|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الله صاحب السلطان وواهب السلام في السماء فَأَجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ: [1] السُّلْطَانُ وَالْهَيْبَةُ عِنْدَهُ. ما نطق به بلدد حقيقة لائقة بالله وبنا، وهي أنه يليق بنا أن نتصاغر جدًا أمام الله السامي المهوب، وأن البعد شاسع بينه وبيننا، وإنما أخطأ بلدد في تطبيق ذلك على أيوب، إذ لم يحمل له روح الحب. الله كخالق السماء والأرض، خالق الكل، وواهب الحياة، له الحق المطلق في وضع النواميس وتدبير الكون بسلطانٍ مطلقٍ. وكما قال نبوخذنصر عندما رجع إلى عقله وبارك العلي: "سلطانه سلطان أبدي، وملكوته إلى دور فدور، وحسبت جميع سكان الأرض كلا شيءٍ، وهو يفعل كما يشاء في جند السماء وسكان الأرض، ولا يوجد من يمنع يده، أو يقول له ماذا تفعل" (دا 4: 34- 35). مع الدالة العظيمة التي كانت لدى رجال الله نحوه كانوا يعترفون أنه الإله العظيم الجبار المهوب والمخوف. "يحمدون اسمك العظيم والمهوب قدوس هو" (مز 99: 3). "وصليت إلى الرب الهي واعترفت وقلت: أيها الرب الإله العظيم المهوب حافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه" (دا 9: 4). "وقلت: أيها الرب إله السماء الإله العظيم المخوف الحافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه" (نح 1: 5). "والآن يا إلهنا الإله العظيم الجبار المخوف حافظ العهد والرحمة لا تصغر لديك كل المشقات التي إصابتنا نحن وملوكنا ورؤساءنا وكهنتنا وأنبياءنا وآباءنا وكل شعبك من أيام ملوك أشور إلى هذا اليوم" (نح 9: 32). إذ يعلق القديس أغسطينوس على المزمور 99 الذي يتحدث عن الله الجالس على الكاروبيم، المهوب الذي ترتعد أمامه الشعوب وتتزلزل الأرض، يراه جالسًا على النفس البشرية متربعًا كما على عرشه المقدس. * الشاروبيم هو كرسي الله، كما يُظهر لنا الكتاب المقدس، عرش سامٍ سماوي لا نراه، لكن كلمة الله يعرفه؛ يعرفه بكونه كرسيه... الله لا يجلس كما يجلس الإنسان. لكنك إن أردت أن يجلس الله فيك، فإنك إن صرت صالحًا تصير كرسيًا لله... نفس البار كرسي الحكمة. فإن العرش في لغتنا يُسمَّى كرسيًا... لأن الله يسمو فوق كل معرفة يُقال عنه إنه يجلس على كمال المعرفة. ليكن فيك كمال المعرفة، فتصير عرش الله... وإذ يكون لك كمال المعرفة وتكون لك المحبة تصير عرش الله، وتصبح سماءً. فإن السماء التي نتطلع إليها بأعيننا هذه ليست ثمينة جدًا لدى الله. النفوس المقدسة هي سماء الله، عقول الملائكة، وكل عقول خدامه هي سماء الله. القديس أغسطينوس هُوَ صَانِعُ السَّلاَمِ فِي أَعَالِيهِ [2]. إن كان البشر في عنادهم أو شرهم يقاومون الله، إنما يقاومون أنفسهم، إذ يفقدون سلام الله الفائق، أما السمائيون فيتمتعون بسلامه في الأعالي، إذ يحبونه ويخضعون له، ويطيعونه طاعة كاملة. يحملون الحب الإلهي ويتمثلون بتواضعه، فلا يتشامخون على بعضهم البعض، ولا يحسدون ولا يتنازعون ولا يتذمرون. إنها عطية الله الفائقة لهم كمحبين له أن يعيشوا في سلامٍ عجيبٍ. أما بالنسبة لسكان الأرض، فيحتاجون إلى الطاعة