|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لنصرخ في تواضعٍ بلا تذمرٍ ثَمَّ يَصْرُخُونَ مِنْ كِبْرِيَاءِ الأَشْرَارِ وَلاَ يَسْتَجِيبُ [12]. للأسف يصرخ هؤلاء المساكين المصابون بالنكبات، ولا يُستجاب لهم؛ لأنهم لا يصرخون إلى الله بروح التواضع، بل في شكوى وبتذمر في كبرياءٍ شريرٍ. هنا يقدم لنا سببًا آخر لعدم تدخل الله: الأول كما رأينا أنهم لا يصرخون إليه، والثاني أنهم يصرخون ولكن بروح التذمر، فلا ينالون شيئًا لا يسمع لهم الله حتى يحل التواضع في قلوبهم عوض الكبرياء، مقدمين صلوات الندامة والتوبة (مز 10: 4؛ إر 13: 17). * غالبًا ما يحدث أنه إذ يُستغرقوا في تجربة يتوقعون أن السماء تهبهم تعزية حتى أثناء حياتهم. إذ يشتهون الخلاص، لا لأجل أنفسهم، وإنما من أجل المضادين لهم. يريدون من الله القدير أن يخلصهم من المخاطر المحيطة بهم بعمل معجزة لكي يعلن الله قدرته حتى للظالمين. إنهم يشتهون أن يخلص الله مقاوميهم أبديًا بذات الوسيلة التي تخلص بها شبه في هذا العالم. وكما يقول النبي أيضًا على لسان الشهداء: "من أجل أعدائي خلصني" (مز 69: 18). وكأنه يقول: "من أجل نفسي لا أطلب الخلاص من التجربة الزمنية، إنما أطلب الخلاص لأجل مقاومي". البابا غريغوريوس (الكبير) * للصلاة شروط لكي تُستجاب، منها:أن يكون طلبنا وفقا لإرادة الله (مت 26: 39)، مع الثبات واللجاجة (لو 11: 8)، وأن ندرك إرادة الله أن نصلح سيرتنا قبل الاستجابة (إش 1: 15). ومنها الشعور بعدم استحقاقنا لما نطلب (1 أي 17: 4)، أو عدم استحقاق من نطلب لأجله (إر 14: 11). ومنها أن عدم الاستجابة أفضل من الاستجابة (2 كو 12:7)... أما إذا تحققت كل الشروط فلا شك أن الله يستجيب صلاتنا. القدِّيس باسيليوس الكبير وَلَكِنَّ اللهَ لاَ يَسْمَعُ كَذِبًا، وَالْقَدِيرُ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ [13]. حتمًا الله لا يسمع للصرخات أو الطلبات الباطلة أو الكاذبة وللقلوب الجاحدة غير الشاكرة. فحيث لا يوجد إخلاص أو إيمان أو شكر لا ترتفع الطلبة إلى الله. يقول النبي: "عيناك أطهر من أن تنظرا الشر، ولا تستطيع النظر إلى الجور" (حب 1: 13). فَإِذَا قُلْتَ إِنَّكَ لَسْتَ تَرَاهُ، فَالدَّعْوَى قُدَّامَهُ، فَاصْبِرْ لَهُ [14]. يطالب أليهو أيوب أن يثق في الله. هنا يبدو أنه يشير إلى ملاحظة قدمها أيوب (أي 23: 8)، حيث قال إنه لم يقدر أن يقترب إلى الله، ولا أن يقدم قضيته إليه. ذهب شرقًا، وغربًا، وشمالًا، وجنوبًا، ولم يستطع أن يراه، ولا وجد فرصة لعرض قضيته أمامه. هنا يوضح أليهو أن بالحقيقة الله غير منظور، لكن هذا لا يعني أنه لا يبالي بشئون البشر، أو أنه لا يستحق أن نثق فيه ونحبه. فالله يهتم بالبشرية ويقضي بالعدل والبرّ، وكل الأمور مكشوفة أمامه. يليق بنا أن ننتظر في صبرٍ، فهو يقضي حتمًا في الوقت المناسب. * "لأن الرب لا يرغب أن يتطلع على الأخطاء، إذ هو القدير، يلاحظ كل الذين يمارسون