|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نجاح الأشرار مؤقت أَمَا عَلِمْتَ هَذَا مِنَ الْقَدِيمِ، مُنْذُ وُضِعَ الإِنْسَانُ عَلَى الأَرْضِ: [4] لجأ صوفر إلى معرفة أيوب نفسه قبل حلول التجارب عليه، حاسبًا أنها تطابق ما يقولونه له، بينما الآن يعترض عليه ويرفضه. إنه مبدأ ثابت كان يردده أيوب نفسه قبلًا، وقد جاءت خبرات الأجيال تؤكده منذ القديم. هذه الحقيقة المنقوشة في فكر كل إنسانٍ منذ بدء الخليقة: إن شر الأشرار يهلكهم. * "أما علمت هذه الأمور من القديم، منذ وُضع الإنسان على الأرض؟" بقوله بهذه الكيفية سبّ صوفر أيوب، حاسبًا إياه جاهلًا بهذه الحقيقة (أو يتجاهلها)، مع أن أيوب أعلنها على وجه الخصوص في عبارته التالية. الأب هيسيخيوس الأورشليمي البابا غريغوريوس (الكبير) ليس لنا اختيار إلا بين أمرين لا ثالث لهما، إما أن تكون أعماقنا جنة إلهية تحمل ثمر الروح القدس الذي يفرح قلب الله أو ملهى لعدو الخير كي يربض فيه ويقيم. إما أن تكون قلوبنا هيكلا يسكنه الروح القدس، أو مسرحا يمارس فيه عدو الخير شروره! * "لتقلع وتهدم" (إر 1: 10). يوجد بناء من الشيطان ويوجد بناء من الله. البناء الذي"علي الرمل" هو من الشيطان، لأنه غير مؤسس على شيء صلب ثابت، أما البناء الذي "علي الصخر" فهو من الله. أنظر ماذا يُقال للمؤمنين: "أنتم فلاحة الله، بناء الله" (1 كو 3: 9). إذًا يوجه كلام الله "علي الشعوب وعلى الممالك ليقلع ويهدم، ليهلك وينقض". إذا قلعنا ولم نقم بإهلاك الشيء المقلوع، فإن هذا الشيء يبقى؛ وإذا هدمنا ولكن بدون أن نُزيل حجارة الأساس، فإن ما تهدم يظل باقيًا. فمن مظاهر صلاح الله وحبه أنه بعدما يقلع يهلك، وبعدما يهدم يبيد ما قد هُدم. أما فيما يختص بالأشياء المقتلعة والمهلكة، فاقرأ بعناية كيف يتم إهلاكها: "احرقوا القش بنار لا تُطفأ، واجمعوا الزوان حرقًا والقوها في النار". هذه هي طريقة الإبادة والإهلاك بعد القلع؛ أتريد أن ترى أيضًا الهلاك الذي يحدث للأبنية الفاسدة بعد هدمها؟ فإن ذلك البيت الذي كان يهدم بسبب البَرص يتحول إلى تراب، ثم يُؤخذ هذا التراب ويُلقي خارج المدينة (لا 14: 41)، حتى لا يبقي حجر واحد، كما في العبارة: "سوف أبيدهم كما وَحل الشوارع" أو(سوف أساويهم بالأرض). يجب ألا تبقي الأشياء الفاسدة مطلقًا؛ إنما يتم إهلاكها لتجنب استخدام بقاياها في بناء أبنية جديدة يعملها الشيطان، كما أنه يتم اقتلاع الأشياء الفاسدة حتى لا يجد الشيطان فيها بذورًا أخرى يزرعها من جديد، لذلك يتم إهلاكها حتى لا تُوجد فرصة للشيطان لكي يزرع الزوان مع الحنطة... لذا فإن أول شيء هو أن نستأصل ونقلع كل ما هو شرير من نفوسنا؛ فإن الله لا يستطيع أن يبني حيث توجد مبانٍ فاسدة وشريرة. "لأنه أية شركة للحق مع الباطل؟ أية شركة للنور مع الظلمة؟" يجب أن يُقتلع الشر من أساسه. يجب أن يُهدم بناء الشرير تمامًا من نفوسنا، حتى تقوم كلمات الله بعمل البناء والغرس فينا. لأنه لا يمكنني أن أفهم تلك العبارة بطريقة أخرى: "ها قد جعلت كلامي في فمك" لماذا؟ "لتقلع وتهدم وتهلك". نعم إنها كلمات تقلع شعوبًا. كلمات لهدم ممالك، ولكن ليست الممالك المادية التي في هذا العالم، وإنما يجب عليك أن تفهم بطريقة سامية المقصود بالكلمات التي تقلع والكلمات التي تهدم. وعند ذلك تُمنح قوة من الله كما هو مكتوب: "الرب يعطي كلمة للمبشرين بعظم قوة"، قوة تقلع ما تصادفه من عدم الإيمان (الرياء) أو الرذيلة. قوة تهلك وتهدم إذا ما تواجدت أوثان مُقامة في داخل القلب، حتى إذا ما هُدم الوثن يُقام مكانه هيكل للرب، في هذا الهيكل يتراءى مجد الله ويظهر، ولا يعود ينبت زوان، وإنما فردوس لله في هيكل الله، في المسيح يسوع، الذي له المجد الدائم إلى أبد الآباد. آمين . العلامة أوريجينوس نجاح الأشرار سريع ومؤقت، أما الأبرار فنجاحهم خفي، إذ تحوط بهم التجارب لكي تتلألأ أكاليلهم بالأكثر، ويصيروا كواكب منيرة ترافق شمس البرّ في السماء عينها. إَنَّ هُتَافَ الأَشْرَارِ مِنْ قَرِيبٍ، وَفَرَحَ الْفَاجِرِ إِلَى لَحْظَةٍ! [5] هتاف الأشرارلن يدوم. يهللون لكن إلى لحظات، فيتحول هتافهم إلى نوحٍ وعويلٍ. قد ينجح الأشرار ويشعرون بالطمأنينة وتراهم ظافرين فرحين، مفتخرين بثروتهم وسلطانهم وعظمتهم ونجاحهم، لكن هذا كله إلى حين، سرعان ما يزول في هذا العالم. هذا المبدأ سليم، لكن لله أحكامه وتدابيره تختلف مع كل شخصٍ حسبما يكون لبنيانه. هذا ومن جانب آخر لم يكن صوفر نقي الفكر، ولا دافع عن مبدأ لاهوتي معين، إنما غالبًا كل ما كان يعنيه تأكيد شر أيوب. * "مرح الأشرار هو علامة السقوط، وفرح الفاجر هو دمار!" [5 LXX]. يتحدث صوفر في هذه العبارة بوقاحة، إذ يسب أيوب بشدة، ويفتري عليه كما فعل صديقاه الآخران. لقد شوَّه سمعته للسبب التالي: إنه من البدء، منذ وجود الجنس البشري وُجد فرح ومرح لسقوط الأشرار، ودمار للفاجرين، من بينهم أيوب كما رأى صوفر. الأب هيسيخيوس الأورشليمي * "حتى متى تنوح الأرض، وييبس عشب كل الحقل، من شر الساكنين فيها؟" (إر 12: 4) يتحدث النبي هنا كما لو كانت الأرض كائنًا حيًا، حيث يقول إنها تنوح من شر الذين يمشون فوقها. الأرض بالنسبة لكل واحدٍ منا تكون إما نائحة بسبب شرنا، وإما متهللة بسبب فضائلنا. وما يُقال بالنسبة للأرض يُقال بلا شك بالنسبة لكل الأشياء. فبالمثل يمكنني أن أقول: إن الملاك المسئول عن الماء (كمثالٍ) يتهلل أو ينوح؛ فيجب علينا أن نعرف أنه حتى يتم تنظيم وإدارة الكون كله، يوجد ملاك مسئول عن الأرض، وآخر مسئول عن الماء، وآخر عن الهواء وآخر عن النار. ارتفع بعقلك لتتأمل النظام السائد عند الحيوانات والنباتات والكواكب السمائية؛ فإنه يوجد ملاك مسئول حتى عن الشمس، وآخر مسئول عن القمر، وآخرون عن النجوم. كل هؤلاء الملائكة الذين