|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التَّجَسُّد الإِلهِي بِنِعْمِة رَبِّنَا سَوْفَ نَتَكَلَّمْ عَنْ مَوْضُوع هَام وَهُوَ التَّجَسُّد الإِلهِي .. وَسَنَتَحَدَّث فِي ثَلاَث نِقَاط وَهُمْ :- 1- الفَرْق بَيْنَ التَّجَسُّد وَالمِيلاَد :- إِنَّ الكِنِيسَة تُحِبْ كَلِمَة " تَجَسَد " أكْثَر مِنْ كَلِمَة " إِتْوَلَد " فَلِهذَا تُسَمِّي الكِنِيسَة هذَا العِيد بِعِيد التَّجَسُد الإِلهِي أكْثَر مَا تُسَمِّيه بِعِيد المِيلاَدٌ وَهُنَاك فَرْق جَوْهَرِي بَيْنَ التَّجَسُّد وَالمِيلاَد فَالتَّجَسُّد مَعْنَاه أنَّ الله أخَذَ جَسَد وَأنَّهُ كَانَ مَوْجُوداً أي أنَّهُ أخَذَ شَكْل جَسَد فَظَهَر بِالتَّجَسُّد أمَّا المِيلاَد يُعَبِّر عَنْ بِدَايَة يُعَبِّر أنَّ هذَا الإِنْسَان قَدْ بَدَأَ الآنْ وَعِنْدَمَا يُولَدٌ أحَدٌ مِنْ أوْلاَدْنَا لاَ نَقُول عِيد تَجَسُّدُه بَلْ عِيد مِيلاَدُه فَالتَّجَسُد يَعْنِي أنَّهُ كَانَ مَوْجُودٌ وَلكِنُّه أخَذَ جَسَد فَلأِنَّهُ كَانَ مَوْجُودٌ فَلَهُ بِدَايَة أزَلِيَّة وَلكِنْ هذِهِ بِدَايَتُه الزَّمَنِيَّة وَلَيْسَ مِنْ طَبِيعَتُه أنْ يَأخُذ جَسَد فَهُوَ إِله وَلكِنْ مِنْ أجْل فِدَاء الإِنْسَان أخَذَ جَسَد فَأرَادَ الله أنْ يَكُون مِثْل الإِنْسَان أرَادَ أنْ يَكُون لَهُ لَحْم وَدَم وَمَوْلُود مِنْ إِمْرَأة مِثْل الإِنْسَان وَمِنْ المَعْرُوف عِلْمِياً أنَّ الجَنِين يَتَكَوَن بِذْرَة مِنْ الرَّجُل وَبِذْرَة مِنْ الأُم وَيَتَحِدُوا مَعَ بَعْض وَلكِنْ جِسْم الجَنِين نَفْسُه يَتَكَوَن مِنْ جِسْم الأُم وَالله قَصَدْ أنْ يَأتِي مِنْ جَسَد السَيِّدَة العَذْرَاء فَالرُّوح القُدُس طَهَّرْهَا وَهَيَّأ جَسَدَهَا حَتَّى عِنْدَمَا يَأخُذ الله جَسَداً يَأخُذ جَسَد بِلاَ خَطِيَّة فَالعَالَمْ كُلُّه يَشْهَدٌ أنَّ طَرِيقَة تَجَسُّد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح طَرِيقَة مُعْجِزِيَّة وَلَيْسَ مِيلاَد إِتِحَاد رَجُل بِإِمْرَأة بَلْ إِمْرَأة فَقَطْ وَلكِنْ لِمَاذَا قَصَدَ الله أنْ لاَ يَكُون لَهُ أب ؟ وَذلِك لأِنَّ الله يَحْتَاج إِلَى جَسَد وَلاَ يَحْتَاج لِوُجُود فَالوُجُودٌ يَعْنِي أنَّهُ مُحْتَاج لِرَجُل أي لِبِذْرَة يُوْجَد بِهَا وَلِهذَا لَمْ يَأتِي الله مِنْ أب بِالرَّغْم مِنْ وُجُود رِجَال أتْقِيَاء فَهُوَ أصْلاً مَوْجُود وَلاَ يَحْتَاج لأب لأِنَّهُ أصْل الأُبُّوَة وَأصْل ذُرِّيِة دَاوُد كَائِنْ مُنْذُ الأزَل وَلِهذَا فَالله تَجَسَد بِهذِهِ الطَّرِيقَة