|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عيد الصعود كما رواه إنجيل متى وكيف نعيشه؟ (متى 28: 16-20) النص الإنجيلي (متى 28: 16-20) 16 وأَمَّا التَّلاميذُ الأَحَدَ عَشَر، فذَهبوا إِلى الجَليل، إِلى الجَبَلِ الَّذي أَمَرَهم يسوعُ أَن يَذهَبوا إِليه. 17 فلَمَّا رَأَوهُ سَجَدوا له، ولكِنَّ بَعضَهُمُ ارْتابوا. 18 فَدَنا يسوعُ وكَلَّمَهم قال: ((إِنِّي أُوليتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأَرض. 19 فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس، 20 وعَلِّموهم أَن يَحفَظوا كُلَّ ما أَوصَيتُكُم به، وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم)). مقدمة في خميس الصعود نُعيّدُ لصعود ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح إلى السمّاء، وذلك بعد أربعين يومًا من قيامَتِه وظهوره للتّلاميذ. "فيسوعُ هذا الَّذي رُفِعَ عَنكُم إِلى السَّماء سَيأتي كما رَأَيتُموه ذاهبًا إِلى السَّماء" (أعمال الرسل 11:1). صعد يسوع إلى السماء وعاد إلى ملكوته (يوحنا 18: 36) بعد أن أتمَّ عمل الفداء وأكمل خطة الخلاص. والقديس ابيفانوس يقول: أن هذا اليوم هو مجد بقية الأعياد وشرفها لأنه يتضح أن الرب أكمل في هذا العيد عمل الراعي العظيم (لوقا 15: 4-7). ومن هنا تكمن أهمية البحث في وقائع النص الإنجيلي وتطبيقاته. أولا: وقائع النص الإنجيلي (متى 28: 16-20) 16 وأَمَّا التَّلاميذُ الأَحَدَ عَشَر، فذَهبوا إِلى الجَليل، إِلى الجَبَلِ الَّذي أَمَرَهم يسوعُ أَن يَذهَبوا إِليه. تشير عبارة "التَّلاميذُ الأَحَدَ عَشَر" إلى ترك يهوذا الإسخريوطي الرسل، لهذا سيحل محله متّياس (أعمال الرسل 1: 23-26). أمَّا عبارة "الجَليل" إلى المنطقة الوثنية، جَليلُ الأُمَم (متى 4: 15) حيث بدأ يسوع رسالته، فأشرق النور (متى 4: 16)، واليوم يختم بها رسالته بدعوة تلاميذه إليها لينطلقوا من حيث انطلق، فيصلوا إلى جميع الأمم معلنًا لهم بشكل رسمي بأنّه نال كل سلطان في السماء وعلى الأرض (متى 28: 18). فأصبحت الجليل رمز إلى اللقاء بين السماء والأرض، وشاهد عيّانً على تسليم الرسالة من المسيح القائم وكشف سلطانه. من هذا الجبل اليّوم، يرسل يسوع القائم تلاميذ له عبر التاريخ للتبشير بالإنجيل العالم كله للمشاركة في حياة العائلة الإلهية، من خلال شركة المعمودية مع الآب والابن والروح القدس. أمَّا عبارة "الجَبَلِ" فتشير إلى نقطة الالتقاء السماء والأرض، الله والإنسان: من جبل سيناء (الخروج 24: 13-17) إلى جبل حوريب (1 ملوك 19: 8). وحياة يسوع العلنية بدأت على الجبل (متى 4: 8) وانتهت على الجبل (متى 28: 16). وبين هذه المشهدين نرى المسيح يصعد الجبل ليُعلم (متى 5: 1-3)، ليشفي المرضى ويُكثر الخبز (لوقا 21: 37)، ليصلي (متى 14: 23) ليتمجّد (لوقا 19: 37-38)، لينازع (لوقا 22: 42: 42-43)، ليموت على الصليب (يوحنا 19: 17) وليصعد عصد إلى أسماء (عمال الرسل 1: 4-9). الجبل هنا موقعه في الجليل قد يكون موقعه ما يقابل جبل "عظة الجبل" (متى 5: 1) ولكن في الواقع يتعّذر تحديده، مع أن متى ربما يُشبهه بجبل التطويبات، "عظة الجبل" أو بجبل التجربة (متى4: 8) وبجبل التجلي (متى17: 1). 