لله، فيتمتعون بعمله كواهب السلام، وكما يقول المرتل: "يهدي العاصفة فتسكن، وتسكت أمواجها" (مز 107: 29؛ 65: 7). يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن الله كخالق كل الأشياء يملك عليهم وله سلطان، يرعب قلوب الخليقة القابلة للموت. على الأرض ينقص الخليقة السلام، بل يحلَ بهم الارتباك والقلق، أما في الأعالي، أو في العالم السماوي، فيوٌحد الله المختارين مع طغمات الملائكة، ويكون الكل في سلامٍ. بالرب نتحول من ترابٍ أرضي إلى سماوات، ونُحسب أعاليه، حيث يسكن فينا، ويقيم سلامنا فينا. وكما يقول الرسول: "لأنه هو سلامنا، الذي جعل الاثنين واحدًا ونقض حائط السياج المتوسط" (أف 2: 14). * مادام المسيح ابن الله هو السلام، فقد جاء ليجمع معًا من له، ويعزلهم عن الأشرار. القديس أغسطينوس القديس يوحنا الذهبي الفم مبارك الآتي باسم الرب: الحق ضد الكذاب، المخلص ضد المهلك، رئيس السلام ضد مثير الحروب. محب البشر ضد مبغض البشرية. مبارك الآتي باسم الرب، الرب القادم ليرحم الخليقة صُنع يديه. مبارك الآتي باسم الرب، الرب القادم ليخلص الإنسان الذي ضل في الخطأ، لينزع عنه الخطأ، ويهب نورًا لمن هم في الظلمة، ويبطل خداع الأوثان، ويحل محله معرفة الله واهبة الخلاص، حتى يقدس العالم. ينزع الرجاسات والشقاء التي لعبادة الآلهة الباطلة. الأب ميثوديوس حين يتقدس الشعب ينسب الرب الشعب وأعياده له، فيدعى "شعب الله"، "سبوتي" الخ، وحين يتمرد يدعوه "الشعب"، "أعيادكم"، "سبوتكم" إلخ. هَلْ مِنْ عَدَدٍ لِجُنُودِهِ، وَعَلَى مَنْ لاَ يُشْرِقُ نُورُهُ؟ [3] ما يحل في أعالي الرب أو سماواته من سلام، ليس لأن عدد السمائيين قليل فيمكن الوصول إلى اتفاقٍ وانسجامٍ بينهم، لأنه "هل من عدد لجنوده؟" إنما سرّ سلامهم في الرب أنه يشرق بنوره على جميعهم. إن كان نور الشمس يبلغ إلى الأرض كلها، فإن نور الله يسطع على كل السمائيين "وعلى من لا يشرق بنوره؟" هكذا الذي يشرق بنوره على كل السمائيين يشرق شمسه على الأشرار والصالحين (مت 5: 45)، لعل الكل يطلب نور نعمته الفائقة فيستنيروا، ويحملوا برَّه وسلامه! إنه لا يخفي نوره عن أحدٍ، ولا يبخل بمعرفته على خليقته، لكنه لا يُلزم أحدًا بقبول نعمته. يدعونا السيد المسيح أن نكون أبناء الله، إذ يقول: لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين (مت 5: 45). إنه يريد أن يكون الكل أبناء النور. "لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح (2 كو 4: 6). * "لأنكم كنتم قبلًا ظلمة، وأما الآن فنور في الرب" (أف 5: 8). لم يقل "بفضيلتكم"، وإنما بنعمة الله العاملة فيكم. بمعنى أنكم كنتم تستحقون العقوبات، والآن لم تعودوا بعد هكذا. لذا فلتسلكوا كأبناء النور... في كل صلاحٍ. القديس يوحنا الذهبي الفم القديس أغسطينوس القديس باسيليوس الكبير |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أفرح وإبتهج برئيس السلام وصاحب السلطان |
أن الله، وهو صاحب السلطان الأعلى |
أيوب | الله صاحب السلطان على الإنسان |
أيوب | الله سرّ إبداع السماء |
الله صاحب السلطان |