|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إِنْ كُنْتُ قَدْ فَرِحْت،ُ إِذْ كَثُرَتْ ثَرْوَتِي، وَلأَنَّ يَدِي وَجَدَتْ كَثِيرًا [25]. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن النصرة التي حققها أيوب البار أثناء تجربته لم تكن وليدة الساعة، لكنها ثمرة تداريب روحية عملية عاشها بالنعمة الإلهية حتى قبل حلول التجربة، منها تدربه على استخفافه بالبركات الزمنية والغنى الأرضي. * هكذا كان الطوباوي أيوب، لو لم يكن قد درٌَب نفسه حسنًا قبل دخوله في الصراعات، لما أشرق هكذا في البهاء بهذه الصورة. لو لم يكن قد اختبر التحرر من الكآبة لتفوه بكلمات في اندفاع عندما مات أبناؤه. فكما كان قبلًا هكذا وقف أمام كل الهجمات، ضد دمار ثروته والخراب العظيم الذي حلّ به، وضد فقدانه أبنائه، ومواساة زوجته، والوباء الذي حلٌ بجسمه، وتوبيخات أصحابه، وشتائم خدمه له. إن كنتم تريدون أن تروا أيضًا طرقه في الدرب (الروحي) اسمعوه يتحدث كيف كان يستخف بالثروة، قائلًا: "إن كنت قد فرحت لأن ثروتي كانت عظيمة، إن كنت قد جمعت الذهب في كميات ضخمة، إن كنت قد اتكلت على الحجارة الكريمة" (أي 25:31، 24 LXX). لذلك لم يرتبك عندما فقد هذه الأمور، لأنه لم يكن يشتهيها حين كانت لديه . *كان أيوب غنيًا، لكنه لم يخدم شيطان الجشعmammon ، بل ملك على الغنى وسيطر عليه، فكان سيدًا لا عبدًا. لذلك قد ملك كل هذه الأمور كما لو كان وكيلًا على مال الغير، ليس فقط لا يغتصب من الغير، بل كان يقدم ما له للمحتاجين. وما هو فوق هذا حين كان لديه هذه المقتنيات لم تفرحه، إذ أعلن قائلًا: "إن كنت قد فرحت حين كانت ثروتي عظيمة" (أي 25:31)، ولا حزن عندما ذهبت منه . القديس يوحنا الذهبي الفم غالبًا ما يحسب مثل هؤلاء الأشخاص الخيرات الوفيرة ثقلًا زائدًا، إذ يحملون في جديةٍ أشياء كثيرة، بينما هم مسرعون نحو وطنهم. لهذا يكرسون طاقتهم ليشاركهم أقرباؤهم المحتاجون... لن يفرح المختارون بالخيرات الكثيرة، لأنه من أجل محبة الميراث السماوي يهبون ما في أيديهم ويوزعونه، ويستخفون به ويتخلون عنه. البابا غريغوريوس (الكبير) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|