17 فلَمَّا رَأَوهُ سَجَدوا له، ولكِنَّ بَعضَهُمُ ارْتابوا. تشير عبارة "فلَمَّا رَأَوهُ" إلى التلاميذ الذين عند وصولهم إلى الجليل، وجدوا الرب سبقهم. فالرب هو يسبقنا دائمًا. أمَّا عبارة "رَأَوهُ" فتشير إلى عين الإيمان لا بعين الجَسد، لان جَسد يسوع جَسد مُمجَّد. أَمَّا عبارة "سَجَدوا" فيشير إلى بدء سجود المجوس الذين يمثلون الأمم كما ورد في بداءة إنجيل متى (2: 1)، ينتهي إنجيل متى بسجود الذين يرسلهم إلى "جميع الأمم". السجود يعبّر عن الإيمان، وهو يُقدم لله وحده كما تنصُّ الشريعة: " لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسجُد وإيَّاهُ وَحدَه تَعبُد" (متى 4:10). فنحن مدعوون للسجود مع التلاميذ، كردّ فعل للاعتراف بألوهيّة المسيح القائم بعد إتمامه سرّه الفصحى. أَمَّا عبارة "بَعضَهُمُ ارْتابوا" فتشير إلى الشك حاضر في فعل إيمان الجماعة المسيحية الأولى التي دُعيت لتبشير جميع الناس. لانَّ كان وضع كنيسة متى متأرجحة بين الشك والإيمان. في الواقع، الشك حاضر في كل فعل إيمان نقوم به، وهذا أمر لا مناص منه. 18 فَدَنا يسوعُ وكَلَّمَهم قال: ((إِنِّي أُوليتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأَرض. تشير عبارة "فَدَنا يسوعُ" إلى اقتراب يسوع من تلاميذه ليُكلمهم عن مجده لدى صعوده إلى السماء، كما حدث في رواية التجلي أيضًا (متى 17: 7). وكأنّه يقول إن مجد الله ليس أمرًا بعيدًا عن تلاميذه، بل هو قريب منهم. وفي الواقع، اكّد يسوع حضوره الدائم معهم "وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم" (متى 28: 20). أمَّا عبارة "إِنِّي أُوليتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأَرض" فتشير إلى تأكيد يسوع أنَّه ربُّ جميع الممالك التي ادّعى الشَّيطان أنه سيعطيها له، كما جاء في التجربة الثالثة بقوله: "أُعطيكَ هذا كُلَّه إِن جَثوتَ لي سـاجداً "(متى 4: 9). أَمَّا عبارة " كُلَّ سُلطانٍ " فتشير إلى سلطان الذي ناله من الآب بعد أن مرّ في الألم والموت، وقد رفض السلطان الذي عرضه عليه إبليس (متى 4: 9-10). فالمسيح هو ابن الله المتجسد، والمساوي للأب في الجوهر، لذلك نسمعه اليوم يتكلم فيختار وأمر " فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم " (متى 28: 19). أَمَّا عبارة "السَّماءِ والأَرض" فتشير إلى الكون كله، مسكن الله، ومسكن البشر (أعمال الرسل 13: 33). أَمَّا عبارة " الأَرض" فتشير إلى يسوع الذي رفض، على جبل التجربة، أن ينال من الشيطان السيطرة على ممالك العالم (4/9-10) يُعلنُ هنا أن نالها من الله كما ورد في الكتاب المقدس "وأوتي ابن الإنسان سُلطاناً ومجداً وملكاً، حيث أن جميع الشعوب والأمم والألسنة يعبدونه" (دانيال 7/14). تشير عبارة "السَّماءِ والأَرض" إلى ما هو أكثر من السيطرة المسيح على الأرض بل على السماء وفقاً لاعتقاد الكنيسة الأولى (رسل 13: 33 ورومة 1: 4 وفيلبي 2: 5-11 و1 طيموتاوس 3: 16). أعطى الله للمسيح سلطان على السماء والأرض، وعلى هذا الأساس، أمر يسوع تلاميذه أن يتلمذوا كثيرين وهم يكرزون ويعمِّدون ويعلمون. 19 فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس، تشير عبارة "فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم" إلى توجهات يسوع الأخيرة لتلاميذه، أنهم تحت سلطانه، ولعيهم أن يتلمذوا كثيرين وان يعمِّدوهم ويعلموهم نم يطيعوه. أَمَّا عبارة "فاذهَبوا وتَلمِذوا" فتشير إلى إرسال يسوع تلاميذه إلى إعلان تعاليمه والعقيدة المسيحية. أَمَّا عبارة "عَمِّدوهم" فتشير إلى منح المعمودية التي تكرّس المؤمن لخدمة الرب وعبادته، فيصبح ابن الله بالتبني (رومة 8: 15-18)، فالمعمودية