وليس هذا فقط، ولكن المشكلة الكبرى أن الأخلاق أصبحت نسبية في أيامنا هذه؛ فما يُعتبَر جريمة في مكان ما، مُصرحٌ به في مكان آخر، فاستساغ الشباب الزنى واعتبروه دليلاً على الحرية الشخصية، وافتخرت الدول بالشذوذ الجنسي وأنارت بألوانه أبرز معالمها، واعتبرته دليلاً على التمدين والحضارة، وتسابقت المجتمعات في إزكاء لغة التعصب والكره والعنف، واعتبرته دليلاً على القوة والسيطرة.
وهكذا أصبح البشر يقيسون أخلاقهم بمقاييسهم الشخصية، وتجاهلوا أن الله هو «الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ» (يعقوب١: ١٧)، وهو الذي لا يعرف أي نسبية في قوانينه الأخلاقية التي وضعها.
عبَّر المستشار السابق للأمن القومي الأميركي زبجنيو بريجينسكي Zbigniew Brzezinski عن هذه النسبية الأخلاقية في كتابه “الانفلات” قائلاً: “إن ما نعانيه هو أزمة في سلوك الإنسان، وفي الأفكار التي تشكِّل هذا السلوك، إذ نتيجة للنسبية في الأخلاق ونتيجة للإباحية، لم نعد نعرف يقينًا من هو الإنسان الصالح، وما هو العمل الصالح، وما هو المجتمع الصالح”.