المُعْجِزِيَّة وَعِنْدَمَا نُصَلِّي القُدَّاس يَقُول الكَاهِن ﴿ تَجَسَدَ وَتَأنَّس﴾ . وَلِكَيْ يَأخُذ جَسَد دَخَل إِلَى بَطْن السَيِّدَة العَذْرَاء فَالبِذْرَة بِذْرَة إِلهِيَّة مِنْ الرُّوح القُدُس .. ثُمَّ أخَذَ الصِفَات الَّتِي يَحْتَاجْهَا مِنْ السَيِّدَة العَذْرَاء وَبَدَأَ يُكَوِن نَفْسُه بِالوَضْع المِيرَاثِي فَهُوَ الخَالِق وَلِهذَا كُلَّ مَنْ رَأى السَيِّد الْمَسِيح شَهَدٌ أنَّهُ أبْرَع جَمَالاً مِنْ بَنِي البَشَر وَأشْعِيَاء النَّبِي قَبْل مِيلاَد السَيِّد الْمَسِيح بِـ 750 سَنَة قَالَ أنَّهُ يَكُون عَجِيباً ( أش 9 : 6 ) فَمِيلاَدُه عَجِيب مِيلاَد لاَ يُصَدَق مِيلاَد لاَ يَفْحَصُه عَقْل وَنَحْنُ نَقُول فِي القُدَّاس ﴿ غِير المَفْحُوص ﴾ فَلاَبُدْ أنْ نُصَدِّق بِالإِيمَان ﴿ لأِنَّنَا بِالإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِالعِيَانِ ﴾ ( 2كو 5 : 7 ) وَلِهذَا فَنَحْنُ نُؤمِنْ أنَّ هذَا المَوْلُود مَوْلُود إِله فَإِذَا آمَنْ الإِنْسَان أنَّ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح جَاءَ مِنْ غَيْر زَرْع بَشَر فَيَلِيق بِهِ أنْ يُؤمِنْ أنَّهُ إِله وَإِذَا آمَنْ الإِنْسَان أنَّهُ مَوْجُود قَبْل أنْ يُولَد فَعَلَيْهِ أنْ يُؤمِنْ أنَّهُ إِله فَهُوَ أصْل الوُجُود وَلاَ يَحْتَاج لِمَنْ يُوجِدُه وَلِهذَا فَهُوَ تَجَسَد وَلكِنْ جَاءَ وَقْت إِحْتَاج فِيهِ الْمَسِيح لِجَسَد لِيَقْضِي بِهِ مُهِمَّة وَهيَ الفِدَاء فَالله غِير قَابِل لِلمُوت أخَذَ جَسَد قَابِل لِلمُوت لِكَيْ يَمُوت نِيَابَةً عَنَّا وَإِذَا كَانَ أخَذَ جَسَد فَقَطْ وَلَمْ يَكُنْ مُتَحِد بِهِ كَإِله فَكَانَ هذَا الجَسَد مَات وَدُفِنْ فِي القَبْر وَلكِنُّه أخَذَ جَسَد إِلهِي قَابِل لِلمُوت وَغَلَبْ المُوت جَسَد لاَ تَنْطَبِق عَلِيه الصِفَات الجَسَدِيَّة الطَّبِيعِيَّة العَادِيَة فَفِي مِيلاَدُه وَقِيَامَتُه يُعْلِنْ أنَّهُ إِله فَفِي مِيلاَدُه بِطَرِيقِة تَجَسُّدُه العَجِيبَة وَفِي قِيَامَتِهِ بِسُلْطَانُه عَلَى المُوت وَكَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنْ يَأتِي وَيَفْدِينَا بِجَسَد وَلكِنْ هذَا الجَسَد يَمُوت وَيَبْقَى فِي المُوت أي أنَّ الَّذِي جَاءَ لِيُخَلِّصْنَا هُوَ نَفْسُه وَقَعْ تَحْت سُلْطَان العُقُوبَة وَلكِنْ الْمَسِيح جَاءَ يُنْقِذْنَا مِنْ المُوت وَوُضِعْ فِي قَبْضَة المُوت وَلكِنُّه غَلَبْ المُوت أخَذَ جَسَد مِثْل الإِنْسَان ﴿ صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ ﴾ ( في 2 : 7 )﴿ فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأوْلاَدُ فِي الَّلَحْمِ وَالدَّمِ إِشْتَرَكَ هُوَ أيْضاً كَذلِكَ فِيهِمَا لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ المَوْتِ أي إِبْلِيسَ ﴾ ( عب 2 : 14) . 