![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خروج – الأصحاح الرابع
موسى يلتقى بشعبه بعدما التقى موسى بالله خلال العليقة الملتهبة نارا كان لابد لموسى النبى أن يترك مديان ليلتقى بهرون أخيه وبشعبه فى مصر : ( 1 ) معجزات ثلاث لشعبه كما ظهر الله لموسى خلال العليقة المتقدة نارا يعلن له سر الخلاص خلال التجسد الإلهى والميلاد البتولى والألم ، كان لابد أن يمنح موسى إمكانية تقديم بعض المعجزات التى تحمل ظلا لهذا السر أى الخلاص ، خلال التجسد الإلهى والصليب . لقد وهبه ثلاث معجزات يمارسها أمام شعبه ، ليس لمجد إظهار قوة فائقة للطبيعة ، وإنما تعلن عمل الله الفائق نحو الإنسان . هذه المعجزات هى : تحويل العصا إلى حية ، وجعل يده اليمنى برصاء ، تحويل الماء إلى دم . أولا : تحويل العصا إلى حية سأل الله موسى : ما هذه فى يدك ؟ فقال " عصا " ع 2 ألم يعلم الله ما بيد موسى ، فلماذا سأله هكذا ؟ ... حتى يتذكر أنها كانت عصا قبل أن تتحول إلى حية ! هذه هى طريقة الله فى تعامله معنا كأن يسأل عن لعازر : قائلا " أين وضعتموه ؟ " يو 11 : 34 ، حتى متى أقامه يشهد اليهود أنفسهم أنه أقامه من القبر . لقد أمر الرب موسى أن يلقى عصاه ، التى دعيت فيما بعد عصا الله ( ع 20 ) على الأرض فتصير حية تبتلع كل حيات المصريين . الله الكلمة هو عصا الله وقوته الذى نزل على الأرض من أجلنا ، هذا الذى لم يعرف خطية صار خطية لأجلنا ( 2 كو 5 : 21 ) لكى يقتل كل خطايانا ، أى حملت المعجزة ظلالا لسرى التجسد والصليب . ينطبق هذا الرمز بحق على الرب ، لأنه إن كانت الخطية هى حية ، والرب صار خطية ، إذن النتيجة المنطقية واضحة للجميع . بكونه صار خطية صار أيضا حية هذه التى ليست إلا أنها خطية . من أجلنا صار حية لكى يلتهم حيات المصريين التى أوجدها السحرة ويقتلها . هروب موسى من الحية وخوفه منها ، يمثل هروب التلاميذ من السيد المسيح ، عندما مات على الصليب . فالأنسان يخاف ويرتعب عندما يدرك قوة العمل الإلهى . أخيرا ، فإن عودة الحية إلى عصا مرة أخرى إنما تشير إلى السيد المسيح الصاعد إلى السموات ، إلى أمجاده بعدما مزق الصك الذى كان علينا ، ليقيمنا معه ويجلسنا معه فى السمويات ، شركاء معه فى المجد ، نستقر فى حضن أبيه ببره . ثانيا : يده اليمنى برصاء : إن يد الله الآب اليمنى أو يمين الآب إنما هو الأبن الجالس عن يمينه ، أى قوة الآب ، هذا الذى فى حضنه ، لقد نزل إلينا حاملا خطايانا ( البرص يشير إلى الخطية ) ليغسلنا ويقدسنا ثم يعود بنا إلى حضن أبيه أصحاء بلا خطية ، وكأن هذه الآية إنما تؤكد الآية السابقة . ويرى القديس أغسطينوس فى قول المرتل " لماذا ترد يدك ويمينك ؟ اخرجها من وسط حضنك . إفن ، والله ملكى منذ القدم فاعل الخلاص فى وسط الأرض " مز 74 ، يرى أنها صرخات موجهة لله الآب حيث يطلب أن يرسل إبنه الوحيد " يمينه " الذى فى وسط حضنه ، ليفن الشر مقدما الخلاص فى وسط كل الأمم . ثالثا : تحويل الماء إلى دم : جاءت هذه المعجزة لتثبيت المعجزتين السابقتين ، فإنه لا خلاص لنا إلا خلال دم السيد المسيح ، الذى يقدس مياة قلبنا الباردة . ( 2 ) أنا ثقيل الفم واللسان : اعتذر موسى النبى عن الخدمة قائلا : " إستمع أيها السيد . لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس ولا من حين كلمت عبدك ، بل أنا ثقيل الفم واللسان . فقال له الرب : من صنع للإنسان فما أو من يصنع أخرس أو أصم أو بصيرا أو أعمى ، أما هو أنا الرب ؟! فالآن إذهب وأنا أكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به " ع 10 – 13 . متى شعر موسى أنه ثقيل الفم واللسان ؟ حين كان فى القصر إبنا للأميرة إبنة فرعون ، يتدرب بكل حكمة المصريين كان يشعر أنه قادر على الكلام ، أما الآن إذ صار فى حضرة الرب نفسه شعر أنه ثقيل الفم واللسان ! بالوقوف أمام الله اكتشف موسى النبى ثقل فمه ولسانه ، إنسحق فى داخله معتذرا عن الخدمة فتأهل بالأكثر لكى يملأ الله فمه ليخدم . وقد تحدث الآباء كثيرا عن اتضاع موسى . لم ينفتح فم موسى وحده ليتكلم الله فيه ؛ وإنما أيضا انفتح فم أخيه هرون ، هذا الذى التقى مع موسى عند جبل الله ( ع 27 ) . وكأن كل من يريد أن ينفتح فمه ويتمتع بكلمات الرب والمعرفة الإلهية يلزمه أن يلتقى بموسى ( الناموس ) روحيا على جبل الله أى داخل الكنيسة المقدسة الإلهية . ( 3 ) هرون كسند لموسى : بالرغم من كل تأكيدات الله لموسى أنه هو الذى يعمل فيه ، وهو ملتزم بإنجاح طريقه ، لكن موسى عاد ليقول : " إستمع أيها السيد . ارسل بيد من ترسل " . حقا ما أتعب القلب البشرى حين يتعب ! لقد حمى غضب الله ( ع 14 ) ، فخسر موسى إنفراده بالرسالة ، وقدم له الله شريكا ، حقا إن الشركة فى الخدمة جميلة ومبهجة فقد أرسل الرب تلاميذه إثنين إثنين ، لكن ما حدث مع موسى كان ثمرة ضعفه وإصراره على الهروب من المسئولية . على أى الأحوال ، حول الله حتى هذا الضعف للخير ، إذ صار هرون سندا لموسى ، ورمزا للملاك الحارس . ( 4 ) ترك مديان : إذ أمر الله موسى أن يرجع إلى مصر ليخرج الشعب قال له : " أنظر جميع العجائب التى جعلتها فى يدك ، واصنعها قدام فرعون . ولكننى اشدد قلبه حتى لا يطلق الشعب " ع 21 هكذا سبق فأعلن الله له الإمكانيات التى وهبه إياها وأيضا بالتجارب التى تحيط به حتى لا يخور فى طريق الجهاد ، هذا ما فعله السيد المسيح معنا ، أكد لنا " ثقوا أنا قد غلبت العالم " يو 16 : 33 ، وفى نفس الوقت قال " ها أنا أرسلكم كحملان فى وسط ذئاب " مت 10 : 16 . ( 5 ) ختان إبن موسى يبدو أن زوجة موسى الغريبة الجنس ، صفورة إبنة يثرون ، خافت على إبنها من الختان ، وقد خضع موسى النبى لرأيها ... هكذا حتى العمالقة فى حياتهم الروحية يتعرضون لضعفات قد تدفع لهلاكهم . كان لزاما على موسى أن ينطلق بزوجته من مديان ليعمل فى كرم الرب ، وكان لزاما عليه أن يختن الإبن ثمرة اتحاده بهذه الزوجة . قابلهم الملاك ، وأرعبهم هذا اللقاء ، لكن زوجته هدأت الملاك بتقديم إبنها طاهرا ، إذ نزعت عنه العلامة الخاصة بالغرباء ( الغرلة ) تماما . ( 6 ) بدء العمل : التقى موسى وهرون أى الوصية الإلهية مع العبادة الورعة الكهنوتية ، وتلاقيا مع جميع الشيوخ ، الذين خضعوا لعمل الله وكلماته ، أما الشعب فإذ سمعوا " خروا وسجدوا " ع 27 . إنها صورة حية لخضوع كل طاقات النفس والجسد للعمل الإلهى خلال قبول كلمة الله والعبادة . حقا ما أحوجنا أن نعمل فى القلب ، كرم الله المقدس ، خلال كلمة الله وبروح تعبدى ليصير القلب كله مقدسا للرب ، خاضعا له ! + + + لقاء مع فرعون إلتقى موسى بالله خلال العليقة ، ثم التقى بهرون فى جبل الله ، وخرج الإثنان إلى جميع الشيوخ وكل الشعب ، والآن لا بد أن يدخلا إلى فرعون نفسه ليلتقيا مع الأسد فى عرينه . ( 1 ) لقاء داخل القصر أ – إذ طلب موسى وهرون من فرعون أن يطلق الشعب ليتعبد له على مسيرة ثلاثة أيام ، أى خلال قوة قيامة الرب ، هاج فرعون قائلا : " من هو الرب حتى اسمع له ؟ لا أعرف الرب " ع 2 . أليس هذا هو ذات الروح الذى نطق به المجمع حين دعى الرسولين بطرس ويوحنا " وأوصوهما أن لا ينطقا البتة ولا يعلما باسم يسوع " أع 4 : 18 . ب – ان حديث فرعون هذا : " لا أعرف الرب " يكشف عن ظلمة الجهل التى يعيش فيها عدو الخير . جـ - يرى العلامة أوريجانوس فى شكوى فرعون أن موسى وهرون يبطلان الشعب ( ع 4 ) هى شكوى عدو الخير فى كل جيل ، إذ يرى الكثيرون أن تكريس الشباب حياتهم للعبادة والخدمة هو مضيعة للطاقة البشرية . ( 2 ) تشديد السخرة بدلا من إطلاق الشعب ليعبد الرب شدد فرعون أوامره ضد الشعب لإذلالهم ، متهما إياهم أنهم متكاسلون . يعلق العلامة أوريجانوس على ذلك قائلا : " حقا قبل أن تعرف الكرازة لا توجد الضيقات والتجارب ، لا تبدأ الحرب قبل أن يبوق بالبوق . لكن ما أن يبوق بوق الكرازة حتى تعطى العلامة للحرب ( الروحية ) وتحل الضيقة " . ( 3 ) تذمر الشعب : إذ تشدد فرعون فى الأمر قال الشعب لموسى وفرعون " ينظر الرب إليكما ويقضى ، لأنكما أنتنتما رائحتنا فى عينى فرعون وفى عيون عبيده حتى تعطيا سيفا فى أيديهم ليقتلوننا " ع 21 إذ دخل الخوف قلب الشعب تحولت كلمة الله فى فمى موسى وهرون التى لها الرائحة الزكية ، رائحة حياة للحياة ، إليهم رائحة موت لموت ( 2 كو 2 : 15 ، 16 .. ) . هذا التذمر ليس علته عنف فرعون وتشديد السخرة ، لكنه طبيعة لازمت هذا الشعب طوال سيرهم فى البرية بالرغم من عناية الله الفائقة لهم ... لذلك يليق بنا فى تذمرنا ألا نلوم الظروف المحيطة بنا بل قلبنا المملوء خوفا وعدم ثقة فى الله المخلص . ( 4 ) تأكيدات الرب لموسى : إذ تذمر الشعب ، صرخ موسى إلى الرب وقال " يا سيد ، لماذا أسأت إلى هذا الشعب ؟ لماذا أرسلتنى ؟ فإنه منذ دخلت إلى فرعون لأتكلم باسمك أساء إلى هذا الشعب ، وأنت لم تخلص شعبك " ( 5 : 32 ، 33 ) . ما أجمل أن يدخل الخادم مع الله فى عتاب حين يشعر كأن خدمته قد فشلت ، مقدما لله حسابات عمله ؟! تقبل الله هذا العتاب واستجاب لمرارة قلب خادمه . إن كان فرعون قد أعلن جهله بالله قائلا " لا أعرف الرب " ( 5 : 2 ) فإن تأكيدات الله المتكررة لموسى هى " أنا الرب " ( 6 : 2 ، 7 ، 8 ، 28 ) . هو الرب الذى عمل فى الآباء قديما إذ ظهر لإبراهيم وإسحق ويعقوب ( 6 : 3 ) ، ويعمل فى الحاضر إذ يسمع أنات شعبه ويخرجهم من تحت الثقل ويحررهم من العبودية ( 6 : 5 ، 6 ) ، ويدبر لهم المستقبل فيدخلهم إلى الأرض التى وعد بها ( 6 : 9 ). ( 5) رؤساء بيت آبائهم : بعد أن أكد الرب لموسى أنه يحرر الشعب من العبودية ، ذكر الكتاب أسماء بيت آبائهم .. وكأن الرب يريد أن يؤكد أنه ليس فقط يهتم بالشعب كجماعة ، لكنه يهتم بكل واحد فيهم بإسمه . علاقة الله مع شعبه دائما على المستور الحماعى والشخصى فى نفس الوقت ، فى رعايته لهم كجسد السيد المسيح الواحد المقدس ، شعرة واحدة من رأس الجماعة لا تسقط بدون إذنه ! لقد وجد بعض الآباء معان كثيرة لهذه الأسماء ، نذكر على سبيل المثال ما رآه العلامة أوريجانوس فى أسماء بنى قورح : أسير وألقانة وأبيأساف ( 6 : 24 ) ، هؤلاء الذين نظموا صلاة تسبحة جميلة بروح واحد منسجم ، جاءت مقدمتها : " كما يشتاق الإيل إلى جداول المياة هكذا تشتاق نفسى إليك يا الله " مز 42 . أما سر انسجامهم معا فى الصلاة والتسبيح فهو أن أسير يعنى " تعليم " وألقانة تعنى " ملكية الله " وأبيأساف فى رأيه ترجع لليونانية وتعنى مجمع الأب ، وكأنه إذ تكون النفس كقورح ويكون لها هؤلاء الأبناء معا : حب التعليم المستمر ، والشعور بالتكريس لله أى فى ملكيته ، والأرتباط بروح الجماعة الواحدة ، يفيض فى القلب قصيدة حب وصلاة مقبولة يفرح بها الله . ( 6 ) أنا أغلف الشفتين : حاول موسى أن يعتذر للرب قائلا " كيف يسمعنى فرعون وأنا أغلف الشفتين ؟! " ( 6 : 2 ، 30 ) . لكن تأكيدات الرب له " أنا الرب " ... أنا أخلص ... ما أجمل أن يشعر الإنسان بضعفه الروحى وخطاياه كسر فشل لخدمته ، فيقول " أنا أغلف الشفتين " ... ليست فيهما قداسة لتعمل كلماتى بسلطان ضد إبليس ، أو كما يقول نحميا حين سمع عن أخبار الخدمة المحزنة " أنا وبيت أبى قد أخطأنا " ( نح 1 : 6 ) . لم يلم الظروف ولا الآخرين ولا نسب لله أنه قد نسى أولاده بل ألقى باللوم على نفسه هو وبيت أبيه لأنهم أخطأوا . لقد ادرك موسى مفهوم الختان والغرلة على مستوى روحى داخلى ، لذا حسب شفتيه فى حاجة إلى ختان داخلى ... وجاء بعده أرميا يتحدث عن ختان القلب الخفى ( أر 4 : 4 ) وختان الأذن ( أر 6 : 4 ) ، وتحدث معلمنا بولس الرسول فى أكثر وضوح عن الحاجة إلى الختان الروحى فى المعمودية ، حيث يخلع المؤمن أعمال الإنسان القديم ليحمل جدة الحياة ويكون على صورة خالقه . + + + الضربات العشر تتحدث هذه الأصحاحات الأربعة ( 7 – 10 ) عن التسع ضربات الأولى بينما تحدث الأصحاحان ( 11 ، 12 ) عن الضربة الأخيرة التى إرتبطت بخروف الفصح ( 1 ) مقدمة للضربات : قبل أن يبدأ الله بالضربات أكد لموسى عدة حقائق : أ – أنا جعلتك إلها لفرعون ( ع 1 ) ، أى جعلتك سيدا عليه ، فلا تخافه ولا ترهب قسوة قلبه ، وكما يقول القديس باسيليوس : [ يقدم هذا اللقب برهانا على نوع من السلطان فى التدبير أو