* اليوم تتهلّل بالفرح الوديان وكل ما فيها، لأنّ تربة النفس شربت من ندى السماء. لقد ملك الرب ولبس الجلال (مز 93: 1)، فآدم قديمًا إذ كان سيدًا وملكًا صار بسبب التعدِّي عبدًا للخطية. أما اليوم فها هو آدم الثاني يملك على أعدائه، "لأنه يجب أن يملك" (1 كو 15: 25) كما هو مكتوب.
اليوم ثبَّت الرب المسكونة (مز 93: 1)، أي النفس التي كانت في الماضي مهجورةً بسبب الخطيئة ومرعوبةً ومرتعدةً وقد استولى عليها الخوف والفزع، لأنه مكتوب: "تحت اللعنة تصير خائر القوى ومرعوبًا في الأرض" (أنظر تك 4: 11-12). ففي الحقيقة منذ أن صار هيكل النفس مبنيًّا على الرمل (أنظر مت 7: 26)، صار متذبذبًا مهزوزًا، أما اليوم فقد صار مشيَّدًا على صخر اللاهوت الذي لا يتزعزع .
* كما أن الملك إذا كتب رسائل للذين يشاء أن ينعم عليهم بعطايا ومواهب خاصة يقول لهم: بادروا إليَّ جميعكم لتنالوا مني نعمًا ملوكية. فإن لم يذهبوا ويأخذوها لا تفيدهم قراءة الرسائل شيئًا، بل يستحقون الموت... كذلك الله الملك (مز 93: 1) أرسل كتابه الإلهي ورسائله (رؤ 1: 4)، قاصدًا بها أنه بالدعاء له والإيمان به يسألون وينالون... أن نكون شركاء في الطبع الإلهي (1 بط 1: 4). وأما إن لم يأته الإنسان ويسأل لينال فلا يستفيد شيئًا من قراءة الكتب المقدسة، بل يكون في خطر الموت (يو 12: 48)، لأنه لم يرد قبول موهبة الحياة من الملك السماوي، التي بدونها لا يمكن نوال الحياة الخالدة، التي هي المسيح نفسه (يو 11: 25)، له المجد إلى الأبد آمين.
القديس مقاريوس الكبير