هي علامة العهد بين الله والإنسان بوساطة يسوع، لانَّ المعمودية تربط المؤمن بيسوع المسيح في موته وقيامته للحياة الأبدية، إذ تبين المعمودية الخضوع للمسيح والاستعداد للحياة في طريق الله. أَمَّا عبارة "جَميعَ الأُمَم" فتشير إلى اليهود والوثنيين (متى 24: 9، 25: 32) فتمت نبوءة أشعيا "أَنا الرَّبَّ دَعَوتُكَ في البِرّ وأَخَذتُ بِيَدِكَ وجَبَلتُكَ وجَعَلتُكَ عَهداً لِلشَّعبِ ونوراً لِلأُمَم" (أشعيا 42: 6)، في حين كان يسوع قد أرسل تلاميذه إلى اليهود فقط بقوله لهم: "لا تَسلُكوا طَريقاً إِلى الوثَنِيِّين ولا تَدخُلوا مَدينةً لِلسَّامرِيِّين، بَلِ اذهَبوا إِلى الخِرافِ الضَّالَّةِ من بَيتِ إِسرائيل" (متى 10: 5-6)، لكن إرساليتهم من الأن ستكون لكل العالم، فالمسيح هو رب كل الأرض، وقد مات لأجل خطايا كل الناس. أَمَّا عبارة "وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس" فتشير العماد باسم الثالوث الأقدس. وان كلمات يسوع تؤكد حقيقة الثالوث. وإن كان هناك عماد باسم يسوع (أعمال الرسل 2: 38)؛ وهكذا تنظم العماد باكرا في كنيسة متى فصار رتبة الليتورجية سنة أو سنتين على ما نقرأ لدى آباء الكنيسة بدءا بتعليم الرسل. أَمَّا عبارة "بِاسْمِ" فتشير على علاقة شخصية بين المعمَّد وألاب والابن والروح القدس (1 قورنتس 12: 3-5). والجدي بالذكر أنَّ يسوع لم يقل عمدوهم "بأسماء" الأب والابن والروح القدس" بل باسم مما يدل على الألة الواحد المثلث الاقانيم: الأب والابن والروح القدس. 20 وعَلِّموهم أَن يَحفَظوا كُلَّ ما أَوصَيتُكُم به، وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم)). تشير عبارة "وعَلِّموهم" إلى التلمذة وليس مجرد لمعرفة عقلية إنما أيضا كيف يعرف المعمّد كيف يتصرَّف. ثم العماد والتعليم. هذا ما حدث في الجماعة المسيحية الأولى. إذ تابوا واعتمدوا (أعمال الرسل 2: 38)، وبعد ذلك تمّ العماد والتعليم (أعمال الرسل 2: 42). أَمَّا عبارة "وهاءنذا معَكم" فتشير إلى الله الذي كما كان مع اسحق (التكوين 26: 4) ويعقوب (التكوين 28: 20) ويوسف (التكوين 39: 2) وموسى (خروج 3: 12) كان مع الرسل. يسوع هو عمانوئيل (متى 1: 23). يبقى عمانوئيل الله معنا. كان يسوع مع تلاميذه بالجسد إلى أن صعد إلى السماء، وبعد ذلك كان معهم روحيا بالروح القدس "بَينَما هو مُجتَمِعٌ بِهِم، أَوصاهُم أَلاَّ يُغادِروا أُورَشَليم، بل يَنتَظِروا فيها ما وَعَدَ به الآب وسَمِعتُموه مِنِّي" (أعمال الرسل 1: 4). الله حاضر في تاريخ البشرية بحضور المسيح القائم من بين الأموات، والذي أرسل إلينا الروح القدس. فالروح القدس يحقق حضور يسوع معهم حضورا فعَّالا لا منظورًا، ولن يتركهم " قُلتُ لَكُم هذه الأَشياءَ وأَنا مُقيمٌ عِندكم ولكِنَّ المُؤَيِّد، الرُّوحَ القُدُس الَّذي يُرسِلُه الآبُ بِاسمي هو يُعَلِّمُكم جَميعَ الأشياء ويُذَكِّرُكُم جَميعَ ما قُلتُه لَكم. "(يوحنا 14: 25-26)، فيسوع معنا بروحه. حينما أراد المسيح أن يترك ميراث لتلاميذه لم يترك أموالا وأراضي بل ترك ذاته بالكامل. نجد في قلب سر صعود الرب حضور المسيح غير المرئي مرتبط الآن في وجود في كنيسته التي يسكن فيها حتى الأبد. وتعلق القديسة اليصابات الثالوث الأقدس" لقد وجدت السماء على الأرض، إذ إن السماء هي الله، والله في قلبي". فلننظر إلى مصابيح الإيمان والرجاء والمحبة المضاءة في قلبنا. أَمَّا عبارة " إِلى نِهايةِ العالَم " فتشير إلى مجيء