش سريعًا يقطعون، ومثل العشب الأخضر يذبلون" (مز 37: ٢). أو "أيامي قد فنيت في دخان" (مز ١٠٢: 3) .
القديس يوحنا الذهبي الفم