|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التهليل والحياة المقامة اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ، فَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ، وَلْتَفْرَحِ الْجَزَائِرُ الْكَثِيرَةُ [1]. على الصليب وسط الآلام التي لا تُحتمل، ووسط الإهانات المرة، تطلع اللص على السيد المسيح المصلوب، فأدرك أنه ملك الملوك الذي يملك على القلوب، ويقيم فيها مملكته التي هي ملكوت الفرح. هكذا تتحول الأرض إلى أشبه بالسماء، والجسد الترابي يتهلل ويبتهج منتظرًا الأمجاد الأبدية. "الرب قد ملك، فلتبتهج الأرض". لقد اعتاد كثير من الآباء مثل القديسين أغسطينوس وجيروم والعلامة ترتليان وأوريجينوس أن يفسروا الأرض بمعنى "الجسد"، والسماء بمعنى "النفس". فالرب لا يملك على نفس المؤمن فحسب، بل وعلى الجسد، فيهبه بهجة في كيانه كله. ربما يتساءل البعض: كيف يُمكن للأرض أن تبتهج وسط الضيقات والتجارب التي لا تنقطع والتي لا تُحتمل. لذلك يكمل المرتل تسبحته قائلًا: "ولتفرح الجزائر الكثيرة". يرى القديس جيروم أن هذه الجزائر الكثيرة هي المؤمنون الذين تهاجمهم أمواج التجارب من كل جانب، مثل الجزائر التي تحوط المياه من كل جانب، لا تتوقف الأمواج عن مقاومتها ليلًا ونهارًا. ويرى القديس أغسطينوس أن هذه الجزائر هي الكنائس المحلية في كل بقاع العالم، وهي وسط متاعب لا تنقطع. * تُفهم الجزائر بطريقة رمزية أنها كل الكنائس، لأن أمواج كل التجارب تهيج حولها. كجزيرةٍ قد تلطمها الأمواج من كل جانب لكنها لا تحطمها، بل هي التي تحطم الأمواج الثائرة. هكذا كنائس الله التي تنشأ في كل العالم، تعاني من اضطهادات الأشرار التي تثور حولها من كل جانب، ولكنها تقف ثابتة كالجزائر، وفي النهاية يهدأ البحر. القديس أغسطينوس * كانت كل الأرض وجميع العالم تحت سيطرة الشياطين والأصنام. لتفرح الآن وهي تحت ملكية الرب. "الرب قد ملك". الرب الخالق الذي صنعكم هو نفسه الملك. يا من كنتم قبلًا خاضعين لسلطان سيادة الشيطان، الآن تخضعون لسلطان الخالق. "لتفرح الجزائر الكثيرة" طبَّق الكاهن المكرم هذا حسنًا على نفوسنا التي تلطمها الأفكار المشتتة من هنا وهناك مثل أمواج كثيرة تضربنا وتقاومنا بشدة. لنتحدث أيضًا عن الكنائس بكونها مثل جزائر. في موضع آخر يقول الكتاب: "جزائر كثيرة رجعت إليّ" (راجع إش 42: 10، 12؛ حك 2: 11). * "الرب قد ملك، فلتبتهج الأرض" لتبتهج الأرض، الأرض التي كانت قبلًا في أيدي ملوك كثيرين وقد صار لها ملك واحد. "ولتفرح الجزائر الكثيرة"... يمكننا القول أن جزائر كثيرة لولايات منفصلة أو دول المؤمنين، أو نفسرها بأنها كنائس فردية، أو جزائر، تُجلد وتُضرب من كل الجوانب وذلك بواسطة أمواج البحر العظيمة الصاخبة، هكذا فإن الكنائس تُصدم بعواصف تجارب متنوعة دون أن تُنزع من أساسها. القديس جيروم * فالآن إذ ذُبح الشيطان، ذاك الطاغي على العالم كله، فإننا لا نقترب من عيدٍ زائلٍ يا أحبائي، بل من عيدٍ خالدٍ سمائي، لسنا في ظلال نتبين العيد، بل نأتي إليه في الحق. لأنهم إذ شبعوا بلحم حمل أبكم أكملوا العيد، وإذ دهنوا قوائم أبوابهم بالدم، طلبوا العون ضد المهلك، لكننا نحن الآن إذ نأكل كلمة الآب، ولنا أعتاب قلوبنا مختومة بدم العهد قال: "انظروا لقد أعطيتكم أن تدوسوا على الحيات والعقارب وعلى كل قوة العدو" (لو 19:10). لأن الموت لن يسود فيما بعد، بل منذ الآن عوضًا عن الموت توجد الحياة، بل إن ربنا قال: "أنا هو الحياة" (يو 6:14) حتى أن كل شيءٍ قد أُفعم بالفرح والسرور. وكما هو مكتوب: "الرب يملك، فلتفرح الأرض" (مز 1:97). حين ملك الموت بكينا إذ كنا جالسين على أنهار بابل. بكينا إذ شعرنا بمرارة السبي "للموت". لكن الآن وقد بطل الموت ومملكة الشرير، فإن كل شيءٍ مملوءٍ بالتمام والفرح والمسرة. يجب علينا أن نقترب إلي هذا العيد لا بملابس قذرة، إذ ألبسنا عقولنا "ثيابًا" نقية، نلبس ربنا يسوع (رو 14:13) حتى نستطيع أن نحتفل بالعيد معه. القديس أثناسيوس الرسول * إنني أفضل أن أفهمه أنه يهب الجسد وعدًا، كما جاء في عبارة داود: "الرب قد ملك. فلتبتهج الأرض"، قاصدًا أجساد القديسين، التي تختص بالتمتع بمملكة الله. العلامة ترتليان * الآن، لتفرح السماوات، ولتصفق الملائكة! الآن لتبتهج الأرض (مز 96: 11،؛ 97: 1)، ولتهتز البشر فرحًا! ليدوِّ الجو بأناشيد البهجة، وليُطرح الليل الحالك الظلام الكئيب ومعطفه الحدادي، لا بل بما أنه تلألأ، فليقتدِ بلمعان النهار، بومضات النور. ها إن المدينة الحية التي للرب إله القوات قد رُفعت إلى الأعالي، والملوك يأتون بتقدمة مُتعذر تقديرها من هيكل الرب، من صهيون الشهيرة (مز 68 :30) في أورشليم العليا، التي هي حرة، وهي أمهم (غل 4: 26). وأولئك الذين أقامهم المسيح رؤساء على كل الأرض، أي الرسل، يواكبون والدة الإله الدائمة البتولية . الأب يوحنا الدمشقي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|