منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 01 - 03 - 2023, 12:11 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,345

الحزن ومشيئة الله


الحزن ومشيئة الله

يوسف وأبناء يعقوب





مضى النَّبي يَعقوب أربَعَة عشَر سَنة من حَياتِه في العَمَل الدَّؤوب من أجل أن يَحصُل على “راحيل” الفَتاة التي أحَبَّها من النَّظرة الأولى وأُغرِمَ بِها، ثُمَّ تَزَوَّجَها أخيراً فأنجَبَت لَهُ وَلَدَين، لكِنَّها ما لَبِثَت أن فارَقَت الحَياة عندَ وِلادَتها بِطِفلِها الثَّاني، فماتَت تارِكَةً وراءَها يوسف وبنيامين. وقَد حَزِنَ عليها يَعقوب جِدّاً على الرَّغم من أنَّهُ كانَ لدَيهِ العَديد من الزَّوجات والأولاد، لكنَّ حُبَّهُ لِراحيل كانَ أكبَر من حُبِّهِ لِزَوجاتِهِ الأُخرَيات، فبَدَأَ يُعامِل يوسف “اِبنهُ من راحيل” مُعامَلة خاصَّة عن بَقِيَّة إخوَتِه.

يوسف، وما أدراكُم من هو يوسف! ذاكَ الفَتى الجَميل الذي يُضرَب المَثَل في جَمالِهِ ووَسامَتِه، الفَتى الطَّائِع لِوالِدِهِ والمُحِبّ لإخوَتِهِ والمُتَمَيِّز في كُل شَيء. ليسَ هذا فقَط بَل أيضاً كانَ تَمَيُّزَهُ بأنَّهُ يَرى أحلاماً ورُؤَى خاصَّة بشَكل دائِم ويُخبِر والِدهُ بِها، مِمَّا كانَ يؤكِّد ليَعقوب بأنَّ هذا الفَتى سَيَكون لَهُ شَأنٌ عَظيم في المُستَقبَل. ورُبَّما كانَت هذهِ الصِّفات عَوامِل إضافِيَّة لِغيرَة إخوَة يوسف مِنهُ وكُرهِهِم لَهُ. ولكن العامِل الأهَمّ لِغيرَتِهِم وحِقدِهِم عليهِ كانَ حُبّ والِدهم الشَّديد لَهُ واهتِمامِهِ الزَّائِد بِهِ أكثَر من إخوَتِه. ولا شَكّ في أنَّ مَوت راحيل كانَ سَبَباً رَئيسِيّاً لِيَعقوب حَتَّى يُدَلِّل يوسف بِشَكل مُضاعَف ويُعَوِّضهُ عن فقدان الأُم، فَصَنَعَ لَهُ قَميصاً مُلَوَّناً وألبَسَهُ إيَّاه.

وَكَانَ إِسْرَائِيلُ يُحِبُّ يُوسُفَ أَكْثَرَ مِنْ بَقِيَّةِ إِخْوَتِهِ، لأَنَّهُ كَانَ ابْنَ شَيْخُوخَتِهِ، فَصَنَعَ لَهُ قَمِيصاً مُلَوَّناً. وَلَمَّا رَأَى إِخْوَتُهُ أَنَّ أَبَاهُمْ يُحِبُّهُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ كَرِهُوهُ وَأَسَاءُوا إِلَيْهِ بِكَلاَمِهِمْ. (سِفر التَّكوين 3:37-4)

هذا الأمر جَعَلَ الصِّراع بينَ يوسف وإخوَتَهُ على أشُدِّهِ، إذ كانَت مَرارَة الغيرة والحَسَد تَتمَلَّكهُم حتَّى أنَّها أعمَت بَصيرَتهُم فَتآمَروا على أخيهِم ورَموهُ في البِئر ثُمَّ قَرَّروا أن يُتاجِروا بهِ فأخرَجوهُ من البِئر وباعوهُ كَعَبدٍ لِتُجَّار إسماعيلِيِّين مُقابِل 20 قطعة من الفِضَّة، وذَهَبوا إلى أبيهِم قائِلينَ لَهُ أنَّ وَحشاً قَد افتَرَسَ أخاهُم في الطَّريق، مِمَّا أحزَنَ أباهُم حُزناً شَديداً وأزهَدَهُ في دُنياهُ حَسرَةً على ابنِه.



عدم تخلي الله عن يوسف


وأرادَ الله أن تَطَأ قَدَمَي يوسف بَلاط أحَد المَسؤولين الكِبار في مصر فابتَدَأ يَخدِم عِندَهُ. وكان الرَّبُّ مع يوسف ولم يَترُكهُ فكانَ رجُلاً ناجِحاً في كُل ما تَصنَع يَداه.

وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ، فَأَفْلَحَ فِي أَعْمَالِهِ، وَأَقَامَ فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ الْمِصْرِيِّ. وَرَأَى مَوْلاَهُ أَنَّ الرَّبَّ مَعَهُ وَأَنَّهُ يُكَلِّلُ كُلَّ مَا تَصْنَعُهُ يَدَاهُ بِالنَّجَاحِ، فَحَظِيَ يُوسُفُ بِرِضَى سَيِّدِهِ، فَجَعَلَهُ وَكِيلاً عَلَى بَيْتِهِ وَوَلَّاهُ عَلَى كُلِّ مَالَهُ. (سِفر التَّكوين 2:39-4)

كانَ يوسف أميناً مع الله في كُل شَيء، لكِنَّهُ تَعَرَّضَ للإغواء من زَوجَة سَيِّدِهِ لأكثَر من مَرَّة، حتَّى وَصَلَ بِها الأمر بالطَّلَب مِنهُ أن يَضطَجِع مَعَها، فأمسَكَتهُ من ثِيابِهِ لكِنَّهُ هَرَبَ مِنها تارِكاً رِداءَهُ في يَدِها بعدَ أن خَلَعَتهُ عَنه، وكَحَرَكة استِباقِيَّة مِنها ولكي تَنتَقِم مِنهُ وتُبرِئ نَفسها، اتَّهَمَتهُ أمامَ زَوجِها وأمامَ الجَميع بأنَّهُ تَحَرَّشَ بِها. ومن سَيُصَدِّق العَبد الغَريب ويُكَذِّب زَوجَة السَّيِّد المصرِيّ؟ لذلك زُجَّ يوسف في السِّجن لِعِدَّة سَنَوات بِسَبَب تُهمة بَشِعة هو بَريءٌ مِنها أصلاً.



كانَ يوسف أميناً مع الله في كُل شَيء


على الرَّغم من أنَّ يوسف ذاقَ الأمَرَّين في حَياتِهِ، إلَّا أنَّ مُخَطَّط الله كانَ أن يستَخدِم أحزان يوسف الوَقتِيَّة ويُحَوِّلها إلى بَرَكات عَظيمة. لذلك بارَكَهُ الرَّب بِمَوهِبَة تَفسير الأحلام التي كانَت سَبَباً في إخراج يوسف من السِّجن عندما وَصَلَ خَبَرَهُ إلى فرعون مصر الذي لم يَجِد من يُفَسِّر لَهُ أحلامهُ التي أرَّقَتهُ لِلَيالٍ عَديدة، فَفَسَّرَها لَهُ يوسف. وهي أنَّ سَبع سَنَوات من المَجاعة سَوفَ تَتَعَرَّض لها البِلاد بعدَ الوَفرة التي سَيَعيشونَ فيها لِسَبعِ سِنين أيضاً. وأعطى الله نِعمَةً ليوسف في عَينَي فرعون، فَأكرَمَهُ ووَلَّاهُ مَسؤولِيَّة إدارَة هذهِ الأزَمة ورَفَّعَ مَرتَبَتَهُ في البِلاد ليُصبِح بذلك يوسف هو ثاني رَجُل في مصر بعدَ فرعون.


تحويل اللعنة إلى بركة


وَصَلَ هَول المَجاعة لأرض كَنعان فَما كانَ من أبناء يَعقوب “إخوَة يوسف” إلَّا أن يَمثُلوا أمامَ يوسف نَفسَهُ طالِبينَ القَمح والحِنطة مِنهُ دونَ أن يَعرِفوه. تَبَدَّلَت الأحوال، والفَتى الذي كانَ تحتَ رَحمَة إخوَتِهِ أصبَحَ رَجُلاً عَظيماً وأصبَحوا هُم الآن تحتَ رَحمَتِه. لكِنَّهُ كانَ رَحيماً بِهِم فأعطاهُم ما أرادوا بعدَ أن أشعَرَهُم بقيمَة الأُخُوَّة، ليُعلِنَ لَهُم في النِّهاية أنَّهُ هو يوسف أخاهُم الذي رَموهُ في البِئر وباعوهُ عَبداً إلى مصر.

فقالَ لَهُم: “أَنْتُمْ نَوَيْتُمْ لِي شَرّاً، وَلَكِنَّ اللهَ قَصَدَ بِالشَّرِّ خَيْراً، لِيُنْجِزَ مَا تَمَّ الْيَوْمَ، لإِحْيَاءِ شَعْبٍ كَثِيرٍ.” (سِفر التَّكوين 20:50)

حَوَّلَ الله اللَّعنة إلى بَرَكة في حَياة يوسف، فاستَخدَمَ الله صُعوبات يوسف وتَشَرُّدِهِ وحُزنِهِ ودُموعهِ وحَوَّلَها إلى فَرَح ورَجاء وإحياء شَعبٍ كَثير. قَد تَكون ظُروفك صَعبة وأيَّامك حَزينة، ورُبَّما تَخَلَّى عنكَ الأهل وأقرَب النَّاس، لكن ضَع ثِقَتَكَ في الرَّبِّ إلهك واتَّكِل عليهِ وسَلِّم حَياتك لَهُ بشَكل كامِل، كُن أميناً مع الله مِثلَ يوسف وتأكَّد من أنَّ مَشيئَتَهُ صالِحة دَوماً، فأنتَ لا تَعرِف كيفَ سيَستَخدِم الأحداث المُؤلِمة لِخَيرِك، وكيفَ سَيُحَوِّلها إلى بَرَكات عَظيمة لكَ وللآخَرينَ من حَولِك.

حَوَّلَ الله اللَّعنة إلى بَرَكة في حَياة يوسف
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الشر ومشيئة الله
أيوب ومشيئة الله
مرض ومشيئة الله
عيشوا حسب وصايا ومشيئة الله
هل صلاة الإنسان تغير إرادة ومشيئة الله؟؟


الساعة الآن 01:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024