|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اختيار أورشليم أَسَاسُهُ فِي الْجِبَالِ الْمُقَدَّسَةِ [1]. إذ يقارن المرتل بين خيمة الاجتماع وهيكل سليمان، فالأولى بلا أساسات، إنما خيمة متحركة، أما الهيكل فوضعت أساساته على الجبال المقدسة. أما كنيسة العهد الجديد فأساساتها هي الأنبياء والرسل، وحجر الزاوية هو ربنا يسوع المسيح. * يعلن بولس: "كبناءٍ حكيم قد وضعت أساسًا" (1 كو 3: 10)، أي الإيمان بالثالوث. عندئذ يقول في موضع آخر: "لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله" (عب 11: 10)... يَّعين المرتل الجبال المقدسة، لأنه توجد جبال أخرى غير مقدسة. بجانب هذا يقول إشعياء: "أقيموا راية على جبال مظلمة" (راجع إش 13: 2). نجد في الكتاب المقدس عبارة أخرى: "من أنت أيها الجبل العنيد" (راجع زك 4: 7). وفي إرميا: "أعطوا الرب إلهكم مجدًا قبل أن يجعل ظلامًا، وقبلما تعثر أرجلكم على جبال العتمة" (إر 13: 16)... من هم الذين ندعوهم أساسات؟ الرسل. عليهم قام إيمان الكنيسة وتأسس. القديس جيروم * أساسات أورشليم أسسها الله، والجبال المؤسسة عليها جبال مقدسة، لأن الله القدوس قد أظهر سكناه فيها...* مدينة الله تُقال عن سيرة العبادة المستقيمة التي أساساتها هي التعاليم الإلهية المقدسة. وأما جبالها المقدسة التي عليها قائم بناؤها فهي الرسل والأنبياء، وقبلهم ربنا له المجد كما كتب بولس الرسول في الفصل الثاني للرسالة إلى أهل أفسس: "مبنين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" (أف: 20) . الأب أنسيمُس الأورشليمي العلامة أوريجينوس أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ [2]. لا يكف الكتاب المقدس بعهديه عن الكشف بكل وسيلة عن حب الله للإنسان والبشرية، فاختياره لصهيون ومحبته لأبوابها لا يعني حاجته إليها، ولا اهتمامه بأمور مادية، فهو خالق السماء والأرض، لكنه يحب الإنسان، ويريد أن يضم البشرية إلى أحضانه، ويسكب بهاءه عليها. * يبدو لي أن أبواب صهيون هي الفضائل. كما أن الرذيلة والخطية هما بابا الموت، أظن أن أبواب صهيون هي الفضائل. القديس جيروم القديس جيروم * صهيون هي أورشليم التي كانت عاصمة أمة اليهود، إذ كان الهيكل مبنيًا فيها. ومن أبوابها كانت تدخل الفرائض المؤدية إلى عبادتهم الموسوية. لهذا كانت أفضل من سائر مساكن الإسرائيليين...يقول بولس الرسول في الأصحاح 12 من رسالته إلى العبرانيين عن صهيون وأورشليم أنهما كنيسة المسيح: "قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية، وإلى ربوات هم محفل ملائكة، وكنيسة أبكار مكتوبين في السماوات" (عب 12: 22-23). وأيضًا في الأصحاح الرابع من رسالته إلى أهل غلاطية: "وأما أورشليم العليا التي هي أمنا جميعًا فهي حرة" (غل 4: 26). هذه الكنيسة أبوابها هي فواتح تعليمها، يحبها الرب أفضل من جميع مساكن يعقوب، أي من سنن الشريعة الموسوية (في حرفيتها) التي كان إسرائيل ساكنًا فيها؛ يدعوها مساكن لأجل سرعة زوالها. الأب أنسيمُس الأورشليمي يتطلع المرتل إلى كنيسة المسيح، فيراها وقد امتلأت مجدًا، لأن مسيحها في وسطها هو سرّ مجدها الأبدي. بمجيئه تلألأ تاريخ العهد القديم وأحداثه، وتجلت معانيه المبهجة، كما فُهمت النبوات، وتمتعت البشرية بتسابيح متهللة وتعاليم مبهجة، وانكشفت أسرار سماوية، وصارت لها امتيازات فائقة ووعود إلهية. هذا ما لمسه أنبياء العهد القديم، وكما رأى إشعياء النبي: "ويكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتًا في رأس الجبال، ويرتفع فوق التلال، وتجري إليه كل الأمم، وتسير شعوب كثيرة ويقولون: هلم نصعد إلى جبل الرب، إلى بيت إله يعقوب؛ فيعلمنا من طرفه، ونسلك في سبله، لأنه من صهيون تخرج الشريعة، ومن أورشليم كلمة الرب" (إش 2: 2-3). * أين نجد هذه الأقوال المجيدة؟ كل الأنبياء تحدثوا عن هذه المدينة. يقول إشعياء: "استيقظي، استيقظي، البسي عزك يا صهيون" (إش 52: 1). وأيضًا: "أنا مدينة قوية، المدينة التي انهارت" (راجع إش 27: 10؛ 26: 1، 5؛ 25: 2، 12). يقول داود في مزمور: "نهر سواقيه تفرح مدينة الله" (مز 46: 4)... وأيضًا يتكلم المخلص نفسه عن هذه المدينة بطريقة مجيدة: "لا يُمكن أن تُخفى مدينة موضوعة على جبلٍ" (مت 5: 14). القديس جيروم الأب أنسيمُس الأورشليمي * يُعَّرف البعض المدينة بأنها اجتماع لكائنات في جسم واحد منظم، يحكمه القانون... وهذا التعريف الذي أطلق على المدينة يتناسب مع أورشليم العليا... المدينة السماوية، لأن هناك كنيسة أبكار المكتوبة أسماؤهم في السماويات (عب12: 23)، لأنها منظمة أيضًا حيث انسياب حياة القديسين لا يتوقف، ويحكمها القانون السماوي، لا يمكن للطبيعة البشرية إدراك مدى استعداد هذه المدينة ونظامها لأنه "ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على بال إنسان، ما أعده الله للذين يحبونه" (1 كو2 : 9). أيضًا يوجد في هذه المدينة ربوات من الملائكة... وكنيسة أبكار مكتوبين في السماوات (عب12 :3،2)... يذكر داود هذه المدينة فيقول: "قد قيل بك أمجاد يا مدينة الله (مز 87 :3) ما وعد الله لهذه المدينة ينقله لنا إشعياء: "أجعلك فخرًا أبديًا... فرح... دور فدور" لا يسمع بعد سحق في تخومك، بل تسمين أسوارك خلاصًا (إش60 :15،18). فلنرفع عيون نفوسنا، ولنبحث عن الخيرات العليا اللائقة بمدينة الله. القديس باسيليوس الكبير ما هذه المدينة التي دعيت مدينة الله، وقد قيل عنها أقوال مجيدة سوى القديسة مريم التي تجسد كلمة الله في أحشائها، وصارت سماء ثانية؟!* في الشهر السادس أرسل جبرائيل إلى عذراء، إذ تقبل مثل هذه التعليمات. تعال هنا الآن يا رئيس الملائكة، ولتكن خادمًا لسرٍّ خطيرٍ مخفيٍ... لقد دفعني حنوّي أن أنزل إلى الأرض حتى أنقذ آدم المفقود، لأن الخطية أهلكت المخلوق على صورتي، وأفسدت عمل يدي، وشوّهت جمال ما أوجدته. هوذا الذئب يفترس غنمي، وبيت الفردوس مخرب، وشجرة الحياة محروسة بسيفٍ من نارٍ، ومواضع السرور قد أغلقت... وأنا أرغب في أن أمسك بالعدو. ومع ذلك فإنني أريدك أن تحفظ هذا السرّ الذي ائتمنك عليه وحدك، إذ لا يزال مخفيًا عن بقيّة القوّات السمائيّة. لذلك اذهب إلى العذراء مريم. أعبر إلى هذه المدينة الحيّة التي تكلّم عنها النبي، قائلًا: "أعمال مجيدة قد قيلت عنك يا مدينة الله" (مز 87: 2). تقدّم إذن إلى فردوس عاقل، تقدّم إلى باب المشرق... إلى مكان حلولي حيث يستحق كلمتي... إلى السماء الثانية التي على الأرض، إلى السحابة المنيرة، وأخبرها عن مجيئي. تقدّم إلى المعبد المهيّأ لي، إلى ردهة تجسّدي، إلى الحجال النقي الذي لميلادي بالجسد. تحدّث في أذني تابوتي العاقل... القديس غريغوريوس صانع العجائب |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|