|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النمو في المسيح إنَّ النُّموّ في المسيح هو أمر أساسي لكُل مؤمِن اختَبَرَ الوِلادة الجَديدة. فالنُّموّ هو الوَضع الطَّبيعي الذي يَتَوَقَّعهُ الرَّب مِنَّا كَبَشر، لأنَّ الطِّفل الذي لا يَنمو فذلك يَعني أنَّ لدَيهِ خَلَل أو مُشكِلة ما بِحاجة لتَدَخُّل طِبّي، كذلك المؤمِن الذي لا يَنمو هو بِحاجة للمُساعَدة الرُّوحِيَّة لأنَّ النُّموّ هو ضَرورة في حَياة الإيمان. النُّموّ في المَسيح كتَعريف بَسيط هو أن تَصير حَياتنا شَيئاً فَشَيئاً تُشابِه حَياة المَسيح وتَتوافَق مع تَعاليمه، نُسَمِّي ذلكَ أيضاً “النُّموّ على صورَة المَسيح” وذلك يَتِمّ مع تَقَدُّمنا في الإيمان، حينَما تُصبِح حَواسنا مُدَرَّبة على فِعل الخَير، وحينَ تُصبِح أفكارنا مُتوافِقة مع تَعاليم الله، وحينَما نَبقى في سَعيٍ مُستَمِرٍّ نحوَ القَداسة. بإمكانِنا تَسمِيَة النُّموّ في المَسيح أيضاً “بالنُّموّ الرُّوحي” لأنَّ الأشياء التي نَنمو بِها هي أُمور روحِيَّة ولها علاقة مُباشرة بِحَياتِنا الإيمانِيَّة. فكَما أنَّ الطِّفل الرَّضيع يتغذَّى على الحَليب “اللَّبَن” ثُمَّ يَنمو شَيئاً فشَيئاً لِيُصبِحَ رَجُلاً ناضِجاً، هكذا يَتَوَقَّع مِنَّا الله أن نَنمو روحِيّاً إذ يُسَمِّي المؤمِنين الجُدد بالأطفال المَولودين حَديثاً، ويُسَمِّي تَعاليمَهُ باللَّبَن الرُّوحي الذي هو أمر أساسي لِتَغذِيَة هذا الطِّفل الجَديد في الإيمان حتَّى يَنمو. “وكَأَطْفَالٍ مَوْلُودِينَ حَدِيثاً، تَشَوَّقُوا إِلَى اللَّبَنِ الرُّوحِيِّ النَّقِيِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ إِلَى أَنْ تَبْلُغُوا النَّجَاةَ” (رِسالة بطرُس الرَّسول الأولى 2:2) يَتَحَدَّث الله مَعنا كأبناءٍ لَهُ، وبِما أنَّهُ يُريد مِنَّا أن نَنمو فهذا يَعني أنَّهُ سيَأتي وَقت ونُبطِل ما هو للطِّفل، لم يَستَطِع كاتِب الرِّسالة إلى العِبرانِيِّين إلَّا أن يُعيد الحَديث عن تَعاليم ومُمارَسات كانَ ينبَغي أنَّها قَد أصبَحَت مَعروفة للمُتَلَقِّين، لكِنَّهُ يُعَلِّل تَكرارهُ لتِلكَ التَّعاليم بالقَول إنَّهُم لا زالوا غَير ناضِجين في الإيمان ويَحتاجون إلى هذا التَّكرار لكي يَتَعَلَّموا: “كَانَ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا الآنَ قَادِرِينَ عَلَى تَعْلِيمِ الآخَرِينَ، بَعْدَمَا مَضَى زَمَانٌ طَوِيلٌ عَلَى اهْتِدَائِكُمْ. وَلَكِنَّكُمْ مَازِلْتُمْ بِحَاجَةٍ إِلَى مَنْ يُعَلِّمُكُمْ حَتَّى الْمَبَادِئَ الأَسَاسِيَّةَ لأَقْوَالِ اللهِ. هَا قَدْ عُدْتُمْ مِنْ جَدِيدٍ تَحْتَاجُونَ إِلَى اللَّبَنِ! فَأَنْتُمْ غَيْرُ قَادِرِينَ عَلَى هَضْمِ الطَّعَامِ الْقَوِيِّ. وَكُلُّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ، يَكُونُ عَدِيمَ الْخِبْرَةِ فِي التَّعْلِيمِ الْقَوِيمِ، لأَنَّهُ مَازَالَ طِفْلاً غَيْرَ نَاضِجٍ. أَمَّا النَّاضِجُونَ رُوحِيّاً، فَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى تَنَاوُلِ الطَّعَامِ الْقَوِيِّ: لأَنَّ حَوَاسَّهُمْ قَدْ تَدَرَّبَتْ، بِالْمُمَارَسَةِ الصَّحِيحَةِ، عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.” (الرِّسالة إلى العِبرانِيِّين 12:5-14) يوَبِّخ الكاتِب قُرَّاءَهُ لِعَدَم نُضجِهِم الرُّوحي، ويُشَبِّه حاجَتهم لِتَعاليم الرَّب من أجل النُّموّ كَحاجَة الطِّفل إلى اللَّبَن “الحَليب”، في حين أنَّ الطَّعام القَوي أي “التَّعاليم المُتَقَدِّمة” هي للبالِغين، وغايَة هذا كُلّه هي أن تُصبِح حَواسهُم مُدَرَّبة على التَّمييز بينَ الخَير والشَّر، فالشَّخص النَّاضِج روحِيّاً هو الذي يَعكِس سُلوك المَسيح للنَّاس من حَولِه، لأنَّ السُّلوك هو الذي يُحَدِّد نُضج الشَّخص من عَدَمِه. والمُشكِلة التي كانَت عند من كُتِبَت لَهُم الرِّسالة أعلاه، هي أنَّهُم عادوا إلى أُسُس العِبادة اليَهودِيَّة التي كانَت قَد أُبطِلَت في العَهد الجَديد لأنَّها كانَت ظِلّاً لَهُ “أي أنَّها أُمور كانَت تُشير إلى ما أتى بهِ العَهد الجَديد ولم تَعُد هُناكَ حاجة لِمُمارَسَتِها”، لذلك احتاجَ الكاتِب أن يُكَلِّمهُم كأطفال في الإيمان، لأنَّ النُّموّ كانَ يَتَطَلَّب مِنهُم مَوقِفاً من العَودة إلى الأركان القَديمة عبرَ فَهمِهِم وإدراكِهِم بأنَّ الغاية الحَقيقِيَّة مِن تِلكَ العِبادة هي أن تَقودهُم للمَسيح. الثِّقة بالرَّب يسوع وبِمَواعيد الله يجِب أن تَظهَر على كُل مؤمِن ناضِج. وعندما اقتَرَبَ المَسيح من مَوعِد مَوتِه، أخبَرَ التَّلاميذ أنَّ لَهُم رَجاء بالقِيامة من الأموات وأنَّهُم سَيَكونون مَعهُ بالمَجد لكِنَّهُم سَيَتَألَّمون على هذهِ الأرض. خبَّرَ يسوع هذهِ الأُمور لتَلاميذِهِ حينَما أصبَحوا جاهِزين لِسَماع هكذا تَعاليم، لأنَّهُ كانَ من الصَّعب جِدّاً عليهِم أن يَتَقَبَّلوا فِكرَة أنَّ المَسيح سَيُغادِرهُم بالجَسَد، لكن يسوع بِكَونِه مُعَلِّماً صالِحاً لم يُعَلِّم تَلاميذه مَفاهيم جَديدة فحَسب بَل صَحَّحَ لَهُم أفكاراً ونَظَرِيَّات مُحَبَّبة لنُفوسِهِم لكِنَّها كانَت خاطِئة، لذلك يتَضَمَّن النُّموّ إبطال ما للطِّفل، لأنّ الإنسان عندما يَنمو يُدرِك أنَّ هُناكَ أُمورٌ كَثيرة كانَ يَظُنّها حَقيقة، لكِنَّها لا تَمُتّ لِلواقِع بِصِلة. يَقول “آر سي سبرول” في هذا الصَّدَد: “تَأتي أوقات في حَياة الأبناء حينَ يَتحَتَّم على الآباء إخبارهم بحَقيقَة الوَضع. فَفي وَقتٍ ما يَنبَغي أن يُفطَم الطِّفل عن عالَم القِصَص الخَيالِيَّة والأساطير… لكن إن أخفَقَ أحَدهُم في إبطال ما للطِّفل فسَيَدخُل مَرحَلَة البُلوغ مُصاباً بإعاقة خَطيرة”¹. أي سَيأتي وَقت وتُبطَل الأُمور الطُّفولِيَّة من أجل إفساح المَجال لِحَقائِق الحَياة بِواقِعِيَّتِها. وكَما يَقول الرَّسول بولُس: “فَلَمَّا كُنْتُ طِفْلاً، كُنْتُ أَتَكَلَّمُ كَالطِّفْلِ، وَأَشْعُرُ كَالطِّفْلِ، وَأُفَكِّرُ كَالطِّفْلِ. وَلَكِنْ، لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً، أَبْطَلْتُ مَا يَخُصُّ الطِّفْلَ.” (رِسالة بولُس الرَّسول الأولى إلى كورِنثوس 11:13) الثِّقة بالرَّب يسوع وبِمَواعيد الله يجِب أن تَظهَر على كُل مؤمِن ناضِج ما الذي يساعدنا على النمو؟ دِراسَة الكِتاب المُقدَّس: لاحَظنا كيفَ أنَّ أحَد رَكائِز النُّموّ في المَسيح هو النُّموّ في المَعرِفة، وليسَ مُجَرَّد تَعَلُّم مَفاهيم لاهوتِيَّة بِغَرَض الفُضول أو لِمُجَرَّد التَّعَلُّم، فهذا لا يؤثِّر على النُّموّ. إنَّما المَطلوب هو أن نَنمو بالمَعرِفة لكي نُدرِك كيفَ يجِب أن نُرضي الله ونَعيش حَياة الطَّاعة الكامِلة. ” لِكَيْ تَسْلُكُوا سُلُوكاً لاَئِقاً بِالرَّبِّ وَمُرْضِياً فِي كُلِّ شَيْءٍ، مُنْتِجِينَ الثَّمَرَ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ وَنَامِينَ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ إِلَى التَّمَامِ” (رِسالة بولُس الرَّسول إلى كولوسّي 10:1) وَرَدَ في كِتاب اللَّاهوت النِّظامي المُصلَح: “الهَدَف الأسمى من دِراسَة اللَّاهوت هو تَمجيد الله، فنحنُ نَسعى إلى مَعرِفَة الله لكي نَعرِف كيفَ يجِب أن نَعبُدهُ بالحَقّ”². الشَّرِكَة الرُّوحِيَّة في الكَنيسة: الاِنتِماء إلى كَنيسة تَعبُد الله بالرُّوح والحَقّ هو الوَضع الطَّبيعي للمؤمِن، ففيها يَتعَلَّم كَلِمَة الرَّب ويَحتَكّ بالأخوة ويَتَشارِك مَعهُم الاِختِبارات الرُّوحِيَّة، كَما أنَّ صَداقَة المؤمِنين سوفَ تَنعَكِس إيجاباً على حَياة المؤمِن نَظَراً لتَأثير الرِّفقة على السُّلوك. وفي الكَنيسة أيضاً يَتعَلَّم المؤمِن كيفَ يَخدُم الرَّب عبرَ خِدمَتِه للآخَرين، ويَكتَشِف المَواهِب المُعطاة لَهُ من الرُّوح القُدُس، ويَسمَع الوَعظ ويُمَجِّد الرَّب بالتَّرنيم، فالكَنيسة أمر أساسي للنُّموّ الرُّوحي بالإضافة إلى أنَّها تُوَفِّر للمؤمِن تَأدِيَة الفَرائِض الكِتابِيَّة المُهِمَّة “كالمَعمودِيَّة والعَشاء الرَّباني”. وَسائِط النِّعمة: لقَد أمَّنَ الله لنا بِنِعمَتِهِ وحِكمَتِه، طُرُقاً يُمكِننا من خِلالها تَقوِيَة إيماننا بوُعودِه. نُسَمِّيها وَسائِط النِّعمة، وهي: الصَّلاة، الكِرازة بالكَلِمة، وفَريضَتا المَعمودِيَّة والعَشاء الرَّباني. فَالكِرازة يُتَمِّم بِها الله مَقاصِدهُ من خِلال المؤمِنين لكي تُحَقِّق كَلِمَة الله غايَتها (إشَعياء 55: 10-11). والصَّلاة هي أكثَر من مُجَرَّد كَلام مع الله فهي تؤسِّس للشَّرِكة الحَقيقِيَّة بينَنا وبينَ الخالِق، وبالتَّالي تُنَمِّينا في الإيمان والخِدمة الفَعَّالة. أمَّا المَعمودِيَّة والعَشاء الرَّباني فإنَّ يسوع لم يَطلُب مِنَّا أن نُمارِسهُما لِمُجَرَّد الذِّكرى فقَط، بَل إنَّ لَهُما دَلالات روحِيَّة ودَور أساسي في نُمُوِّنا نَكتَسِبهُ عندما نُشارِك بالإيمان في هذهِ المَراسيم (1 كورِنثوس 16:10). هذهِ هي وَسائِط النِّعمة وهي فَعَّالة بقوَّة الرُّوح القُدُس للَّذينَ يُمارِسونَها بإيمان. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما الذي يساعدنا على النمو في السيد المسيح؟ |
حياة النمو مع المسيح |
حياة النمو مع المسيح |
اقوال لقداسة البابا شنودة في النمو مع المسيح |
حياة النمو مع المسيح |