يرافقوننا طوال حياتنا على الأرض، إما أنهم يفرحون لنا أو ينوحون علينا عندما نخطئ. يقول إرميا إن الأرض تنوح بسبب الساكنين فيها: ويقصد بكلمة "أرض" أي الملاك الساكن فيها، فإنه أيضًا قيل: "أما الخشب المصنوع صنمًا فملعون هو وصانعه" (حك 14: 8)، ليس أن اللعنة تقع على الشيء الجامد نفسه، وإنما يقصد بكلمة "صنم" أي الشيطان الساكن فيه، والذي يتخذ من "الصنم" اسمًا له. وبنفس الطريقة أستطيع أن أقول إن "الأرض" يقصد بها الملاك المسئول عن الأرض، و"الماء" الملاك المسئول عن الماء، والذي كُتب عنه: "أبصَرَتَك المياه يا الله أبصرتك المياه ففزعت. ارتعدت أيضًا اللجج. سكبت الغيوم مياهًا أعطت السحب صوتًا. أيضًا سهامك طارت" (مز 77: 17-18). * يجب عليك أيها الخاطئ أن تذوق هذه المرارة الشديدة الآن التي يوقعها الله بك، حتى ترتد عن طريقك فتخلص . العلامة أوريجينوس وَلَوْ بَلَغَ السَّمَاوَاتِ طُولُهُ، وَمَسَّ رَأْسُهُ السَّحَابَ [6] افترض صوفر أن نجاح الشرير قد بلغ من العلو ما لم يتصوره إنسان، يرتفع حتى إلى السماء. وإن نما حتى بدا كأن رأسه تمس السحاب، هكذا يكون ارتفاعه وتشامخه فلا يفكر أحد أن يقترب إليه بشرٍ أو يتخذ معه موقف مقاومة. * إن ارتكبت خطية، فإن خصمك هو كلمة الله... إنها عدو إرادتك إلى أن تصير الكلمة هي أمان خلاصك. يا له من عدو مخلص ومعين! القديس أغسطينوس كَجُلَّتِهِ إِلَى الأَبَدِ يَبِيدُ. الَّذِينَ رَأُوهُ يَقُولُونَ: أَيْنَ هُوَ؟ [7] هذا الذي يبلغ كل هذه العظمة يبيد مثل جلته (برازه أو روثه). الذين كانوا في دهشة من عظمته التي لا يُمكن وصفها يتطلعون إليه، وإذا به غير موجود، لقد هلك تمامًا! كل ما تبقى رائحته التي لا تُطاق ولا تُحتمل. * قيل عن كبرياء المرائي أنه يصعده إلى السماء، حيث فكره المتشامخ يبدو كمن يقوده إلى الحياة السماوية. وكأن رأسه قد بلغ إلى السحاب، عندما يُظن أن العضو القائد، عقله المفكر، مساوٍ لاستحقاقات القديسين الذين سبقوه. لكنه "يبيد أخيرًا مثل المزبلة"، لأنه عند موته، حيث يُقاد إلى العذابات. إذ يكون مملوءً من روث العادات الشريرة يسقط تحت أقدام الأرواح الشريرة. فإن مباهج الحياة الحاضرة التي يظنها الأشرار صلاحًا عظيمًا يتطلع إليها الأبرار كروثٍ. لذلك مكتوب: "الإنسان الكسلان يُرجم بروث الثيران" (ابن سيراخ 22: 2). فمن لا يتبع الله يصير خاملًا في حب الحياة الأبدية... "الذين رأوه يقولون: أين هو؟" [7]. هذا يحدث عادة حين تُكشف حياة المرائي بواسطة كل البشر في النهاية، لتكون موضع دينونة أبدية... الذين رأوه يعمل في أيامهم سيقولون عنه عند موته: أين هو؟ فإنه لم يعد يُرى هنا، حيث كان منطلقًا في وسع، ولا هو بموجود في الراحة الأبدية حيث كان متوقعًا... البابا غريغوريوس (الكبير) * هؤلاء ينتعشون في سعادة هذا العالم، ويهلكون في قوة الله. ليس فيما هم ينتعشون يهلكون بذات الأمر؛ لأنهم ينتعشون إلى حين ويهلكون أبديًا. ينتعشون في خيرات غير حقيقية، ويهلكون في عذابات حقيقية. القديس أغسطينوس كَالْحُلْمِ يَطِيرُ فَلاَ يُوجَدُ، وَيُطْرَدُ كَطَيْفِ اللَّيْلِ [8]. يعبر بكل ما بلغه من عظمة وغنى وكرامة، فإذا به كحلمٍ يبحث عنه الإنسان عند يقظته فلا يجد أثرًا له، يصير أشبه بطيفٍ عبر، ولا وجود له! *هكذا يا اخوتي هي حياتنا، نحن الذين نعيش حياة زمنية. هكذا هي اللعبة التي نمارسها على الأرض. جئنا إلى الوجود من العدم، وبعد وجودنا ننحل. إننا أحلام لا جوهر لها، رؤى غير مُدركة، كطائرٍ عابرٍ يطير، وكسفينةٍ لا تترك أثرًا على البحر (الحكمة 5: 10-11)، نحن ذرة تراب، بخار، ندى الصباح، زهرة تنمو في لحظةٍ وفي لحظةٍ تذبل. أيام الإنسان مثل عشبٍ وزهرة حقل هكذا ينتعش (مز 15:103). حسنًا داود المُلهم بالروح ناقش ضعفنا، وقال: "لأعرف قصر أيامي"، وعرف أيام الإنسان أنها في طول الشبر (أي 39: 4-5) . القديس غريغوريوس النزينزي الأب هيسيخيوس الأورشليمي غالبًا في "طيف الليل" يندهش بعض الفقراء إذ يصيرون أغنياء، يرون الكرامات تنهال عليهم، يرون أكوامًا من الغنى، وجموعًا من الحاضرين، ثيابًا غاية في الجمال، وفيضًا من الطعام يُقدم لهم... لكن فجأة إذ يستيقظون يجدون بطلان كل البهجة التي كانوا يشعرون بها، ويحزنون أنهم استيقظوا، حيث تنتزعهم الحاجة الحقيقية ليستيقظوا. هكذا بالنسبة لأذهان المرائين ما يفعلونه شيء، وما يظهرون به أمام الناس شيء آخر... وبينما يُمدحون من الناس في مبالغة يظنون أن ما يبتهجون به يجعلهم مشهورين لدى الخلائق زملائهم. البابا غريغوريوس (الكبير) القديس أمبروسيوس عَيْنٌ أَبْصَرَتْهُ لاَ تَعُودُ تَرَاهُ، وَمَكَانُهُ لَنْ يَرَاهُ بَعْدُ [9]. الذين رأوه كشخصيةٍ بارزة جدًا، ناجحة وغنية وصاحبة سلطان، لم يعودوا بعد ينظرونه. يبحثون عنه حيث كان، فإذا بالموضع خالٍ منه تمامًا. * بالرغم من أن صوفر يقول هذا بخصوص كل الأشرار دون الإشارة إلى أحدٍ، إلا أنه من الواضح أنه يشير بكل كلماته إلى أيوب. لأن "عين" أصدقائه الآخرين ومعارفه تركته في استخفاف، وإن كانت (عيونهم) قد سبقت ورأت كل ما كان في البداية، حتى عندما يستعيدون النظر إليه. "ومكانه" يعني هؤلاء الذين كانوا في الأصل معه في "مكانه"، ومن وطنه، لا يعودون يتعرفون عليه. إذ يرون مدى أحزانه الممتدة ويُصعقون. الأب هيسيخيوس الأورشليمي البابا غريغوريوس (الكبير) * (عن قورح وداثان وأبيرام) لقد فصلوا أنفُسهم عن الجماعة المقدسة. لقد ابتلعتهم الأرض وهم أحياء، كرمز منظور للعقوبة غير المنظورة. القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نجاح الأشرار يبدو عظيمًا لكنه مؤقت وزائل |
إنَّ نجاح الأشرار هو نجاح مُخادِع |
بينما كان أيوب يتحدث عن كل الأشرار فجأة حول كلماته إلى رئيس كل الأشرار |
نجاح الأشرار |
إن نجاح الأشرار |