2- عَظَمِة التَجَسُّد :- فَبِتَجَسُّد رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح تَبَارَك الجَسَد﴿ بَارَكْتَ طَبِيعَتِي فِيك ﴾ فَالله قَبَل أنْ يَتَحِد بِالبَشَر وَهذَا مِنْ عِظَمْ مَحَبَّتِهِ فَهذَا السِّر يُدْرَك بِالإِيمَان وَالرُّوح ﴿ لَيْسَ أحَدٌ يَقْدِرُ أنْ يَقُولَ يَسُوعُ رَبٌّ إِلاَّ بِالرُّوحِ القُدُسِ ﴾ ( 1كو 12 : 3 ) ﴿ نَحْنُ لَمْ نَأخُذْ رُوحَ العَالَمِ بَل الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ لِنَعْرِفَ الأشْيَاءَ المَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ ﴾ ( 1كو 2 : 12) فَسِر التَّجَسُد سِر فَرَح وَقُوَّة وَبَهْجَة فَالله صَارَ إِنْسَان فَأي إِنْسَان طَبِيعِي لاَ يَقْبَل مَا لِرُوح الله وَلاَ يُصَدِّق هذِهِ الأُمور أي إِنْسَان يَسْتَوْعِب أنَّ الإِنْسَان يَتَألَّه مِثْل إِنْسَان غَنِي مُمْكِنْ يِعْمِل لِنَفْسُه تِمِثَال ذَهَبْ وَيَأمُر كُلَّ النَّاس أنْ تَسْجُد لَهُ فَأي تَعَالِي يَقْبَلَهُ البَشَر لأِنَّ طَبِيعَة الإِنْسَان فِيهَا التَّعَالِي وَالكِبْرِيَاء وَتُحِبْ الظُهُور .. فَالإِنْسَان يَقْبَل أنْ يَتَألَّه مِثْل مَا حَدَث لِمُعَلِّمْنَا بُولِس وَبِرْنَابَا عِنْدَمَا أقَامَا المُقْعَد فِي لِسْتِرَة فَأرَادَ النَّاس أنْ يَعْبُدُوه لأِنَّهُ عَمَل أمر فَائِق( أع 14 : 8 – 18) فَالإِنْسَان مُمْكِنْ يِسْتَوْعِب التَّألُّه وَلكِنُّه لاَ يَسْتَوْعِب التَّأنُس فَهذَا يُعْتَبَر صَعْب وَيُصْدَم بِعَقْلُه وَفِكْرُه وَيَقُول هذَا غِير مُمْكِنْ وَهذِهِ عَظَمِة إِيمَانَنَا وَمَحَبِّتْنَا لله فَالله قَدْ إِقْتَرَبَ مِنَّا وَصَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا وَافْتَقَدْنَا وَعِنْدَمَا يُقَابِل الإِنْسَان فِكْرِة التَّجَسُّد بِعَقْلُه يُصْدَم وَلكِنْ بِإِيمَانُه يَقْبَل بِفَرَح وَنَجِد أنَّ التَّجَسُّد أُعْلِنَ لأِشْخَاص مُعَيَّنَة مِثْل الرُّعَاة الَّذِينَ قَبَلُوا بِفَرَح فِي حِين أنَّ هِيرُودِس قَبَلَهُ بِانْزِعَاج وَهكَذَا كُلَّ إِنْسَان مُتَكَبِر وَيُحِبْ السُلْطَة وَالعَالَمْ وَالغِنَى لاَ يَقْبَل الْمَسِيح بِسُهُولَة وَيُصْبِح الْمَسِيح مَصْدَر