يسوع ثانية. فحضور المسيح معنا بروحه إلى مجيئه الثاني في نهاية العالم. صار هذا الوعد حقيقة لا في وقت مُحدَّد، بل حتى انقضاء العالم. ولن يكون مع شعب واحد (عدد 14: 9) بل مع جميع الشعوب التي يرسل الله إليها خلاصه "فاعلَموا إِذًا أَنَّ خَلاصَ اللهِ هذا أَرسِلَ إِلى الوَثَنِيِّين وَهُم سيَستَمِعونَ إِلَيه"(أعمال الرسل 28: 28). إننا نتشجع بمعرفتنا أن يسوع المسيح معنا دائما، فواجبنا أن نؤمن به مخلصًا وملكًا وربًا لنا، ونجعله ملكًا على حياتنا وعلى جميع الشعوب. وإن وجود الملايين في العالم اليوم الذين لم يسمعوا قط اسم المخلص عار وفضيحة لنا جميعا. ثانياً: تطبيقات النص الإنجيلي (متى 28: 16-20) بعد دراسة موجزة عن وقائع النص الإنجيلي (متى 28: 16-20)، يمكن أن نستنتج انه يتمحور حول الصعود كخاتمة الترائيات ومنطلق رسالة الرسل والكنيسة وأخيرا أبعاده على صعيد المسيح والكنيسة وصعيدنا. 1) الصعود خاتمة الترائيات: صعود الرب هو استمرار لقيامته من القبر ودخوله في ملء رسالة الفصح. فلولا الصعود لما كانت القيامة (أعمال 2: 23-36). فصعود الرب إلى السماء كان آخر ترائه للرسل بالجسد، قبل أن يعود ثانية في نهاية الأزمنة. وفي هذا الظهور تغلب يسوع على قِلَّة إيمان الرسل بإعطائهم علامات على حقيقة قيامته: " ما بالُكم مُضطَرِبين، ولِمَ ثارَتِ الشُّكوكُ في قُلوبِكم؟ أُنظُروا إِلى يَدَيَّ وقَدَميَّ. أَنا هو بِنَفْسي. إِلمِسوني وانظُروا، فإِنَّ الرُّوحَ ليسَ له لَحمٌ ولا عَظْمٌ كما تَرَونَ لي" (لوقا 24: 38-39)، ووهبهم فهم الكتب المقدسة "فَتحَ أَذْهانَهم لِيَفهَموا الكُتُب" عن سر المسيح الخلاصي (لوقا 24/ 44). إن أسفار العهد القديم كلها تشير إلى المسيح، فالمزامير تنبأت عن آلامه (مزمور 22) وسفر أشعيا عن قيامته (أشعيا 53: 10-11). 2) الصعود منطلق رسالة الرسل والكنيسة: حدَّد يسوع في ترائه الأخير في الصعود مهمة الرسل ليكونوا شهود القيامة "وأَنتُم شُهودٌ على هذه الأُمور"(لوقا 24: 48). فرسالة المسيح المُعبّرة عن حب الله وغفرانه لا بدَّ أن تصل إلى كل العالم. ولذلك وعد يسوع رسله بإرسال الروح القدس "َامكُثوا أَنتُم في المَدينَة إِلى أَن تُلبَسوا قُوَّةً مِنَ العُلى" (لوقا 24: 49). يمنح الروح القدس قوة للرسل والكنيسة كي تشهد للمسيح بناء على وعده: " الرُّوحَ القُدُسَ يَنزِلُ علَيكم فتَنَالون قُدرَةً وتكونونَ لي شُهودًا حتَّى أَقاصي الأَرض" (أعمال 1: 8) وسِفر أعمال الرسل خير دليل على تأييد الروح القدس للشهادة في الإرساليات ولا سيما وقت الاضطهادات تتميمًا لما وعد به السيد المسيح (متى 10: 19-20). ولا يزال الروح القدس في أيامنا يبعث مُرسلين ورسلا ويؤيِّد المسيحيين لتأدية شهادتهم المسيحية. فقوة الكنيسة الخفيَّة هي الروح القدس الذي يعمل في الكنيسة في كل بقاع الأرض. إنه حالٌ في قلوب المؤمنين به، ويتكلم في فمهم، ويُلهمهم ما يتكلمون به في حالة الاضطهادات والشدائد لأجل اسم الرب. حيث عطيّة الروح فهناك رسالة وحيث الرسالة فهناك عطيّة الروح. أَمَّا جواب الرسل فانهم اعترفوا بسيادة المسيح لدى مشاهدتهم صعوده، وسجدوا له سجودهم لربّهم وهم يباركون الله ويشهدون له (لوقا 24: 44-53). بقيّ يسوع يتراءى لتلاميذه مدة أربعين يوماً، ويكلمهم عن شؤون ملكوت الله" (أعمال1: 3-10). لماذا أربعين؟ عدد أربعين هو عدد رمزي يدلُّ على مدة مثالية تُمهِّد لحدث عظيم، وهو يذكرنا بالمدة التي قضاها اليهود في البريّة قبل أن يدخلوا أرض الموعد. وأن شعب الله الجديد اختبر الرب القائم أربعين يوماً قبل أن يحلّ عليه روح الرب. ومن هنا نفهم أن المسيح القائم كان يعلّم تلاميذه، أي يُعدَّهم كما أعد الرب الشعب القديم ويهياهم لعطية الروح القدس، وبالتالي لحمل الرسالة؛ وهكذا حيث عطيّة الروح فهناك رسالة، وحيث الرسالة فهناك عطيّة الروح. أخذت الكنيسة رسالة يسوع من الرسل فحاولت أن تكتشف كل ما تتضمنها لكي تعيشها وتحملها إلى العالم. فالكنيسة هي ليست الملكوت، لكنها علامة ملكوت يسوع في العالم، إذ إنَّها المكان الذي يستطيع ابن الإنسان يسوع أن يمارس فيه سيادته كاملة وان يُشعَّها على جميع الناس. لذلك عليها أن تعيش بالسهر للتابع رسالتها بغيرة، وان تكون جماعة مؤمنة تتبع المسيح وتعيش وفقا لمثال معلمها، في الخدمة المتبادلة، علمًا بانه لم يترك لها من التعليمات إلاَّ الرحمة والغفران، إلى جانب المحبة. وأمانها الأخير هو أنَّ الله أصبح في يسوع "عمانوئيل" أي الله معنا. يذكر القديس مرقس "الغمام" (مرقس 9: 7). ما رمز الغمام؟ كلمة الغمام هي كلمة ذات خلفيّة كتابيّة تعني "حضور الرب"، ولأنَّ الله لا يُرى بأعين الجسد فيرمز له بالغمام. ودخول المسيح في الغمام يعني دخوله في مجد الله الآب (أعمال الرسل 9:1، لوقا 34:9-35، خروج 22:13) الذي ترمز إليه الغمام (التعليم الكاثوليكي رقم 659). 3) الصعود على صعيد المسيح: للصعود له ثلاث أبعاد وهي تمجيده وتساميه على الكون وتمهيد لعودته. ا) الصعود تمجيد المسيح السماوي: إن المسيح قبل أن يعيش على الأرض يمكن القول إنه كان لدى الله كابن، و"كلمة"، وحكمة. فصعوده إلى السماء إلى يمين الأب وإنما هو عودة إلى العالم السماوي الذي منه سبق ونزل من السماء، مسكن الألوهية (رؤيا 1: 5) رحمةً بنا ليفتقد الناس (مزمور144:5). بالصعود والنزول ارتبطت السماء بالأرض (يوحنا 1: 51). وأَمَّا جلوس يسوع عن يمين الله فيعني أنه قد أكمل عمله وأن له سلطاناً وقد توّج ملكاً. والتالي ما صعوده إلَّا تعبير عن مجد المسيح السماوي (أعمال 2: 34). ومن ناحية أخرى يشير صعود المسيح إلى الدخول النهائي لناسوت يسوع إلى مقر الله السماوي من حيث سيعود، ويخفيه هذا المقر في هذا الوقت عن عيون البشر. (ت ك 665). وفي الليتورجيا السريانية نجد هذه الصلاة التي تعبّر عن تمجيد المسيح بصعود إلى السماء: "نزل ربّنا بحثًا عن آدم وبعد أن وجد مَن كان ضائعًا، حمله على كتفيه وبالمجد أدخله السماوات معه (لوقا 15: 4). أتى وأظهر لنا أنّه الله؛ ولبس جسدًا وكشف لنا أنّه إنسان. نزل إلى الجحيم وبيّن لنا أنّه مات؛ صعد وتمجّد وأظهر لنا أنّه كبير. فليتبارك مجده". ب) الصعود دلالة على تسامي المسيح على الكون والقوات السماوية (1 قورنتس 15: 24) منذ صعد يسوع إلى السماء فهو جالس على العرش في السماوات ليتقلد السيادة على الكون (أفسس 1: 20-21). ويكشف لنا إنجيل متى سلطان يسوع الذي يتمتع به في السماء وعلى الأرض (متى 28: 18)، وأكد لنا بولس الرسول هذا النصر الذي اكتسبه بالصلب (كولسي 2: 15) وبطاعته (فيلبي 2: 6-11). ويقول القديس قبريانس: "لا من لسان بشر ولا ملائكي يستطيع أن يصف كما يجب عظيم الاحتفال والإكرام الذي صار للإله المتجسد بصعوده في هذا اليوم". ويدعونا صاحب المزامير بالتهليل للرّبّ من خلال التصفيق قائلا: "صَفِّقي بِالأيدي يا جَميعَ الشُعوب إِهتِفي للهِ بِصَوتِ التَّهْليل فإِنَّ الرَّبَّ عَليّ رَهيب على جَميعِ الأَرضِ مَلِكٌ عَظيم (مزمور 47: 2-3). الرّبّ ملك على الأرض كلها وعلى كل البشر سواء مؤمنين به أمّ لا، وهو الجالس على العرش وبيده القضاء لكل البشرية كما يتابع صاحب المزامير نشيده "إِعزِفوا لِمَلِكِنا اْعزِفوا فإِنَّ اللهَ مَلِكُ الأرضِ كُلِّها. إِعزِفوا لَه بِمَهارة. اَللهُ على الأمم مَلَك َ، الله على عَرشِ قُدْسِه جَلَس" (مز 46: 5-9). ج) التجليّس الملكيّ (مز 46: 5- 10) يأمر الرّب بحسب الكاتب الحكيم بعد أنّ حددّ الميراث لشعبه وهو إعطائه ملك من نسل يعقوب أنّ يجعله يملك على الأرض كلها ولذا يقوم بتجليسه على عرشه الإلهي مُعلنًا: «صَعِدَ اللهُ بِالهُتاف [...] إِعزِفوا لِمَلِكِنا اْعزِفوا فإِنَّ اللهَ مَلِكُ الأرضِ كُلِّها. إِعزِفوا لَه بِمَهارة [...] مَلَكَ اَللهُ على عَرشِ قُدْسِه جَلَس» (مز 46: 5- 10). الملك الإلهي يجلس على عرش قدسه وهو الّذي يسمح بتجليسه ليسود ملكه على كل الأرض. هذا البُعد الشمولي الّذي يكشف لنا كاتب سفر المزامير وهو لا يملك على مدينة أو بلدة ما أو على شعب محدد بل كل الأرض بكل شعوبها. هذا يشير إلى تجليس الرّبّ كملك على الأرض كلها وعلى كل البشر سواء مؤمنين به أمّ لا، فهو الجالس على العرش وبيده القضاء لكل البشرية. د) الصعود تمهيد لعودة المسيح في مجيئه الثاني: إن "يسوعُ هذا الَّذي رُفِعَ عَنكُم إِلى السَّماء سَيأتي كما رَأَيتُموه ذاهبًا إِلى السَّماء" (أعمال 1: 11). هذه العبارة تقيم ارتباطاً عميقاً بين ارتفاع المسيح إلى السماء وبين عودته ثانية في آخر الأزمنة، عند التجديد الكلي الشامل (أعمال الرسل 3: 21) حينذاك سيأتي كما انطلق (أعمال الرسل 11:1)، نازلاً من السماء (1 تسالونيقي 4: 16) على الغمام (رؤيا 14: 14-16)، بينما يصعد مختاروه لملاقاته، هم أيضا على غمام (1 تسالونيقي 4: 17). فالتاريخ يتحرك نحو نقطة محددة هي مجيء يسوع المسيح ثانية ليدين العالم، ويملك على كل المسكونة. وينبغي علينا، أن نكون مستعدين لمجيئه المفاجئ (1 تسالونيقي 5: 2). 4) الصعود على صعيد الكنيسة: الصعود على مستوى الكنيسة هو تمجيدها بحلول الروح القدس: تمجيد المسيح في صعوده كان لا بدَّ أن يسبق تمجيد الكنيسة بحلول الروح القدس. صعد يسوع إلى السماء ليرسل الروح القدس ليحلّ محلّه لدى التلاميذ كما وعد تلاميذه "الرُّوحَ القُدُسَ يَنزِلُ علَيكم فتَنَالون قُدرَةً وتكونونَ لي شُهودًا في أُورَشَليمَ وكُلِّ اليهودِيَّةِ والسَّامِرَة، حتَّى أَقاصي الأَرض (أعمال الرسل 1: 8). صعد يسوع إلى السماء كي يرسل روحه ليحلّ محلّه لدى التلاميذ. وبحلول الروح يتحول الرب من كائن معنا إلى كائن فينا؛ إن كائن معنا محدودة، لكن كائن فينا غير محدودة وذلك نتيجة عمل الروح القدس. وهذا مما يؤكده القديس بولس الرسول في صلاته إلى أفسس: "أَن يُقيمَ المسيحُ في قُلوبِكم بالإِيمان" بفعل الروح القدس (أفسس 3: 17). تحتفل الكنيسة تحتفل بعيد الصعود كي نفرح لانَّ الذي نزل من السماء لأجل خلاصنا هو الذي صعد أيضاً فوق جميع السماوات ملك على الأمم، الله جلس على كرسي مجده (مزمور 47/8). لكي يملأ الكل (أفسس 4: 9-10). تحتفل الكنيسة تحتفل بعيد الصعود كي نشكر ونمّجد الرب هو الذي أنهض طبيعتنا الساقطة وأصعدنا وأجلسنا معه في السماويات (أفسس 2: 6). ويقول القديس أوغسطينوس: "اليوم صعد ربنا يسوع المسيح إلى السماء. ليصعد قلبنا معه. مع كونه هناك، هو معنا هنا أيضا. ونحن مع كوننا هنا، نحن معه أيضا هناك. رفع فوق السماوات، ولكنه ما زال يتألم في الأرض بكل ألم نشعر به نحن أعضاؤه. لأنه رأسنا ونحن جسده" (PLS 2: 494). تحتفل الكنيسة تحتفل بعيد الصعود كي نهيأ نفوسنا لاستقباله: أن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيعود (أعمال 1: 11) للدينونة (متى 16/ 27). 