فى العمل ] . فالمؤمن يحذر من إبليس لكنه يؤمن بسلطان عليه كقول الرب : " ها أنا اعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شىء " لو 10 : 19 . وكما يؤكد القديس يوحنا الذهبى الفم فى أكثر من مقال أنه ليس للشيطان سلطان علينا ، إنما يقدم إغراءاته غير الملزمة وحيله وخداعاته لكى نسقط فى فخاخه . ب – " أخوك يكون نبيك " ع 1 ، أى المتكلم عنك . إذ التحمت الوصية ( موسى ) بالعمل الكهنوتى التعبدى ( هرون ) ، صارت العبادة معلنة للوصية وكاشفة عنها . هذا هو إيماننا أن عبادتنا الليتورجية ليست منفصلة عن إنجيلنا ، بل عاملة به وكارزة ، يستطيع الأمى والطفل أن يدركا الأسرار الأنجيلية خلال بساطة الطقس وروحانيته ويقدر المتعلم والناضج أن يجد أعماق المفاهيم اللاهوتية الأنجيلية فيه . جـ - غاية الضربات : " يعرف المصريون إنى أنا الرب " ع 5 ، أى يبدد ظلمة الجهل التى طمست عينى الإنسان فى شره . بمعنى آخر ، لم يهدف الله بها إلى إلقاء الرعب فى قلوب الحاضرين ، إنما أراد أن تكون سندا للخلاص . د – إستدعى فرعون ساحرين : ذكر القديس بولس الرسول إسميهما " مينيس ويمبريس " 2 تيموثاوس 3 : 8 ، عن التقليد اليهودى . قام هذان الساحران بمقاومة موسى وهرون ليس بإلقاء الرعب والتهديد كما فعل فرعون وإنما خلال حرب خطيرة هى حرب التمويه بين الحق والباطل ، عمل الله وعمل إبليس ، فحاولا أن يفعلا ما يفعلانه موسى وهرون لكنهما فشلا ، إذ يقول الكتاب : - " عصا هرون ابتلعت عصيهم " ع 12 - " فعل كذلك العرافون بسحرهم ليخرجوا البعوض فلم يستطيعوا ... فقال العرافون لفرعون هذا أصبع الله " 8 : 18 ، 19 . - لم يستطع العرافون أن يقفوا أمام موسى من أجل الدمامل ، لأن الدمامل كانت فى العرافين وفى كل المصريين " 9 : 12 . بمعنى آخر ، إن كان السحرة حاولوا الخداع بإبراز بعض أعمال تحمل صورة ما فعله موسى وهرون ، وذلك بفعل السحر ، لكنهم كانوا فى ضعف ، وسقط الساحران تحت الضربات كغيرهما ، ولم يكونا قادرين على إبطال الضربات أو إنقاذ فرعون وجنوده ... واضطرا أن يعترفا بقوة " أصبع اللــه " . فى دراستنا لسفر الرؤيا رأينا حربا مشابهة ، فكما يعلن الثالوث القدوس أعماله مع الإنسان يحاول الثالوث الدنس " الدجال والوحش البرى والوحش البحرى " أن يخدعوا البشر ، بل وأحيانا يقدمون أعمالا تبدو كما لو كانت تشبه أعمال الثالوث القدوس ، مثل عمل المعجزات بفعل شيطانى . هـ - العصا التى كانت فى يد موسى النبى دعيت " غصا الله " 4 : 20 ، " عصا هرون " 7 : 22 ، " عصا موسى " 10 : 13 . هى عصا الخلاص التى تعمل فى حياتنا تشير إلى الإيمان بالصليب الخشبة المحيية ، لذا دعيت عصا الله ، كما تشير للوصية الإلهية أو كلمة الله الكارزة بالصليب ( عصا موسى ) ، وأيضا تشير للحياة التعبدية التىخلالها ندخل فى حياة الشركة مع المصلوب ( عصا هرون ) . وكأن الإيمان يلتحم بالكتاب المقدس والعبادة بفير انفصال . و – العصا بين الناموس والصليب : العصا التى جاء بها موسى إلى مصر هى الناموس الذى يضرب