|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَلَمْ أَبْكِ لِمَنْ عَسَرَ يَوْمُهُ؟ أَلَمْ تَكْتَئِبْ نَفْسِي عَلَى الْمِسْكِينِ؟ [25] بإيمان حيّ يطالب أيوب البار التدخل الإلهي، فهو لا يبرر نفسه، لكنه يؤمن أنه كما ترفق بل وكما كان يبكي حين كان يجد إنسانًا في ضيقٍ، ويرثي لحال المساكين، فحتمًا يرد له الله هذا الحنو بالحنو, كأنه يقول لله: "قانونك: بالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم". لقد قدمت كل حنو للنفوس المتألمة المجروحة، وكل تعزية للمساكين، الآن نفسي تئن من الجراحات، ومحتاجة إلى تعزيات إلهية، أليس من حقي أن أغتصبها منك يا أيها البار وحده؟ * لاحظوا كيف دربٌ نفسه بخصوص آلام الجسد وإهانته، فبقدر ما لم يعانِ من شيءٍ كهذا قط حيث كان يعيش دومًا في غنى وفير وسموٍ اعتاد أن يهتم بمصائب الآخرين، واحدًا واحدًا. هذا ما أعلنه عندما قال: "لأني ارتعابًا ارتعبت فأتاني، والذي فزعت منه جاء عليَّ" (أي 25:3). مرة أخرى "ألم أبكِ لمن عسر يومه؟! ألم تكتئب نفسي حين كنت أرى إنسانًا في محنةٍ" (راجع 25:30). بسبب هذا لم يرتبك من أي شيءٍ حلٌ به . * لتكن مراحمنا فياضة، ولنقدم دلائل عن محبتنا الشديدة للإنسان، سواء باستخدام أموالنا أو تصرفاتنا. فإن رأينا شخصًا ماٍ يُساء إليه ويُضرب في السوق، فإن كنا نقدر أن نقدم مالًا عنه، فلنفعل ذلك، أو إن كنا نخلصه بالكلمات، فلا نتراجع عن ذلك. فحتى تقديم الكلمة لها مكافأتها، وبالأكثر تنهداتنا. هذا ما قاله أيوب: "بكيت على كل إنسان متعسر، وتنهدت عندما كنت أرى إنسانًا في محنة" (أي 25:30). القديس يوحنا الذهبي الفم لهذا يليق بنا أن نعرف أننا نعطي بطريقة كاملة عندما نبلغ إلى المتألمين، وفي نفس الوقت نحمل في داخلنا ذات مشاعرهم. يليق بنا أولًا أن نحمل آلام الشخص المتألم في داخلنا، وبعد ذلك نشاركه أحزانه، مظهرين تعاوننا خلال الخدمة العملية... يبلغ حنو قلبنا الكمال حينما لا نخشى أن نلقي على أنفسنا شر الاحتياج من أجل زميلنا، لكي ما ننقذه من الألم. هذا النموذج من الحنو، في الواقع وهبنا إياه الوسيط بين الله والناس. فإنه كان يمكنه أن يأتي ليعيننا دون أن يموت، لكنه أراد أن يعين البشرية بالموت. بالتأكيد لو أنه لم يحمل جراحاتنا، لكان حبه لنا قليلًا جدًا... لقد أظهر مدى عظمة فضيلة الحنو بأن وضع لنفسه أن يصير إلى حالٍ لا يريدنا أن نكون عليه، وذلك من أجلنا... هذا أيضًا ما يليق أن تفعله الكنيسة المقدسة. إنها إذ ترى شخصًا يحمل دموع التوبة، تربط دموعها به بالصلاة الدائمة، وتتعاطف مع الإنسان المسكين لكي ما تعين الذهن العاري من الفضائل بتوسلاتها وشفاعتها. إننا نرثي الحزين، متعاطفين معه، عندما نشعر أن جراحات الآخرين هي جراحاتنا، ونجاهد بدموعنا لغسل خطايا المرتكبين المعصية. البابا غريغوريوس (الكبير) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|