ما أثبتناه في إجابة سؤال 7 بنصوص الكتاب المقدس من صفاته وأعماله وتميّزه عن الآب والابن وعلاقته بنا وعلاقتنا به وغير ذلك . فهو ليس مجرد قوة إلهية فعَّالة فينا، لأن القوة المجردة عن الأقنومية لا توصف بأنها ذات قداسة وحق وحكمة ومشيئة، وأنها تخاطِب وتُخاطَب حقيقةً . وقد جاء في الكلام على معمودية المسيح أن الروح القدس نزل عليه بهيئة جسمية مثل حمامة، وكان صوت من السماء قائلاً « أنت ابني الحبيب، بك سُررت » ( لو 3: 22 ) وهو يدل على تميّز الروح الذي نزل من السماء عن الآب الذي تكلَّم في السماء، وعن الابن الذي كان على الأرض . ومن أمثلة ذلك صورة المعمودية، والبركة الرسولية، ووعد المسيح لتلاميذه بمعزٍّ آخر يرسله إليهم، وقول الرسول « لأن به ( المسيح ) لنا كلينا قدوماً في روح واحد إلى الآب » . فإذا صحَّ في كل ما تقدم أن الآب والابن أقنومان فالروح القدس أيضاً أقنوم .
وفي الكتاب نصوص كثيرة ضد زعم السوسينيين أن الروح القدس مجرد قوة إلهية، منها قول الرسول إنه بالروح الواحد أُعطيت مواهب كثيرة ( 1كو 12: 4-11 ) مشيراً لإعطاء المواهب بالروح القدس، ومنها عمل القوات . فلو كان الروح القدس مجرد قوة لكان المعنى أن القوة التي هي إحدى المواهب قد منحت سائر المواهب ! ومن أمثلة ذلك الآيات الآتية : « فرجع يسوع بقوة الروح » ( لو 4: 14 ) « مسحه الله بالروح القدس والقوة » ( أع 10: 38 ) « لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس » ( رو 15: 13 ) « بقوة آياتٍ وعجائب بقوة روح الله » ( رو 15: 19 ) . « ببرهان الروح والقوة » ( 1كو 2: 4 ) . فلو صحَّ مذهب السوسينيين للزم تفسير هذه الآيات هكذا : « فرجع يسوع بقوة القوة، ومسحه الله بالقوة والقداسة والقوة القدوسة والقوة، ولتزدادوا في الرجاء بقوة القوة القدوسة وببرهان القوة والقوة » ولكان معنى صورة المعمودية « باسم الآب والابن والقوة القدوسة » ومعنى البركة الرسولية « نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الآب وشركة القوة القدوسة معكم إلى الأبد » . وكان أيضاً الذي يجدّف على الله يُغفر له وأما الذي يجدف على قوته فلا يُغفر له !
ومن المحتمل أن القول « بنفخته السماوات مسفرة » ( أي 26: 13 ) « وروح الرب صنعني، ونسمة القدير أحيتني » ( أي 33: 4 ) و « أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب ؟ » ( مز 139: 7 ) . يُراد به نفخة الله أو نسمته أو روحه بمعنى قوته، دون الإشارة إلى الأقنوم الثالث . غير أن ذلك نادرٌ ووارد في الشعر خاصةً، وليس فيه ما يُضعف قوة الأدلة التي أوردناها لإثبات أقنومية الروح القدس . هذا المقال منقول من موقع كنيسة الأنبا تكلا .
الروح القدس هو الله، فهو أقنوم من أقانيم اللاهوت الثلاثة في أقانيم الله الواحد المثلث الأقانيم :