إِزْعَاج بِالنِّسْبَة لَهُ وَكُلَّ إِنْسَان مُتَضِعْ سَاهِر تَقِي وَعَابِد يَشْتَرِك بِفَرَح مَعَ المَلاَئِكَة فَمِنْ المُؤكَد أنَّ الرُّعَاة وَالمَجُوس الَّذِينَ ذَهَبُوا لِرُؤيِة رَبِّنَا يَسُوع فُوجِئُوا بِالمَنْظَر الَّذِي رَأوه فَقَدْ كَانَ فِي خَيَالِهِمْ شَكْل آخَر غِير الَّذِي رَأوه وَلكِنْ مَعَ بَسَاطِة المَنْظَر قَبَلُوه قَبُول الإِيمَان وَلِهذَا فَكَلِمَة " سِر " تُعْنِي شِئ لاَ يُدْرَك إِلاَّ بِالإِيمَان فَرَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح عَاشَ عَلَى الأرْض كَإِنْسَان عَادِي جِدّاً يَأكُل وَيَشْرَب وَيَنَام وَيَجُوع وَيُهَان فَمِنْ المُمْكِنْ أنْ يَقُول أحَدٌ أنَّهُ لَيْسَ الله وَلكِنْ عِنْدَمَا تَرَى أعْمَالُه وَتَقْتَرِب مِنْهُ وَتَرَى كَيْفِيِة مِيلاَدُه وَالنُبُّوَات الَّتِي تَنَبَّأت عَنْهُ مِنْ مِئَات السِنِين وَتَحَقَّقَتْ وَلِهذَا قَالَ السَيِّد الْمَسِيح ﴿ أنْبِيَاء وَأبْرَار كَثِيرِينَ إِشْتَهَوْا أنْ يَرَوْا مَا أنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا وَأنْ يَسْمَعُوا مَا أنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا ﴾ ( مت 13 : 17) وَأيْضاً ﴿ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأِنَّهَا تُبْصِرُ ﴾ ( مت 13 : 16) فَالنُبُّوَات فِي العَهْد القَدِيم تُشِير بِدِقَّة مُتَنَاهِيَة لِكُلَّ مَا فِي شَخْص رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَأنَّهُ سَوْفَ يَأتِي مِنْ سِبْط يَهُوذَا مِنْ نَسْل دَاوُد كُلَّ هذِهِ النُبُّوَات عِنْدَ اليَهُود الَّذِينَ لاَ يَعْتَقِدُوا أبَداً بِالْمَسِيحِيَّة فَاليَهُودِي ضِد الْمَسِيحِي دَائِماً الشَّعْب اليَهُودِي الَّذِي رَفَض الله فَاسْتَبْدَلْهُمْ الله بِأُمُّة أُخْرَى فَفِي سِفْر أشْعِيَاء يَذْكُر ﴿ هَا العَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدٌ ابْناً ﴾ ( أش 7 : 14) وَدَانِيَال يَتَكَلَّمْ عَنْ مِيعَاد مَجِئ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح بَعْد 490 سَنَة مِنْ وَقْت أنْ كُتِبَت النُبُّوَة وَمِيخَا النَّبِي يَقُول ﴿ أمَّا أنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أفْرَاتَةَ وَأنْتِ صَغِيرَةٌ أنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ ﴾( مي 5 : 2 ؛ مت 2 : 6 ) مِيخَا النَّبِي الَّذِي جَاءَ قَبْل الْمَسِيح بِـ 400 سَنَة وَأيْضاً حَزْقِيَال النَّبِي تَنَبَّأ عَنْ طَبِيعَة المِيلاَد وَأنَّهُ مِيلاَد بَتُولِي وَقَالَ أنَّهُ بَاب مُغْلَق دَخَلَ وَخَرَجَ مِنْهُ وَظَلَّ البَاب كَمَا كَانَ بِحَالُه ( حز 44 : 2 ) وَأيْضاً دَاوُد النَّبِي الَّذِي تَحَدَّث عَنْ مُلُوك تَرْشِيش وَالهَدَايَا الَّتِي سَيُقَدِّمُوهَا لِلْمَسِيح ( مز 72 : 10 – 11) وَكَانَ هذَا قَبْل مَجِئ الْمَسِيح بِـ 1000 سَنَة . 