لِباسُ العُرسِ
«يَا صَاحِبُ، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ لِبَاسُ الْعُرْسِ؟»
( متى 22: 12 )
أن تتجه دعوة الملك إلى الجميع، وأن يقبلها أكثرية من الفقراء هذا يُعظم نعمة الملك، ولكن أن يحضر أولئك الفقراء بثيابهم الرثة والمهلهلة إلى هذا العرس الملكي، فهذا لا يليق بالملك. لذلك فقد رتب الملك “لِبَاس العُرْسِ” لكل الحاضرين لكي يمثلوا به في حضرته. والمعنى الروحي لذلك، هو متمِّم لنعمة الله التي تتجه إلى أردأ البشر، حتى مَن قتلوا ابنه. فهذه النعمة الفائقة لا تتجاهل قداسة الله. ولا يليق أن يَمْثُل أحد في محضر الله إلا من كان في حالة تتناسب مع قداسته. ومع أن الله مستعد أن يقبل أشر الخطاة، وأن يدخلهم “بيت الآب”؛ إلا أنه يستحيل عليهم أن يمثلوا أمام الله بخطاياهم ونجاساتهم، بل يجب أن يكونوا في حالة تتناسب مع قداسة الله، ومع مجد طبيعته. لهذا كانت الكفارة بموت المسيح فوق الصليب، لكي يُحضِر الله هؤلاء الخطاة «قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ» ( أف 1: 4 ). هذا هو المعنى الروحي للِبَاس العُرْسِ.
لقد قال الله في العهد القديم على فم إشعياء: «خُيُوطُهُمْ لاَ تَصِيرُ ثَوْبًا، وَلاَ يَكْتَسُونَ بِأَعْمَالِهِمْ» ( إش 59: 6 ). ولا بد لنا أن نعرف أن أفضل صور تقوانا وتَدَيِّننا ليست ملائمة لمحضر الله. أ ليس هذا هو ما اكتشفه إشعياء حين قال في محضر الله القدوس: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ، وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ» ( إش 6: 5 ). وقال أيضًا: «وَقَدْ صِرْنَا كُلُّنَا كَنَجِسٍ، وَكَثَوْبِ عِدَّةٍ كُلُّ أَعْمَالِ بِرِّنَا» ( إش 64: 6 ). الفصل الأول يؤكد أن أفضل مَن فينا يشعر بالنجاسة وهو في محضر الله، والفصل الثاني يؤكد أن أفضل ما فينا لا يصلُح أن نَمْثُل به أمام الله. ولكن من أعظم عطايا الله للبشر الخطاة هو أن يُلبسهم ثياب الخلاص، ويكسوهم رداء البر ( إش 61: 10 )، أما كساء الإنسان فلا يصلح مطلقًا أمام الله ( مت 5: 20 في 3: 9 ). أما رداء البر الثمين فهو عطية الله العظمى لكل مَن آمن بابنه يسوع المسيح (في3: 9).