أعمالًا ضد الناموس ويخلصني. إنك تترافع أمامه إن استطعت أن تسبحه، الأمر الممكن حتى الآن (راجع أي 35: 13 -14). فإن الرب ليس فقط لا يريد أن يفحص الأخطاء، وإنما لا يرغب حتى في التطلع إليها، كما يقول نبي آخر: "أنت يا من لك عينان أطهر من أن تنظرا إلى الشر، ولا تقدران أن تطلعا على الخطأ"... ها أنتم ترون أية عناية إلهية هذه! أية حماية! أي حنو هذا! فإنه لا ينتقم ولا يشمئز من الأعمال! القديس يوحنا الذهبي الفم وَأَمَّا الآنَ فَلأَنَّ غَضَبَهُ لاَ يُطَالِبُ، وَلاَ يُبَالِي بِكَثْرَةِ الزَّلاَّتِ [15]. يرى البعض أن المعنى هنا، أن ما يحل بالشخص من نكبات تبدو كأنها لا شيء بجانب ما يستحقه الإنسان من عقوبة. فإن كان الله يفتقد الإنسان بالغضب خلال التأديبات التي يسمح بها، فإنها تأديبات خفيفة جدًا وهينة إن قورنت بالمعاصي التي نرتكبها. "ولا يبالي (يعرف) بكثرة الزلات"، هنا الحديث عن الله الذي لا يجازي هنا عن كل ما نفعله من زلات، وكأنه يغض النظر عنها أو لا يعرفها، حتى لا تثقل يد التأديب علينا. في تأديبه لنا يحنو ويترفق حتى وإن حسبنا هذا التأديب قاسيًا للغاية. * الله الذي يدين إلى الأبد يطيل أناته إلى وقت طويل. إن كان يطيل أناته في جلب غضبه، فلأنه يحفظه ليسكبه فيما بعد بلا نهاية. الألم هنا هو نصيب المختارين ليهيئهم لنوال المكافأة السماوية. إنه نصيبنا أن نتقبل جلدات هنا إذ يحفظ الفرح الأبدي لنا. البابا غريغوريوس (الكبير) * لتفرح وأنت تحت الجلدات، فإن الميراث محفوظ لك، لأنه لا يطرد شعبه. هو يؤدب إلى حين، ولا يدين إلى الأبد. القديس أغسطينوس * إني أختار أن يفتقد الرب خطاياي ويُصلح معاصيَّ هنا في هذا العالم، حتى يقول لي إبراهيم هناك ما قاله عن لعازر المسكين في حديثه مع الغني: "يا ابني أذكر أنك استوفيت خيراتك في حياتك، وكذلك لعازر البلايا، والآن هو يتعزى وأنت تتعذب" (لو 16: 25). لهذا السبب عندما يوبخنا الرب ويؤدبنا، يلزمنا ألاَّ نكون جاحدين. إذًا لندرك أن توبيخنا في الوقت الحاضر لكي ننال تعزية في المستقبل. وكما يقول الرسول: "إذ قد حُكم علينا نؤدب من الرب لكي لا نُدان مع هذا العالم" (1 كو 11: 32). لهذا السبب قبِل أيوب أيضًا بإرادته كل آلامه قائلًا: "أالخير نقبل من عند الله، والشر لا نقبل؟" (أي 2: 10). العلامة أوريجينوس فَغَرَ أَيُّوبُ فَاهُ بِالْبَاطِلِ، وَكَبَّرَ الْكَلاَمَ بِلاَ مَعْرِفَةٍ [16]. خرج أليهو بهذه النتيجة أن أيوب فتح فاه وصرخ، لكن بتذمره حُسبت كلماته وصرخاته باطلة وبلا فهم. شكوى أيوب - في عيني أليهو - لغو لا قيمة لها، وبلا معرفة أو فهم، لأنها حملت اتهامات ضد تدبير الله. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يا أبويا يا اللى فى السما قلبى أنشرح حملى أترمى |
أيوب | لنصرخ إلى الله وسط الضيق |
يا له من تواضعٍ طوباوي بالحقيقة |
لنصرخ من قبر خطايانا بكلّ صدقٍ إلى الرّب |
أمنا مريم أنشري السلام فينا |