به الضربات العشر ، أى يدين الخطية ويفضحها . وهى أيضا الصليب الذى جرد إبليس من سلطانه وقهر قوته معطيا للمؤمنين قوة الغلبة والخلاص . ( 2 ) تحويل الماء دما : يلاحظ فى الضربات العشر أن الله كان يوجهها ضد آلهة المصريين نفسها ليكشف ضعفها ، إذ يقول " وأصنع أحكاما بكل آلهة المصريين أنا الرب " 12 : 12 . فتحويل مياة النيل إلى دم دنس أوقع المصريين فى حيرة إذ رأوا معبودهم قد صار دنسا ! ومن جهة أخرى كشف لهم أن فكرهم كله جسدانى ، يرون كل شىء حسب اللحم والدم وليس بمنظار روحى . لقد طلب الرب من موسى أن يذهب إلى فرعون فى الصباح ( ع 15 ) ، لأن حربنا مع عدو الخير تبدأ مع صباح حياتنا الروحية وبدء إنطلاقها . كما طلب منه أن يلتقى به على حافة النهر ، يخرج إليه عند المياة ( ع 15 ) ، وكأن ذلك إعلان للمؤمن أن يلتقى مع صاحب الفلسفات بذات فلسفاتهم ، فلا تخاف الكنيسة من دراسة العلوم الفلسفية ، واشترط أن يأخذ العصا التى تحولت إلى حية فى يده ، فلا إمكانية للغلبة على الشر بدون الصليب واهب النصرة . أما النتيجة فهى : " يكون دم فى كل أرض مصر فى الأخشاب وفى الأحجار " ع 19 . فإن كان الأرض قد صار " أرض مصر " أى محبا للعالم ، فإن الدم يدخل إليه ليقدسه ، والحجارة الجامدة تتحول إلى حياة " أولاد لإبراهيم " ، كقول السيد المسيح نفسه " إن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ " ! . ويلاحظ أن الماء لم يصر دما للعبرانيين ، وكأنهم وهم كغرباء لا يتأثرون بشرور المصريين . ( 3 ) ضربة الضفادع : كانت الضفادع مفرزة للإله أوزوريس ، ومن مزامعهم أن إنتفاخها علامة وحى إلهى ، فسمح الله أن تفيض عليهم وتصير ضربة كبرى بالنسبة لهم . إن كان فرعون قد ألزم الشعب بالعمل فى الطين فقد ناله تأديب قاسى أن تقفز الضفادع من الطين بشكلها القبيح ورائحتها غير المقبولة وصوتها المزعج لتدخل إلى بيته وتقتحم مائدته وسريره ومخازنه السرية ، فتتحول حياته طينا ووحلا ! بالكيل الذى كال به كيل له وازداد . ( 4 ) ضربة البعوض : كان الكهنة يهتمون جدا بالنظافة ويحترسون من التدنس بالبعوض والقمل ، فضربوا بالبعوض ، الأمر الذى فشل السحرة أن يخرجوه فاعترفوا أمام فرعون قائلين : " هذا أصبع الله " ع 19 . نقرأ أن الناموس قد كتب بأصبع الله ، وأعطى خلال موسى خادمه الطوباوى ، هنا يفهم الكثيرون أصبع الله أنه الروح القدس . بسبب كبريائنا يسمح الله للمخلوقات الصغيرة جدا والمزدرى بها أن تعذبنا ما دام الإنسان متكبرا على الله ومتعجرفا .. ( 5 ) ضربة الذباب : كان المصريون يعبدون آلهة تقوم بطرد الذباب ... فأراد الله أن يكشف عن عجز آلهتهم . ( 6 ) ضربة الوباء الذى أصاب المواشى : كان المصريون يعتقدون بالقداسة فى بعض الحيوانات ولا سيما العجل أبيس الذى يحسبون أن فيه روح إلههم أوزوريس . فبضربة الحيوانات يدرك المصريون خطأ معتقدهم . ( 7 ) ضربة البثور : كان للمصريين آلهة كثيرة يقدمون لها أناسا أحياء ، قيل أنهم كانوا يحرقون بعض العبرانيين على مذبح عال ويدرون رمادهم