|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صموئيل ينتهر شاول: لقد كشف الرب لصموئيل كيف رفض شاول: "ندمت على أني قد جعلت شاول ملكًا، لأنه رجع من ورائي ولم يقُم كلامي" [10]. لقد رفض الرب شاول لأن شاول رفضه، ورجع من وراءه ليسلك حسب هواه. لم يقبل الله كقائد له يكون الأول في حياته... تضايق صموئيل لأن شاول لم يستفد من الفرصة الإلهية المقدمة له، إذ قرر أن ينتهره "صرخ إلى الرب الليل كله" [11]. ما أنقى قلب صموئيل الذي يقضي الليل في الصلاة حتى لا ينتهر شاول من ذاته لقد ناح أيضًا على شاول [35]، واستمر في البكاء فقال له الرب: "حتى متى تنوح على شاول وأنا قد رفضته عن أن يملك على إسرائيل؟!" (1 صم 16: 1). برز صموئيل كقائد روحي حيّ، نراه حازمًا لكن في حنو. في حزمه لم يحتمل استمرار شاول في كسر الوصية، إذ "اغتاظ" [11]، وتكلم بكل صراحة مع شاول الملك. وفي حنوه كان يصرخ الليل كله مصليًا ونائحًا على الملك الساقط. ما أحوج الكنيسة إلى الحزم مع الحب في حياة الراعي. * ليست هي فضيلة (التراخي مع الخطاة) بل ضعفًا، ولا هي محبة أو وداعة بل إهمالًا، لا بل هي قساوة على تلك النفوس التي يُغفل عنها فتهلك دون أن تُنبه إلى خرابها. القديس أغسطينوس * يجب أن تكون هناك معايير حقيقية لكلماتنا وتعاليمنا حتى لا تأخذ مظهر الّلين الزائد أو الخشونة المغالي فيها. القديس أمبروسيوس * مَن يرعى الغنم ينبغي ألا يكون أسدًا ولا نعجة. القديس يوحنا الدرجي أما بالنسبة للحب واللطف والصلاة المستمر من أجل المخدومين فقيل:* ليس شيء أحب إليّ أكثر منكم، لا ولا حتى النور...! عزيز عليّ جدًا خلاصكم، أكثر من النور نفسه! * لو أمكننا لفتحنا قلوبنا وأريناكم إيَّاها، لتنظروا مدى اتساعها لحملكم فيها: نساءً وأطفالًا ورجالًا، لأن هذا هو قوة الحب، يجعل النفس أكثر اتساعًا من السماء. القديس يوحنا الذهبي الفم هكذا كان صموئيل النبي قائدًا حقيقيًا يعمل بروح الرب، وعلى العكس كان شاول لا يصلح للقيادة إذ اهتم بذاته؛ ذهب إلى الكرمل ونصب تذكارًا في الجلجال لانتصاره على عماليق [12]، وعندما جاءه صموئيل النبي مبكرًا أراد أن يهنئ نفسه بطريق غير مباشر، إذ قال لصموئيل: "مبارك أنت للرب؛ قد أقمت كلام الرب" [13]. لقد غطى على عصيانه بكلمات معسولة لم ينخدع بها صموئيل النبي، الذي كشف الرب له عن عصيان الملك.في الجلجال نادى الشعب بشاول ملكًا أمام الرب (1 صم 11: 14)، وفي نفس المدينة لامه صموئيل على عصيانه وأنذره (1 صم 12: 14)، وفيها أيضًا جاء التوبيخ الأخير وإعلان انتزاع المُلك عنه وعن نسله. لقد سأله صموئيل: "وما هو صوت الغنم هذا في أذني وصوت البقر الذي أنا سامع" [14]. قدم شاول عذرًا لعصيانه: "لأن الشعب قد عفا عن خيار الغنم والبقر لأجل الذبح للرب إلهك، وأما الباقي فقد حرمناه" [15]. عوض اعترافه بالخطأ ألقى باللوم على الشعب بأنه هو الذي عفا عن خيار الغنم والبقر [12]. ما أسهل أن يلقى الإنسان باللوم على الغير كما فعل هرون عندما صنع العجل الذهبي (خر 32: 21-24) وبيلاطس عندما برر محاكمته للسيد المسيح، مع أن هرون كان قلبه قد انحرف، وبيلاطس خاف على مركزه، وشاول أحب الغنيمة. ينسب شاول العصيان للشعب مكررًا ذلك وإن كان قد قدم له عذرًا، وينسب لنفسه الطاعة. بينما يقول "أخذ الشعب من الغنيمة" [21] يقول: "أما الباقي فقد حرمناه" [15]، حاسبًا نفسه ضمن الذين أطاعوا الوصية (حرمناه)، وفي أكثر وضوح يقول: "إني قد سمعت لصوت الرب وذهبت في الطريق التي أرسلني فيها الرب وأتيت بأجاج ملك عماليق وحرمت عماليق، فأخذ الشعب من الغنيمة" [20-21]. تأمل أسلوبه في الحديث مع صموئيل النبي، إذ برر العفو عن خيار الغنم والبقر: "لأجل الذبح للرب إلهك" [15]. لم يقل "الرب إلهنا" بل "الرب إلهك". وكأنه يقول إن ما أتينا به ليس لأنفسنا بل لإلهك أنت! قدم شاول عذرًا لعصيان الشعب: "لأجل الذبح للرب إلهك في الجلجال" [31]. وجاءت إجابة صموئيل: "هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب؟! هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة، والإصغاء أفضل من شحم الكباش، لأن التمرد كخطية العرافة، والعناد كالوثن والترافيم" [22- 23]. الله يُريد الطاعة والرحمة لا الذبائح والمحرقات، إذ جاء في المزمور: "بذبيحة وتقدمة لم تُسر. أذنيّ فتحتَ. محرَقةً وذبيحةَ خطية لم تطلب" (مز 40: 6). ويعلق القديس إيريناوس: [هكذا يعلمهم (داود) أن الله يطلب الطاعة التي ترد لهم أمانًا، لا الذبائح والمحرقات التي تقدمهم إلى البر ]. يمكننا القول إن سبب هلاك شاول هو فقدانه روح التمييز فاندفع إلى الظلمة مقدمًا مبررات كثيرة لتصرفاته الخاطئة. لهذا يركز الأب موسى في مناظرته مع القديس يوحنا كاسيانعلى التمييز كطريق للملكوت. من كلماته: [لا يستطيع أحد أن يشك في أنه متى كان "الحكم على الأمور" في القلب خاطئًا، أي كان القلب مملوءًا جهلًا، تكون أفكارنا وأعمالنا - التي هي ثمرة التمييز والتأمل - في ظلام الخطية العظمى... الرجل الذي كان في نظر الله مستحقًا أن يكون ملكًا على شعبه سقط من مُلكه بسبب نقصه في "عين التمييز" (مت 6: 22-23) فصار جسده كله مظلمًا... لقد ظن أن تقدماته مقبولة لدى الله أكثر من طاعته لأوامر صموئيل، حاسبًا أنه بهذا يستعطف العظمة الإلهية]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|