3- كَيْفَ نَسْتَقْبِل هذَا العِيد ؟ فَلاَبُدْ أنْ نَسْتَقْبِل الْمَسِيح فِي هذَا العِيد بِكُلَّ سُجُود وَعِبَادَة وَمَخَافَة فَالله قَدْ تَمَّمْ كُلَّ النُبُّوَات وَكُلَّ قَصْدُه فَالإِله صَارَ إِنْسَان فَقَدْ جَاءَ الله حَتَّى يَفْتَقِد جِنْس البَشَر وَقَدِيماً كَانَ الإِله مُحْتَجَبْ لاَ يَرَاه أحَد قَطْ فَكَانَ تَابُوت العَهْد يُوضَعْ دَاخِل قُدْس الأقْدَاس وَكَانَ التَابُوت نَفْسُه مُغَطَّى وَلاَ يَدْخُل يَرَاه إِلاَّ رَئِيسُ الكَهَنَة مَرَّة فِي السَنَة وَعِنْدَمَا يَدْخُل لِكَيْ يُبَخِر لاَ يَرَى التَابُوت فَكَانَ يُقَدِّم بُخُور كَثِير حَتَّى يُصْبِح المَكَان مَلِئ بِالبُخُور وَتُصْبِح الرُؤيَا غِير وَاضِحَة وَعِنْدَ الإِرْتِحَال كَانَ لاَبُدْ أنْ يَكُون التَابُوت مُغَطَّى وَلاَ أحَد يَرَاه وَعِنْدَمَا حَاوَل بَعْض النَّاس الوَثَنِيِينْ أنْ يَرْفَعُوا الغِطَاء مِنْ عَلَى التَابُوت حَتَّى يَرُوه فِي كَانَ يُسَمَّى " بَيْتَشَمْسَ " قُتِلُوا كُلُّهُمْ فِي الحَال ( 1صم 6 : 19) وَلكِنْ كُلَّ هذِهِ الأسْرَار أُعْلِنَت لَنَا فَالإِله وَهُوَ عَلَى الصَّلِيب إِنْشَقَّ حِجَاب الهِيكَل( لو 23 : 45 ) حَتَّى نَرَى التَابُوت فَهُوَ إِقْتَرَبْ مِنَّا حَتَّى نَرَاه وَنَتَلاَمَس مَعَهُ وَهذَا الَّذِي حَدَث فِي التَّجَسُّد صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا لَمْ يُصْبِح غَرِيب عَنَّا أخَذَ كُلَّ مَا فِي الإِنْسَان وَشَارِك الإِنْسَان فِي الحَيَاة وَالإِهْتِمَامَات وَفِي الطَّبِيعَة كَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنْ يَكُون الله مُتَعَالِي وَلكِنُّه جَاءَ وَنَزَل لِيَفْتَقِد الإِنْسَان ﴿ مِنْ أجْلِي أنَا المَرِيض ﴾ وَفِي هذَا العِيد لاَبُدْ أنْ يَكُون لِكُلَّ إِنْسَان وَقْفَة مَعَ الْمَسِيح وَاحْذَر أنْ يَكُون هذَا الأمر غِير مَوْضِع تَفْكِير فَكَّر فِي الإِله الَّذِي أحَبَّك فَكَّر فِي الإِله الَّذِي قَبَلْ أنْ يَلْبِس ضَعْفَك فَكُلَّ مَا يُنْسَبْ لِلْمَسِيح مِنْ أُمور قَدْ تُقَلِّل مِنْ شَأنُه نَحْنُ الَّذِينَ نَتَسَبَّبْ فِيهَا كُلَّ مَا يُنْسَبْ لِلْمَسِيح