اقْبَلِ الشَّرِيعَةَ مِنْ فَمِهِ، وَضَعْ كَلاَمَهُ فِي قَلْبِكَ [22].
من يدخل في سلام مع الله يستعذب الوصية الإلهية الصادرة كما من فمه الإلهي إلى قلبه مباشرة، ففي عذوبة ومسرة يصرخ الإنسان: "يا رب ماذا تريد أن أفعل؟" (أع 9: 6).
حين نسمع الوصية من فم خادم الله أو نقرأها في الكتاب المقدس أو من فم صديق أو من كتاب، نشعر بحق بالعلاقة الشخصية مع الله، كأنه يحدثنا مباشرة. نسمع صوته الإلهي في داخلنا، وتتجاوب أعماقنا مع محبته، فإنه ليس من موضع لائق بالكلمة الإلهية مثل القلب، لأنه خزانة الحب وهيكل الروح القدس.
يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن ما نطق به أليفاز، وإن كان يمثل مشورة صادقة، لكن الخطأ فيما قاله أنه ظن في نفسه أنه بار، أبر من أيوب الشرير -كما كان يظن- فأخذ موقف المعلم والحكيم والقائد المتكبر. إنه يمثل الهراطقة الذين في كل العصور يستخفُّون بكنيسة الله ويتهمونها بالجهالة مع الشر، ويريدون أن يقدموا لها تعاليم بكونهم معلمين أبرارًا وأصحاب فهم ومعرفة وحاملين للبرّ!
*توجد خطية أن يُعلم الإنسان شخصًا أفضل منه، الجريمة التي كثيرًا ما يرتكبها الهراطقة فيعلمون، وهم لديهم مفاهيم خاطئة... هذا أيضًا ينطبق على مثل هؤلاء الأشخاص، إذ يضيف: "أسألك أن تقبل الشريعة من فمه"، إذ يتوهمون أن ما يفكرون فيه من أذهانهم يصدر عن فم الله.