|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حب مُدهش لأهل بيته إِنْ كَانَ أَهْلُ خَيْمَتِي لَمْ يَقُولُوا: مَنْ يَأْتِي بِأَحَدٍ لَمْ يَشْبَعْ مِنْ طَعَامِهِ؟ [31] كانت طبيعة أيوب عجيبة، وهي العطاء المستمر بسخاء خاصة للمحتاجين والمساكين، يعطي الغير احتياجاتهم ليس عند حد الكفاف، بل حتى يشبعوا. هذا الأمر كان موضع دهشة أهل خيمته، حتى الأجراء والعبيد والجواري كانوا يدهشون لحنوه نحو الجميع. كان موضع إعجاب كل من يتعامل معه! يشير هذا القول إلى المخلص الذي يشتاق رجال خيمته أو كنيسته، أن يدخل كل أحدٍ للتمتع بجسد الرب ويشبع به روحيًا، سواء كان من اليهود المُضطهِدين أو الأمم الذين يقبلون الإيمان. يعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على ما ورد هنا: "آه! لقد امتلأنا من جسده!" بأن هذا تعبير عن المحبة الشديدة التي تربط أيوب بخدمه، وأن السيد المسيح يقدم لنا جسده لنأكله إعلانًا عن الحب الشديد بينه وبين مؤمنيه [هذا الجسد يعطيه إيانا لنأكله، الأمر اللائق بالحب الشديد. فالذين في قلوبهم حرارة غالبًا ما نعضهم بأسناننا. لهذا فإن أيوب إذ يشير إلى محبة خدمه نحوه قال إنهم غالبًا ما كانوا يفعلون هذا بسبب عاطفتهم القوية نحوه، فيقولون: "آه، لقد امتلأنا من جسده!" (انظر أي 31:131). هكذا يعطينا المسيح أن نمتلئ من جسده، جاذبًا إيانا إلى حب أعظم .] * "إن كنت قد سمحت للفقير أن يخرج من بيتي فارغ اليدين" [31]. لم يقل "أعطيت عندما توسل، بل أعطيت حتى من كان يُرفض أن يأخذه. لقد كان يلزم الذين كانوا يدخلون بيته ألا يخرجوا دون أن يأخذوا... كان أيوب يستخدم الضغط على من يعطيهم لكي يأخذوا. * هذا أيضًا يفعله المسيح, لكي يقودنا إلى صداقة حميمة, ليظهر حبه لنا, إذ يعطي من يشتاقون إليه ليس فقط أن يروه, بل ويلمسوه, ويأكلوه ويثبتوا أسنانهم في جسمه, ويحتضنوه, ويشبعوا كل حبهم. لنرجع من تلك المائدة مثل أسود تتنفس نارًا, نصير رعبًا للشيطان, ومفكرين في رأسنا, وفي الحب الذي يظهره لنا . القديس يوحنا الذهبي الفم غَرِيبٌ لَمْ يَبِتْ فِي الْخَارِجِ. فَتَحْتُ لِلْمُسَافِرِ أَبْوَابِي [32]. يقدم لنا القديس أمبروسيوس تفسيرًا رمزيًا، حيث يرى في المؤمن الحقيقي أن يتمثل بأيوب فيدخل بالغرباء عن الإيمان إلى بيته، الذي هو كنيسة الله. أيوب البار رمز للسيد المسيح، وبيته رمز للكنيسة. يشتاق السيد المسيح أن تُفتح أبواب كنيسته فيدخل إليها كل غريب. يغتسل الكل بدمه الثمين، ويتمتعون بعطايا الروح القدس، ويصيرون من أهل بيت الله. إن كانت البشرية كلها تمثل قافلة دائمة الحركة، فأبواب مراحم الله مفتوحة لهم، ليتمتعوا ببركات عمل الله الخلاصي، أثناء رحلتهم في هذا العالم. * انزع الإرادة الصالحة من الناس تكون كمن نزع الشمس عن العالم. بدونها لا يعود يبالي الناس بإظهار الطريق للغريب، ولا أن يردوا الضال، ولا أن يظهروا سخاءً. هذه فضيلة ليست هينة. فبسببها مدح أيوب نفسه بقوله: "غريب لم يبت (خارج أبوابي)، فتحت للمسافر بابي" (أي 32:31)... هكذا توجد الإرادة الصالحة في هذه كلها، مثل ينبوع مياه ينعش الظمأى، ومثل نور يشرق على الآخرين، ولا يمنع ضياءه عن الذين يقدمون النور للغير . القديس أمبروسيوس *الفقر والغنى هما سلاحان متشابهان، بهما نخدم الفضيلة إن أردنا... لكي نتعلم أن هذا حق، فلنذكر حالة أيوب، الذي صار غنيًا وأيضًا فقيرًا، واستخدم هذين السلاحين بطريقة متشابهة، غلب بالاثنين. فعندما كان غنيًا قال: "فتحت لكل مسافرٍ بابي" (أي 32:31). وعندما صار فقيرًا قال: "الرب أعطى، الرب أخذ، ما يحسن في عينيه يفعله" [(أي 21:1) LXX والفولجاتا]. عندما كان غنيًا أظهر كرم الضيافة، وعندما كان فقيرًا قدم صبرًا كثيرًا . * ليس فقط ما نعطيه صدقة، وإنما ما نحتمله بثبات عندما يسلبنا آخرون مما لنا، كلاهما يقدمان لنا ثمرًا عظيمًا. ولكي تدرك أن الأمر الأخير بالحق هو أمر أعظم أقدم شهادة مما حلّ بأيوب. عندما كان مالكًا لثروةٍ فتح بيته للفقراء، مقدمًا ما لديه لهم. لكنه لم يكن مشهورًا عندما فتح بيته للفقراء بقدر ما صار عليه عندما سمع أن بيته سقط ولم يقبل الخبر بصدر ضيق. لم ينل شهرة عندما كسا العراة بجلد غنمه، مثلما اشتهر وعُرف عندما سمع أن نارًا سقطت على قطعانه وأحرقتها جميعًا ومع هذا قدم شكرًا. قبلًا كان محبًا للناس، والآن صار محبًا للحكمة. قبلًا كان حنونًا على الفقراء، الآن يقدم شكرًا للرب... لقد عرف أن الله كان يدبر كل الأمور للخير . القديس يوحنا الذهبي الفم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|