مِنْ ضَعْف وَجُوع نَحْنُ السَبَبْ فِيه وَتَذَكَّر دَائِماً هذِهِ العِبَارَة * هذَا مِنْ أجْلِي * " وَهذَا نِيَابَةً عَنِّي " فَعِنْدَمَا الْمَسِيح يِحْزَن وَيِبْكِي وَيَجُوع وَيِعْطَش فَتَذَكَر أنَّ هذَا مِنْ أجْلِي فَمِنْ أجْلَك أخَذَ مَشَاعِرَك وَجِسْمَك وَاتْحَد بِك لَيْسَ مُجَرَّدٌ إِتِحَاد نَفْسِي أوْ مَعْنَوِي بَلْ إِتِحَاد حَقِيقِي وَهذَا عَظَمِة التَّجَسُّد فَكَرَامَة لِتَجَسُّدَك يَارَبِّي سَأُحَافِظْ عَلَى جَسَدِي وَكَرَامَة لِجَسَدَك يَارَبِّي الَّذِي لَبَسْتَهُ وَأصْبَح هُوَ جَسَدِي سَأُقَدِّس جَسَدِي وَكَرَامَة لِجَسَدَك الَّذِي جَعَلْتَهُ هَيْكَل لِسُكْنَى الرُّوح سَأُقَدِّس جَسَدِي وَأُقَدِّس جَسَد إِخْوَتِي وَلاَ أشْتَهِي جَسَد وَكَرَامَة لِتَجَسُّدَك يَارَبِّي سَأتَخَلَّى عَنْ كِبْرِيَائِي وَغُرُورِي وَغَطْرَسْتِي وَعَنْ عَجَبِي بِنَفْسِي وَعَنْ كُلَّ مَا يُزَيِنِّي وَأقْبَل أنْ أتَضِعْ كَرَامَةً لإِتِضَاعَك فَالإِله صَارَ إِنْسَان وَنَحْنُ عِنْدَمَا نُصَلِّي القِسْمَة نَقُول ﴿ المِزْوَدٌ حَمَلَكَ كَمِسْكِينٍ وَالخِرَقُ لَفَّتُكَ وَالأذْرُعُ حَمَلَتُكَ وَرُكَبُ البَتُولِ عَظَّمَتُكَ وَالفَمُ قَبَّلُكَ وَاللَبَنُ غَذَّاكَ ﴾( قِسْمِة " أيُّهَا الكَائِن الَّذِي كَانَ " ) فَنَجِد أنَّ إِخْوَتْنَا اليَهُود كَانَ فِي فِكْرُهُمْ أنَّ المَسِيَّا سَوْفَ يَأتِي كَمَلِك وَيُحَرِّرَهُمْ مِنْ الرُومَان وَاليُونَان وَالعُبُودِيَات وَيَفْتَح لَهُمْ مَمَالِك وَيُعْطِيهُمْ كُنُوز وَثَرَوَات وَلكِنَّهُمْ إِتْصَدَمُوا بِالْمَسِيح فَوَجَدُوه مُتَضِع وَبَسِيط وَلَيْسَ مَعَهُ مَال وَلَيْسَ لَهُ سُلْطَان بِالجُيُوش وَلكِنُّه أسَّس مَمْلَكَة رُوحِيَّة وَقَالَ لَهُمْ ﴿ مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا العَالَم ﴾ ( يو 18 : 36 ) فَلاَ تَطْمَع أنْ يَكُون لَك مَمْلَكَة فِي هذَا العَالَمْ وَلاَ تَطْمَع أنْ يَكُون لَك سِيَادَة وَلاَ مَرْكَز لأِنَّ سَيِّدَك لَمْ يَقْبَل أنْ يَأخُذْ أي مَكَانَة بِالعَكْس أخَذْ مَكَان أحْقَر مِنْ أنْ يَقْبَلُه أضْعَف البَشَر لِكَيْ يُشَارِكْنَا ضَعْفِنَا فَإِذَا قَبَلْنَا هذَا العِيد بِإِيمَان سَيَتَغَيَّر قَلْبِنَا وَفِكْرِنَا وَاهْتِمَامَاتْنَا وَلكِنْ نَحْنُ مَغْمُوسِين فِي شَهَوَات وَفِي الإِهْتِمَامَات الأرْضِيَّة مَغْرُوسِين فِي أُمور لاَ يَقْبَلْهَا الله لأِنَّهُ يُرِيدْ أنْ نَعِيش بِحَسَبُه فَالله تَجَسَد حَتَّى نَرَاه﴿ تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ ﴾ ( 1بط 2 : 21 ) وَتَرَى كَيْفَ عَاش الْمَسِيح وَكَيْفَ إِتْهَان وَقَبَلْ الإِهَانَة فَكَيْفَ لاَ تَقْبَل أنْتَ الإِهَانَة ؟ وَكَيْفَ ظُلِم الْمَسِيح وَأنْتَ لاَ تَقْبَل الظُلْم ؟!! فَالْمَسِيح عَاش بَسِيط وَأنْتَ تُرِيدْ أنْ تَعِيش فِي مَمْلَكِة وَالْمَسِيح عَاش مُحِبْ لِلكُلَّ حَتَّى أعْدَائُه وَأنْتَ تُغْلِق قَلْبَك وَتَخْتَار النَّاس فَافْتَح قَلْبَك لِلْمَسِيح لأِنَّهُ جَاءَ لِيُغَيِّر طَبْعَك وَأي مَرَّة تُوضَعْ فِي إِخْتِبَار صَعْب أُنْظُر إِلَى رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَهُوَ الَّذِي سَيَحِل لَك المُشْكِلَة وَعِنْدَمَا تُظْلَم أُنْظُر إِلِيه ﴿ لَيْسَ عَبْدٌ أعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ ﴾ ( يو 13 : 16) فَرَبِّنَا يَسُوع جَاءَ لِيُؤسِّس حَيَاة وَيُؤسِّس مَلَكُوت وَطَرِيق لِلتُوبَة لَنَا وَمِنْ أفْرَاح التَّجَسُّد أنَّ هذَا الجَسَد الضَعِيف هُوَ الجَسَد الَّذِي سَوْفَ نَدْخُل بِهِ إِلَى السَّمَاء بِنَفْس شَكْل أجْسَادْنَا فَالْمَسِيح دَخَلْ إِلَى السَّمَاء وَجَلَس عَلَى العَرْش كَسَابِق مِنْ أجْلِنَا بِنَفْس مَلاَمِح تَجَسُّدِهِ وَكَرَامَة لأِجْسَادْنَا سَنَدْخُلْ بِنَفْس هَيْئِة الجَسَد وَلَيْسَ بِنَفْس طَبِيعْتُه وَكَانَ قَدِيماً يَقُول النَّاس لله ﴿ يَا جَالِساً عَلَى الكَرُوبِيم أشْرِقْ قُدَّامَ أفْرَايِم وَبِنْيَامِينَ وَمَنَسَّى ﴾ ( مز 80 : 1 – 2 )﴿ لَيْتَكَ تَشُّقُّ السَّموَاتِ وَتَنْزِلُ ﴾ ( أش 64 : 1) فَفِي عِيد التَّجَسُد تَحَقَّق هذَا وَالجَالِس عَلَى الشَارُوبِيم ظَهَر قُدَّام أفْرَايِم وَمَنَسَّى النَسْل المَحْبُوب لله وَشَقَّ السَّمَاء وَظَهَر وَنَزَل حَتَّى يَجُول فِي وَسَطْنَا فَهُوَ حَلَّ بَيْنَنَا وَسَكَنْ مَعَنَا وَكَلِمَة " حَلَّ " فِي التَرْجَمَة اليُونَانِيَّة تَعْنِي " أنَّهُ نَصَبَ خَيْمَتُه وَسَيَظَلْ مَعَنَا كَمَا وَعَدْنَا "﴿ هَا أنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ ﴾ ( مت 28 : 20 ) رَبِّنَا يُعْطِينَا بَرَكِة هذَا التَجَسُد المَجِيد فِي حَيَاتْنَا وَنَخْتَبِر وُجُودُه فِي حَيَاتْنَا وَنَخْتَبِر وُجُودُه فِي أجْسَادْنَا وَنُكْرِم أجْسَادْنَا وَأنْ نَحْيَا فِي إِتِضَاع وَأنْ نُشَارِكُه فِي كُلَّ أيَّام حَيَاتُه عَلَى الأرْض رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الفَرْق بَيْنَ التَّجَسُّد وَالمِيلاَد |
اِتبَع التَوجِيَهَ الإِلهِي |