|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ارْتَفِعْ يَا دَيَّانَ الأَرْضِ. جَازِ صَنِيعَ الْمُسْتَكْبِرِينَ [2]. هذه الصلاة هي نبوة تتحقق حين يُصر المتكبرون على تشامخهم ومقاومتهم للحق الإلهي. إنها ليست نقمة لانفعال ما في الجوهر الإلهي، إنما هي ثمرة طبيعية للتشامخ بما يحمل من فساد، وترفق وحنو على المتواضعين والودعاء الذين يستهين المتكبرون بحقوقهم. كما تحمل تحذيرًا للمتكبرين لكي ما يتحققوا من حقيقة ضعفهم، فكبرياؤهم يخفي ضعفًا وفسادًا. * "ارتفع يا ديان الأرض" أنت ديان الأرض، لأن الدينونة لا تناسب السماء. اسمعوا أيها الهراطقة، فإن الرب يدين الأرض. لو وُجد شر في السماء، لماذا لا تكون دينونة في السماء أيضًا؟ لو كانت النفوس في السماء تخطئ، فلماذا تُدان الأرض وحدها؟ * "جازِ صنيع المستكبرين". يلزم تجنب كل الخطايا؛ فلتتأكدوا من ذلك، لأن كل الخطايا هي ضد الله، لكنها تختلف في الدرجة. المستكبرون - كمثالٍ - هم أعداء الله. "يقاوم الله المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع 4: 6). الشيطان هو رئيس المستكبرين. يقول الكتاب: "لئلا يتصلف، فيسقط في دينونة إبليس" (1 تي 3: 6)؛ لأن من يمجد نفسه في قلبه يكون شريكًا للشيطان الذي اعتاد أن يقول: "بقدرة يديّ صنعت، وبحكمتي، لأني فهيم. ونقلت تخوم شعوب" (إش 10: 13)... كل الضعفات الأخرى تستحق رحمة الرب، لأنهم في تواضعٍ يخضعون لمحاكمة الله لهم، أما الكبرياء وحده، فيكرم ذاته فوق قدرته، ويقاوم الله. الزاني أو الفاسق لا يجسر أن يرفع عينيه للسماء. في اكتئاب النفس يتطلع إلى رحمة الله. أما ذاك الإنسان، فإن كان ضميره يجعله ينزل حتى إلى الأرض، فإنه يجعله أيضًا يرتفع إلى السماء. عندما يثور الكبرياء والرغبة غير اللائقة للمجد (الباطل) في إنسانٍ، فإنهما في نفس الوقت ينزلان به بخطيته ويجعلانه عدوًا لله. القديس جيروم * إنك تتألم، "ارتفع"، بمعنى قم، ارحل إلى السماء! لتحتمل أيضًا الكنيسة بطول أناة ما احتمله رأس الكنيسة بطول أناةٍ؟ "ارتفع يا ديان الأرض، جازِ صنيع المستكبرين". أنه سيجازيهم يا إخوة... هذه كلمات من يتنبأ، لا جسارة لشخصٍ يأمر. ليس لأن النبي قال: "ارتفع يا ديان الأرض" أطاع المسيح النبي، بقيامته من الأموات وصعوده إلى السماء، وإنما لأن المسيح كان سيفعل هذا تنبأ النبي بذلك. القديس أغسطينوس * وُعد المساكين بالمكافأة الأبدية، ووُعد الأغنياء المتكبرون بالعقوبة التي بلا نهاية بهذه الكلمات: "جاز صنيع المتكبرين"، سيزيل الله ذكرى المتكبرين، "الكبرياء" مكروه أمام الله. الأب قيصريوس أسقف آرل * أي أظهر ارتفاع سيادتك ليعرف الكل أنك ديان البشر، وتكسر تشامخ المستكبرين، وهذا حدث عندما تجسد ابن الله وتواضع، الذي لم يزل في العلى وفي شرف لاهوته، وقد دان العالم، وأظهر أنهم خطاة، لأنه وحده بدون خطية. جازى المستكبرين، وهم الكتبة والفريسيين الذين استكبروا عليه وأرادوا قتله، فجازاهم، وجازى القوات المضادة التي حركتهم على صلبه. أيضًا كلمة "ارتفع" هي تحريض على إتمام صلبه، لأن ربنا ذاته دعا الصلب ارتفاعًا بقوله له المجد: "أنا إذا ارتفعت عن الأرض أجذب إليّ الكل". فلما صُلب جازى المستكبرين، لأنه قهر بعود صليبه القوات المضادة التي خدعت آدم وأغرته على الأكل من ثمرة الشجرة المنهي عنها. ولذلك حرر بولس الرسول في الفصل الثاني من رسالته إلى أهل كولوسي، قائلًا: "إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه" (كو 2: 15). الأب أنسيمُس الأورشليمي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|