|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يقدم لنا القديس أمبروسيوس تفسيرًا رائعًا لهذه العبارة، في حديثه عن تشّبه القديس بولس بالله: * كل من يؤمن يقبله الرب، لكنه يؤدب كل ابن يقبله (عب 6:12). وفي تأديبه له لا يسلمه للموت. لأنه مكتوب: "أدبًا أدبني الرب، وإلى الموت لم يسلمني" (مز 18:118). يعلمنا بولس الرسول ألا نهجر أولئك الذين ارتكبوا خطية للموت، إنما نلزمهم بخبز الدموع (التي للتوبة)، لكن ليكن حزنهم معتدلًا. وهذا هو ما تعنيه عبارة "سقيتهم الدموع بالكيل" (مز5:130). فحزنهم يجب أن يكون بكيلٍ، لئلا يبتلع التائب من فرط الحزن. وذلك كما قال لأهل كورنثوس: "ماذا تريدون أبعصا آتي إليكم أم بالمحبة وروح الوداعة؟!" (1 كو 21:4). إنه يستخدم العصا، لكن بغير قسوة، إذ قيل: "تضربه أنت بعصا، فتنقذ نفسه من الهاوية" (أم 14:23). وماذا يقصد الرسول بالعصا، ظهر عند طعنه خطية الزنا (1 كو 1:5)، منذرًا ضد الفسق بالأقرباء المحرم الزواج بهم، معنفًا كبرياءهم، إذ تكبر هؤلاء الذين كان يلزمهم أن يحزنوا. وأخيرًا في حديثة عن المذنب أمر بعزله عن الجماعة وتسليمه للشيطان، ليس لأجل هلاك نفسه بل لهلاك جسده. وبولس في هذا يقتدي بالله الذي لم يعطِ للشيطان سلطانًا على روح أيوب الطوباوي، بل سمح له بإبلاء جسده (أي 6:2). فبولس سلم الخاطي إلى الشيطان لهلاك الجسد، حتى تلحس الحية تراب جسده (مي 17:7) أما روحه فلا تضرها... وإذا أردنا أن نشرح ما يعنيه بولس الرسول، نتأمل كلماته ذاتها، بأي معنى قال بأن يسلمه إلى الشيطان لهلاك الجسد، لأن الشيطان هو الذي يجربنا، إذ يجلب عللًا وأمراضًا لأجسادنا. فالشيطان ضرب الطوباوي أيوب بقروحٍ مريرةٍ من القدم إلى الرأس، لأنه نال سلطانًا لهلاك جسده، عندما قال له الرب: "ها هو في يدك، ولكن أحفظ نفسه" (أي6:2). هذا أيضًا ما أخذ به الرسول بنفس الكلمات، مسلمًا الزاني إلى الشيطان لهلاك الجسد، لكي تخلص روحه في يوم الرب يسوع (1 كو 5:5). عظيم هو هذا السلطان!! وعظيمة هي هذه العطية، التي بها يهلك الشيطان ذاته بذاته، وذلك بحثه على تجربة الإنسان، إذ يجعله قويًا بالروح بدلًا من أن يكون ضعيفًا. فإذ يضعف جسده تقوى روحه، لأن ضعف الجسد يقاوم الخطية، أما تنعمه فيشعل نار الخطية. لقد خُدع الشيطان، إذ جرح نفسه بضرباته التي وجهها ضد نفسه، محاربًا نفسه بتفكيره في إضعاف الخاطي. هكذا سلح الشيطان أيوب أكثر عندما جرحه. فإذ بلى جسده كله بالقروح، احتمل بالحق ضربة الشيطان دون أن يصيبه شيء من سُمِهِ، وهكذا بحق قيل عنه: "أما لوياثان أفتمسكه بشصٍ... أتلاعبه كالعصفور، وتأسره لعبة لجواريك.. ضع يدك عليه" (أي41: 5). أنظر كيف سخر بولس بالشيطان، فصار كالطفل المذكور في النبوة الذي وضع يده على الحية دون أن تضره. لقد سحبه من خباياه وحول سمه إلى ترياق روحي ضد السموم. محولًا السم دواءً للسم الذي يُستخدم لهلاك الجسد صار علاجًا للروح! إذن لأترك الحية تضرب ما هو أرضي في (جسدي)، أتركها تعض جسدي، وتسبب ازرقاقًا فيه، فسيقول لها البرّ عني: "ها هو في يدك، ولكن احفظ نفسه" (أي 6:2). يا لقدرة الله!! إنه يسلم حفظ نفس الإنسان في يد الشيطان الذي يريد هلاكه...!! فبوصايا السيد جعل الشيطان حافظًا لغنمه، فبغير إرادته صار ينفذ وصايا السماء، وبقسوته يطيع وصايا الوداعة! القديس أمبروسيوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
على التائب أن يكون دقيقا في البعد عن العالميات |
وتعزونه لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط |
لئلا يكون لك أشر |
لولا الحزن مش هتقدري قيمه السعاده |
لا تخطى مرة اخرى لئلا يكون لك اشر (احد المخلع) |