5) الصعود على صعيدنا الصعود على صعيدنا له بعدان التشفع فينا وأعداد لنا مكانًا في السماء: أ) صعود يسوع ليشفع فينا في حضرة الله (عبرانيين 9: 24): تصور الرسالة إلى العبرانيين صعود المسيح في ضوء نظرتها لعالم سماوي تقوم فيه حقائق الخلاص، ونحوه تتجه مسيرة البشر. إن الكاهن الأعظم، لكي يجلس هناك عن يمين الله (عبرانيين 1: 3) فوق الملائكة (عبرانيين 1: 4-9) صعد أول الجميع، مجتازاً السماوات (عبرانيين 4: 14) كي يشفع فينا في حضرة الله (عبرانيين 9: 24) كونه الوسيط الذي يضمن لنا فيض الروح القدوس (ت ك 667). ب) الصعود لإعداد مكان لنا في السماء: يعودُ الربّ بالمجد إلى أبيه ليُعدّ لنا مكانًا (يوحنا 14: 1-3). فقد دخل يسوع أولاً تلك الحياة، ليُعدَّ لمختاريه مكاناً، ثم يأتي ويأخذهم إلى هناك ليكونوا على الدوام معه (يوحنا 14: 22). فيسوع المسيح، رأس الكنيسة، إذ سبقنا إلى ملكوت الآب المجيد حتى نحيا نحن، أعضاء جسده، في رجاء أن نكون يوماً معه إلى الأبد (ت ك 666). 6) روحانية عيد الصعود من أبعاد عيد الصعود تنبع روحانية الصعود متكاملة، مؤسسة على الرجاء، لأنها تجعل المسيحي يحيا منذ الآن في حقيقة العالم الجديد الذي يملك المسيح فيه. إن على المسيحيين وهم في انتظار تلك الساعة، أن يظلوا متحدين بفضل الإيمان وأسرار الكنيسة، بسيدهم الممجّد. فعليهم أن يسعوا " إلى الأُمورِ الَّتي في العُلى حَيثُ المسيحُ قد جَلَسَ عن يَمينِ الله"، لأن "حَياتُهم مُحتَجِبةٌ معَ المسيحِ " (قولسي 3: 1-3)، ومدينتهم كائنة في السماوات (فيلبي 3: 20). والبيت السماوي ينتظرهم (2 قورنتس 5: 31) هو المسيح الممجّد نفسه (فيلبي 3: 21)، "الإنسان السماوي" (1 قورنتس 15: 45-49). على أن المسيحي ليس لذلك أن يكون منسلخاً عن العالم، بل له رسالة على أن يحيا فيه بطريقة جديدة، تحرك العالم نحو المجد الذي يدعوه الله إليه. في هذا العصر تزايد اضطهاد المسيحيين أكثر من أي عصر مضى. لكن العداء والخطيئة والخوف والرعب والمعاناة على الأرض ليس لها الكلمة الأخيرة. سيعود يسوع بالمجد والبهاء ويضفي سيطرة على ممالك هذا العالم. الصعود عيد يسوع نعترف به مسيحاً، نعترف به ربّاً ارتفع ليجتذب الجميع ويصل كلمته إلى العالم كله. ومن هذا المنطلق، علينا أن نتابع كرازة الإنجيل كما أوصانا الرب "إِنِّي أُوليتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأَرض، فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس، وعَلِّموهم أَن يَحفَظوا كُلَّ ما أَوصَيتُكُم به، وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم" (متى 28: 18-20). التلاميذ لم يعيشوا كل الأيام في حين الكنيسة تدوم إلى الأبد (أعمال 1: 4-9). وعلينا أن نعلن انتظارنا لمجيئه الثاني. إنه سيأتي كما صعد، لذلك انتظار مجيء المسيح عقيدة "وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين" ومع الليتورجيا السريانيّة نردد "يوم ولادته، فرحت مريم؛ يوم مماته، تزلزلت الأرض. يوم قيامته، تزعزعت ظلمات الجحيم؛ يوم صعوده، اغتبطت السماوات. فليتبارك صعوده!". ثالثًا: في أي مزار يُحيي المؤمنون ذكرى صعود الرب؟ بُني مزار على قمة جبل الزيتون في القدس كي يُحيي صعود الرب يسوع إلى السماء. إذ يروي لوقا الإنجيلي أن السيد المسيح – بعد أربعين يوماً من قيامته "خَرَجَ بِهم إِلى القُرْبِ مِن بَيتَ عَنْيا، ورَفَعَ يَدَيهِ فبارَكَهم. وبَينَما هو يُبارِكُهم اِنفَصَلَ عَنهم ورُفِعَ إِلى السَّماءِ “(لوقا 24/ 50 -52 أعمال الرسل 1/ 1-12). وفي عام 378 شيّدت بومينا إمراء تقية من عائلة الإمبراطور كنيسة بيزنطية عرفت باسم "امبومن" أي "على المرتفع". وهي عبارة عن بناء مستدير الشكل بلا سقف ليدل الجميع على طريق السماء تتوسطه الصخرة المباركة حيث ارتفع المخلص تاركاً أثر قديمة الطاهرتين. وأرضيتها مرصوفة بالفسيفساء. في عام 614 دمّر كسرى ملك الفرس مزار الصعود. وبعد سنتين قام البطريرك مودستس بترميم الكنيسة. وإبان الفتح العربي عام 638 حافظ المسلمون على الكنيسة. ولكن السلطان الفاطمي الحاكم بأمر الله منصور بن العزيز أمر بهدم الكنيسة عام 1009. وفي القرن الثاني عشر بنى الصليبيون كنيسة مثمنة الشكل فوق أنقاض الكنيسة المهدمة ويتوسطها بناء مستدير يحوي مذبحاً تحته صخرة تشير إلى موقع صعود الرب. ولكن في عام 1187 هدم صلاح الدين الأيوبي الكنيسة ولم يبق سوى المزار الصغير المثمن الشكل في وسط الساحة. وتحوّلت ممتلكات الكنيسة إلى وقف إسلامي عام 1198. ويعلو المزار قبة أقامها المسلمون عام 1200 ولم يُنصب على القبة صليب أو هلال بل عمود رخامي ليشير أن المزار هو مكان صلاة لجميع المؤمنين. إذ يؤيد القرآن الكريم رواية الصعود بقوله "إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ (سورة آل عمران 55). يذهب الآباء الفرنسيسكان والطوائف الأخرى: الروم الأرثوذكس والأرمن والأقباط والسريان كل سنة في عشية عيد الصعود إلى هذا المقام الشريف فيقضون الليل هناك تحت الخيام، ثم يجتمع الشعب في صباح العيد لحضور المراسيم الدينية وتلاوة التسابيح وصلاة المزامير. ويجدر بنا أن نورد ما تأمله يوما القديس أوغسطينوس "هنا عاش المسيح. هنا أثر قدميه الطاهرتين فلنؤدي له الإكرام حيث أراد أن يقف في المكان الأخير. ومنه صعد إلى السماء وأرسل تلاميذه إلى العالم". ولنتذكر ما وعدنا به الرب: "وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم" (متى 28: 20). الخلاصة: لم يذكر إنجيل متى ظهورات المسيح للرسل بعد قيامته إلاَّ في اختتام إنجيله (متى 28: 16-21). يظهر يسوع للرسل في الجليل في المكان نفسه حيث بدأت قصتهم معه. وينتهي الإنجيل حيث بدأ، فيصف غنى سر الصعود الذي يدلُّ أن يسوع هو ربُّ السَّماء والأرض، إذ بفضل سر فصحه أي موته وقيامته، خضع العالم كله. ثم اظهر يسوع قدرة موته وقيامته في رسالة الكنيسة التي هي امتداد للبشرية ولعلاقاتها بالأقانيم الثلاثة وذلك بقوله" فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس (متى 28: 19)، واعدا إيَّاها " وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم" (متى 28: 20). يدعونا الإنجيل إلى تأمل سر الصعود وفهم مخطط الله ومشروعه الشامل، بحضور يسوع وغيابه. دعاء أيها الآب السماوي، نشكرك على صعود ابنك يسوع المسيح إلى السماء والجلوس عن يمينك ليشفع فينا ويُعدَّ لنا مقاما في الملكوت السماوي. فاجعلنا يا رب أن نختبر غيابه وحضوره الآن معنا وعمله فينا كما وعد فلا نتخلى عنه ابدأ بل نذيع رسالته إلى العالم اجمع. آمين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|