فى الهواء لكى تنزل مع كل ذرة بركة ، لذلك أخذ موسى رمادا من التنور وذراه فنشرته الرياح ونزل على الكهنة والشعب والحيوانات بالقروح والدمامل ، حتى لم يستطع السحرة أن يقفوا أمام موسى من أجل الدمامل ( ع 11 ) . كأن الله أراد أن يعلن أنه إن كان قد طال أناته عليهم لكنه يستطيع أن يخلص هؤلاء الذين يحرقونهم بلا ذنب . ( 8 ) ضربة الرعد والبرد والنار : كانت هذه الضربة شديدة إذ لم يعتد المصريون على البرد القارص وهذا الجو العنيف . وقد رأينا أن أصوات الرعد كانت تشير إلى إعلانات الله وإنذاراته ، والبرد يشير إلى قتل الزرع الرخيص ( العشب ) الذى أقامه العدو فى القلب ، والنار تحرق الأشواك الخانقة للنفس ليلتهب القلب بمحبة الله . ( 9 ) ضربة الجراد : الجراد مفسد للزرع ومجلب للقحط ، إذ يبيد كل نبات أخضر ، فكانت الضربة تشير إلى عجز آلهتهم عن إعالتهم حتى جسديا . ( 10 ) ضربة الظلام : كان المصريون يعبدون الإله رع أى الشمس ، كأن هذه الضربة قد وجهت ضد هذا الإله . وفى نفس الوقت كشفت لهم عن عمى بصيرتهم الداخلية ، وأعلنت عن حاجتهم لمجىء شمس البر الذى يشرق على الجالسين فى الظلمة . وقد بقى الظلام ثلاثة أيام ، لعل ذلك إشارة إلى انتظار النفس للدخول فى نور قيامة السيد المسيح . موقف فرعون من الضربات : حاول فرعون أمام هذه الضربات أن يدخل فى مفاوضات مع موسى وهرون مقدما أنصاف حلول غير مجدية ، وإذ أصر موسى وهرون على موقفهما قال " أطلقكم لتذبحوا للرب إلهكم فى البرية ، ولكن لا تذهبوا بعيدا . صليا لأجلى " ( 8 : 28 ) . تظاهر بالورع والحاجة إلى صلاتهما ، لكنه لا يريدهما أن يسيرا الثلاثة أيام كاملة ، أى لا يتمتع الشعب بقوة القيامة مع السيد المسيح المخلص . - إذ اشتدت الضيقة سمح لهم بالخروج كما يريدون ( أى يسيرون ثلاثة أيام ) ، لكنه قال " إذهبوا أنتم الرجال واعبدوا الرب لأنكم هكذا طالبون " ( 10 : 10 ) . مشترطا أن يتركوا نساءهم وأولادهم ومواشيهم . يسمح لنا العدو أن نتعبد لله لكن بدون نسائنا أى أجسادنا ، لأن الزوجة إنما تشير للجسد ، كقول الرسول للرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم ،... ولا يكون لهم أولاد أى ثمار الروح ، وبدون المواشى أى تقديس الحواس والعواطف . أنه يريد العبادة منفصلة عن كل حياة الإنسان العملية حتى عن تقديس جسده وعواطفه . - وأخيرا ، سمح لهم أن يخرجوا بنسائهم وأولادهم " غير أن غنمكم وبقركم تبقى " 10 : 24 . وكانت إجابة موسى النبى ؛ عبارته الخالدة : " لا يبـقى ظــلــف " موسى النبى الذى رأيناه يحاول أن يستعفى من الخدمة فى حواره مع الرب على جبل سيناء ، خوفا من فرعون ، وقد إمتلأ الآن بقوة روحية يعلن فى شجاعة تامة أمام فرعون : لا يبقى ظلف !! + + + |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
![]() |
![]() تأملات رائعة
شكرا جدا |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() شكرا للمرور
ربنا يباركك |
||||
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|