|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حِينَ أَضَاءَ سِرَاجَهُ عَلَى رَأْسِي، وَبِنُورِهِ سَلَكْتُ الظُّلْمَةَ [3]. كان النور المشرق منه هو نور الله الذي أضاء سراجه على رأسه، وكأن أيوب أشبه بمنارة، لا قيمة لها بدون السراج الإلهي. إنه مدين لله "النور الحقيقي"، الذي قاده وسط الظلمة، يهبه تعزيات إلهية وسط الأحزان، ويحفظه من العثرات. يقدم أيوب بروح التواضع مع الشكر لله نفسه منارة، مهما كان معدنها، وأيا كان شكلها، فإن سرّ قوتها في النور الذي يُوضع على القمة لكي تهتدي به السفن على بعد أميالٍ كثيرة. يعترف أيوب أنه وإن كان منارة، فإن النور الذي على رأسه، هو نور الله، وليس نوره هو. إنه سراج الرب، النور الحقيقي. يرى داود النبي في كلمة الله "سراجًا لرجله" (مز 119: 5: 1) يضيء له، فيسير وسط ظلمة هذا العالم، أما أيوب فيرى في كلمة الله نورًا إلهيًا مثبتًا كما على رأسه ليقود سفنًا كثيرة نحو الميناء! يليق بالمؤمن أن ينحني أمام الله ليملأ حياته بعمل روحه القدوس واهب الاستنارة، فيترنم قائلًا: "بنورك نرى نورًا" (مز 26: 9). لم يقل "أعاين"، بل "نعاين"، فإذ يستنير المؤمن يجتذب الكثيرين معه للتمتع بالنور الإلهي. *عندما شرح أيوب صلاح أعماله، أضاف:"عندما أضاء السراج على رأسي" (أي 29: 3). هذا السراج الذي يُضاء بزيت الأعمال الصالحة لكل واحدٍ منا. لكننا إن مارسنا شرًا، وصارت أعمالنا شريرة، ليس فقط لا نضيء، بل ونطفئ ذاك السراج الذي لنا، ويتحقق قول الكتاب: "من يصنع الشر يسلك في الظلمة، ومن يبغض أخاه فهو في الظلمة" (راجع 1 يو 2: 11). ألا يظهر لكم من يطفئ نور المحبة أنه أطفأ السراج؟ أما من يحب أخاه (راجع 1 يو 4: 21)، فيثبت في نور الحب، ويمكنه في يقينٍ أن يقول: "وأما أنا فشجرة زيتون مثمرة في بيت الله" (مز 25: 8)، "بنوه مثل غروس الزيتون حول مائدته" (مز 128: 3). العلامة أوريجينوس البابا غريغوريوس (الكبير) لقد وضع الله الأسفار المقدسة في العالم كسراج نورٍ يضيء ظلمته. فالذي يحبّ نفسه يستنير بالقراءة، ويسير على هداها. اقترب من الكتاب بحبٍ، تأمل جماله. فإنك لن تستفيد بدون الحب، لأن الحب هو مدخل الفهم. يفرض الكتاب حبَّك، فإن كنت لا تحبه فلا تقرأه. إنه يكلمك، فإن ضجرت من قراءته حرمك من إيماءاته. يجب أن تحبَّه وتفتحه وتقرأه وتتأمل جماله، وإلا فلا تقرأه، لأنك إن كنت لا تحبَّه لن تستفيد منه. القديس مار يعقوب السروجي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|