في إنجيل متَّى الإصحاح الرَّابِع والآيات من 1 إلى 10 نَقرَأ عن حادِثة تَصَرَّفَ فيها الشَّخص المُمتَحَن بِعَكس ما هو مُتَوَقَّع مِنَ البَشَر عادَةً، على الرُّغم مِن أنَّهُ كانَ مَحروماً مِن كُل ما كانَ لِآدَم في الجَنَّة، فَجَنَّة عَدَن لَم تَكُن مُتاحة لَهُ أصلاً.
وذلك كان في صَحراء اليَهودِيَّة، بَينَ الرِّمال والصُّخور، وسطَ لَهيب الشَّمس الحارِقة، والهِضاب الرَّملِيَّة الكَئيبة، حَيثُ يَتوق الإنسان لِقَطرة ماء وتَتوق الأرض القاحِلَة لِلخُصوبة.
لَيسَت الطَّبيعة فقَط ما يُصَعِّب المَهَمَّة على البَشَر هُناك، بَل تَتَّسِم الحَياة بَعدَ خُروج البَشَر مِن جَنَّة عَدَن بِضَعف الجَسَد والرُّوح بِسَبَب لَعنَة الإنفِصال عن الله.
أن تُراهِن على نَجاح الإنسان بِالإمتِحان في تِلكَ المِنطَقة فذلِكَ قَضِيَّة خاسِرة، فَمَن فَشِلَ في جَنَّة عَدَن كَيفَ لَهُ أن يَنجَح في الصَّحراء القاحِلة. في هذهِ الظُّروف امتُحِنَ يسوع، والأصعَب مِن ذلِك أنَّهُ كانَ صائِماً لِأربَعينَ يوماً، كانَ خائِراً مِنَ الجُوع، مُرهَقاً مِنَ التَّعَب، ولم يُمتَحَن لِمَرَّة واحِدة أو لِمَرَّتَين فقَط، بَل امتُحِنَ لِثَلاث مرَّات وفي جَميعِها انتَصَرَ. في حين سَقَطَ آدَم الأوَّل أمام الشَّهوة وإغواء إبليس، نَجَحَ آدَم الثَّاني أي يسوع المَسيح فيهِما.
صَحيحٌ أنَّ يسوع لُقِّبَ بِآدَم الثَّاني الذي جَلَبَ الخَلاص لِبَني البَشَر في حين أنَّ آدَم الأوَّل جَلَبَ المَوت واللَّعنَة على البَشَرِيَّة، لكِن نَجاح يسوع بالإمتِحان في الصَّحراء لم يَكُن لِمُجَرَّد كَونِهِ إنسان فقَط، فيسوع المسيح كانَ إنساناً وأعظَم، نَبِيّاً وأعظَم، وهو كَلِمَة الله الأزَلي الذي تَجَلّى لنا في جَسَد بَشَري لِيَصنَع ما عَجِزنا نَحنُ عَن صُنعِهِ، ولِيُتَمِّم مُتَطَلَّبات ناموس الله التي فَشِلنا في تَتميمِها، وبذلك يَكون المُمَثِّل الوَحيد عن البَشَرِيَّة في النَّجاح أمامَ الإمتِحانات والتجارب لِيُعطي الصَّلاح والبِر والحَياة الأبَدِيَّة لِكُل مَن يؤمِن بِهِ.
“… فَإِذَا كَانَ الْكَثِيرُونَ بِمَعْصِيَةِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ قَدْ مَاتُوا، فَكَمْ بِالأَحْرَى فِي الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ تَتَوَافَرُ لِلْكَثِيرِينَ نِعْمَةُ اللهِ وَالْعَطِيَّةُ الْمَجَّانِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ.”
رسالة بولُس الرَّسول إلى أهل روما 15:5